حوار: إيمان عبدالله إن التواصل الإنساني والثقافي بين شعبنا وشعوب العالم يسهم في تقريب المسافات فهو الطريق الأمثل لبناء جسور جديدة بين البشر، مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مؤسس نور دبي تلهم جميع العاملين والمتطوعين والمساهمين في المؤسسة على العطاء والتميز في المساعدة، لتترجم المؤسسة أهدافها، وتحقق النجاح تلو النجاح، ويستفيد أكثر من 23 مليون شخص من خدمات البرنامج وتتغير حياتهم.. وللوقوف على برامج المؤسسة وإنجازاتها وتحدياتها كان لنا هذا الحوار مع الدكتورة منال تريم، عضو مجلس الأمناء والمديرة التنفيذية لمؤسسة نور دبي، التي أكدت أن المخيمات العلاجية تمكنت من فحص 208.069 شخصاً وأجريت 21.468 عملية جراحية، ووزعت 48.957 نظارة طبية للمحتاجين. وتالياً نص الحوار: * قدمت المؤسسة العديد من المبادرات على مستوى العالم لمكافحة العمى، فما أبرز إنجازات المؤسسة على المستوى المحلي؟ المؤسسة لم تكتف بطرح مبادرات على مستوى العالم لمكافحة العمى، بل ساهمت بطرح حملات على مستوى الدولة لزيادة الوعي من خلال فكرة العيادة المتنقلة لتفعيل خدمات الرعاية الصحية الأولية في تخصص طب العيون، وتوفير برامج وآليات الكشف المبكر عن مسببات العمى، والوصول لأفراد المجتمع في كل أرجاء الوطن، ونشر الوعي والتثقيف الصحي بين مختلف فئات المجتمع بأهمية الفحص الدوري لأمراض العيون، وكيفية المحافظة على النظر ومنع الإعاقة البصرية والحد من مضاعفاتها المحتملة. ووصل إجمالي المستفيدين من العيادة المتنقلة الخاصة بمؤسسة نور دبي خلال الربع الأول من العام الجاري إلى أكثر من 455 مستفيداً، أما عدد المستفيدين خلال عام 2014 فوصل إلى 3787 مستفيداً، وتوفر العيادة النظارات للمحتاجين إضافة إلى الأدوية وتحويلهم إلى المراكز الطبية لإجراء العمليات. * قدرت منظمة الأمم المتحدة للصحة وجود نحو 21.4 مليون شخص في العالم متضرر من التراخوما، ما خطة المؤسسة لتقليل هذا الرقم؟ هو مرض معدٍ موجود في دول معينة بكثرة، واستمرار الإصابة بالمرض على المدى البعيد يعرض صاحبه للعمى، وبدأنا الحملة في أمهارا في أثيوبيا، ودخلنا بيوت أهل القرية، ووجدنا أن كل عناصر الحياة الرئيسية مفقودة لديهم وإصابتهم بالمرض أمر طبيعي، فهناك بيوت لا يوجد بها دورات مياه، واستمرار إصابتهم بالمرض يؤثر بشكل كبير على جفن العين وبالتالي تبيض القرنية، ودعمنا يتمثل في توفير خدمات للصحة العامة، وإجراء العمليات لإزالة الندب على الجفن ونسبة النجاح تتجاوز 60%، ونزور جميع القرى وندرب الأطباء ونزودهم بالحقائب الطبية، ونعطيهم مضاد حيوي حتى نقضي على الجرثومة، ونحفر لهم الآبار ليغسلوا وجوههم وأيديهم ويشربوا الماء النظيف، إذ كان يستغرق الفرد فيهم 4 ساعات ذهاباً و4 ساعات إياباً للحصول على كمية بسيطة من الماء يستهلكونها لمدة أسبوع وهي فعلياً لا تكفي لنصف ساعة، وبنينا لهم دورات مياه في منازلهم، وبدأنا معهم من الصفر، وخصصنا مكان خارج المنزل محاط بالسور للحيوانات، حيث كانت الحيوانات تشاركهم في نفس الغرفة، وفرنا لهم أشياء بدائية كانوا يفتقدونها، لكي توفر لهم حياة أفضل، ونظمنا فعاليات ترفيهية برقصات شعبية خاصة بهم، ويستفيد من البرنامج نحو 18 مليون مريض في المنطقة، والبرنامج مخصص لثلاث سنوات، وسنوياً نقدم 16مليون دواء مضاد حيوي، ونجري 65.328 عملية جراحية، ونقدم 360.000 دواء، ونبني 228.112 دورة مياه ونحفرالآبار. * كم يبلغ عدد الفحوصات والعلاجات في المخيمات العلاجية؟ في المناطق النائية يصعب توفير خدمات رعاية العيون للمحتاجين بسبب الفقر والنقص في الموارد، فضلاً عن عدم وجود بنية تحتية للرعاية الصحية، لذلك تعتبر مخيمات نور دبي العلاجية هي السبيل الوحيد للوصول إلى المحتاجين الذين لا تتوفر لديهم أبسط مقومات الرعاية الصحية لتجنب العمى، فمنذ 2008 أقامت المؤسسة 30 مخيماً علاجياً في مناطق نائية في قارتي آسيا وإفريقيا، وتم فحص 208.069 شخصاً وأجريت 21.468 عملية جراحية، وتم توزيع 48.957 نظارة طبية للمحتاجين. * تنتشر أمراض معدية في المناطق النائية، كيف يتم حماية فريق عمل المؤسسة من تلك الأمراض؟ توجد برامج تطعيمات لصحة المسافرين، تشمل تطعيمات من الوباء الكبدي والإنفلونزا، ونتناول أقراصاً لحمايتنا من الملاريا، وفي أحد المخيمات العلاجية في تشاد أصيب 6 أفراد من الكادر الخاص بنا بالملاريا، رغم أنهم تناولوا الدواء، ولكن لعدم اتباعهم كافة إجراءات السلامة ورش الدواء على الجسم، وتمكنا من معالجتهم في المخيمات لأن لدينا مستشفى متنقل، وأكملوا دورهم المهني معنا. * وصلتم إلى دول تعاني أزمات وكوارث طبيعية وأخرى تعاني من الحروب، ما أبرز التحديات التي واجهتكم؟ تعرضنا للمخاطر أمر وارد، خاصة في الدولة التي تشهد كوارث طبيعية وبشرية، ففي أحد برامجنا في الصومال عملنا لمدة 4 أيام، ولم نستطع إكمال مهمتنا، إذ تعرض المخيم لقصف والحكومة الصومالية بعثت جيشاً لحمايتنا، واخلينا المكان مباشرة وبفضل الله لم تكن هناك إصابات من طرفنا، وعالجنا بعض الحالات التي تأذت من القصف. وفي باكستان تعرض المخيم للغرق مرتين، فقد ذهبنا في وقت الفيضان، وعالجنا خلال تلك الفترة أكثر من 9000 مريض، فلم يكن هناك بديل آنذاك بسبب دمار المستشفيات. وتبقى الحيطة والحذر من أولوياتنا، ودائماً هناك خطط بديلة، وإدارة المخاطر لعلاج أي طارىء، وسفارة الدولة على علم بوجودنا في المناطق المستهدفة لتقديم الدعم لنا، فسلامة كادرنا الطبي والتطوعي أمر مهم جداً. * ما البرامج التي تتبعها المؤسسة لتدريب الأطباء؟ وهل هناك متابعة مستمرة للمرضى الذين تمت معالجتهم؟ في كل دولة نتوقف عندها، لابد أن نؤهل أطباء لمتابعة الحالات وتقديم الدعم والرعاية لهم، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة في كل دولة، وندربهم على التقنيات الجديدة، وهناك دول ندرب أطباءها على كيفية استخدام الأجهزة والتقنيات الموجودة في دولتهم، واستخدام أبسط الطرق للحصول على نفس النتائج.. وكل عملية تجرى للمريض، نتابعها كل شهرين بإرسال طبيب مختص لمتابعته، حتى نتأكد أنه ليست هناك مضاعفات، إضافة إلى متابعة الأطباء الذين تم تدريبهم في الدولة المستهدفة لجميع المرضى، وكل البرامج العلاجية التي تنفذ توجد جهة عالمية رقابية عليها، واختيار المنطقة المستهدفة تكون بناء على دراسة حالة ووضع المنطقة وسكانها، ويكون بناء على نسبة العمى والأمراض. * نجاحات المؤسسة كبيرة بأيادي أطبائها ومسؤوليها.. هل للمتطوعين دور في إنجاح فعالياتكم؟ المتطوع عنصر أساسي في المبادرة الإنسانية، ولدينا نظام إلكتروني خاص للمتطوعين، إضافة إلى سجل متكامل للمتطوعين، وحالياً لدينا أكثر من 3000 متطوع يشاركون في برامجنا المحلية والعالمية، وكل الأعمار قد تسهم وتشارك في التطوع معنا، سواء الطفل أو الشاب أو كبير السن، فالكبير قد يشاركنا في إيصالنا لمنازل المحتاجين كونه ملماً بالمنطقة وأهلها، وكل متطوع نحدد تخصصه من خلال ما يتميز به من مهارات، وهناك عدد من الأطباء يشاركون معنا كمتطوعين. * هل توفر برامج الوقاية فرصاً أفضل لتجنب أمراض العيون؟ الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية حول العمى والإعاقة البصرية تدفعنا لبذل المزيد من الجهود لوضع البرامج الوقائية الفاعلة، وتعميق الشراكات بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دور المؤسسات الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة للنهوض بدورها الحقيقي في نشر الوعي الصحي، وتعزيز الجانب الوقائي لدى أفراد المجتمع، وتركيزنا منصب بالدرجة الأولى على العلاج والوقاية والتعليم، حيث تمنح برامج الوقاية من العمى والإعاقة البصرية الدول فرصاً لتحسين ظروف معيشة الفرد، حيث إنها تمكنه من أن يصبح عضواً فعالاً ومنتجاً وقادراً على المساهمة في تنمية مجتمعه، وهذا ما لمسناه من خلال تواجدنا في الميدان، ومتابعة الحالات و مشاهدة مظاهر التغيير في الممارسات اليومية والتي تنعكس إيجاباً على تدني معدلات الإصابة بالعمى. * تعاني الدول النامية من جهل كبير، كيف تنشرون الوعي في تلك الدول ليصل إلى شريحة أكبر؟ أصدرنا كتيبات بلغة إثيوبيا تتوزع على الأمهات والمؤسسات المعنية بالمرأة، والكتب مصممة بطريقة واضحة ويغلب عليها الرسومات التوضيحية لتصل الرسالة بطريقة سهلة للكبار والصغار، وهناك متطوعات متخصصات في التواصل مع الأمهات والمعلمات لنشر التوعية وإيصالها للأبناء، إضافة إلى ذلك تم توزيع الكتيبات على الأطفال في المدارس للوصول إلى أكبر شريحة. * من سفراء المؤسسة؟ كل من قام على إيجادها، وكل شخص ساهم بكلمة أو دور في إنجاح خدمات نور دبي هو سفيرها، وكل شخص يسهم بتخصصه، فهناك من يسهم بكلمة والمدرس بتدريبه والمساجد تسهم بطريقة كبيرة للترويج لبرنامج المؤسسة وإخبار أهالي القرية بتواجدنا، والطبيب بمعالجة المرضى، والإعلام بنشر نجاحات المؤسسة. * كم وصلت قيمة أكبر تبرع للمؤسسة؟ كل عام لدينا متبرعون دائمون، كبنك دبي الإسلامي وشرطة دبي، وتوجد مؤسسات تسهم بشكل لوجستي كهيئة الصحة وهيئة الطرق، وهناك أفراد داعمون ومتبرعون للمؤسسة بشكل مستمر، وأكبر دعم يصلنا من شخص بشكل سنوي يبلغ نحو مليوني درهم، وهناك مؤسسات تتبرع بشكل سنوي. * دمجت المؤسسة بين الفن وعلاج المرضى من خلال معرض آرت فور سايت، إلى أي مدى يسهم ذلك في المشاركة المجتمعية؟ تسعى المؤسسة إلى دعم فكرة الفن لبرامج مكافحة العمى، وإتاحة الفرصة للفنانين للتعبير عن أهمية نعمة البصر بطريقتهم الخاصة، ونجحنا منذ إطلاق الفكرة إلى زيادة مشاركة الفنانين ومحبي الفن لدعم جهود المؤسسة في مكافحة العمى، ومعالجة مريض ليرى جمال العالم وجمال اللوحات، وتمكنا من إيجاد حلقة بين الفن والفنان والمريض والطبيب والمجتمع، وبيعت أغلى لوحة في المزاد الخيري بمبلغ 3 ملايين و800 ألف دولار أمريكي، وهي من أعمال الشيخة لطيفة بنت مكتوم آل مكتوم والتي تحمل عنوان المحافظة على الهوية، حيث تعد اللوحة الأغلى في تاريخ الفن الإماراتي تم بيعها ضمن مزاد خيري، واستطعنا تحقيق فكرة المشاركة المجتمعية. * هل سنشهد برامج علاجية تستهدف الحالات المتواجدة في الدولة، خاصة للمقيمين؟ ليس لدينا هذا الكم من الإصابة بالعمى، أغلب مشاكلنا تتمثل في نشر الوعي، بأهمية الفحص المبكر، خاصة لمصابي السكري، واقترحنا على هيئة الصحة في دبي ضرورة وضع كاميرات لفحص الشبكية في المراكز الصحية في دبي، وأطلقت الهيئة برنامج التطبيب عن بعد في كل مراكز الرعاية الصحية الأولية للكشف عن تأثير مرض السكري على شبكية العين، وهذه الخدمة توفر الوقت والجهد على المرضى، حيث يتم إجراء الفحوصات المتعلقة بشبكية العين في أقرب مركز صحي للمريض من خلال الكاميرات الرقمية المرتبطة بمستشفى دبي للكشف عن تأثير مرض السكري على الشبكية، حيث تتم قراءة الصورة الرقمية لعين المريض وتشخيصها من قبل الأطباء المتخصصين بمستشفى دبي وإعادة إرسالها إلى الملف الطبي للمريض لتكون متاحة أمام الطبيب المشرف على علاج المريض بالمركز الصحي، لتفادي المواعيد الطويلة للمرضى والكشف المبكر عن المرض وتجنب مضاعفاته السلبية. 5 سنوات من أجل نعمة البصر - 2008 إطلاق مبادرة نور دبي لعلاج مليون شخص حول العالم مصاب بالعمى. - 2009 مبادرة نور دبي تنجح في الوصول لأكثر من 5 ملايين شخص مصاب بالعمى. - 2010 الإطلاق الرسمي لمؤسسة نور دبي. - 2011 إطلاق أول معرض ومزاد فني خيري. - 2012 الحملة الوطنية لفحص النظر في المؤسسات العقابية والإصلاحية. - 2013 أول مؤسسة خيرية تدعم ملف إكسبو 2020. - 2014 برنامج للقضاء على التراخوما في أثيوبيا بالتعاون مع مركز كارتر لعلاج 18 مليون شخص. - 2015 الاحتفال بمرور خمسة أعوام على إطلاق مؤسسة نور دبي وعلاج أكثر من 23 مليون شخص حول العالم. قصة نجاح في عيون جندي قصة بدأت سطورها في اليمن، للجندي أحمد الزبيدي الذي سخر عمره لخدمة وطنه، وكان الزي العسكري مصدر اعتزاز وفخر له ولعائلته، شارك في مهمة وطنية ذات هدف نبيل لتكون النتيجة مأساوية، حيث فقد ساقيه إثر انفجار لغم أرضي في طريق عودته لقريته، ومع تقدم العمر وصعوبة الحركة والتنقل عاش في عزلة تامة عن المجتمع لفترات طويلة، ومما زاد الأمر سوءًا أنه بدأ تدريجياً يفقد بصره نهائياً، لتنتهي حكايته مع واقعه، لكن يبقى بصيص الأمل. سمع أحمد عن مخيم علاجي سيتم بالقرب من منزله، وأن المخيم متخصص في علاج العيون وأن جميع الخدمات مجانية، ليتمسك بالأمل القادم من بلد الخير، ليكون أول شخص يزور المخيم لضمان العلاج من قبل الأطباء، لتتغير حياته بعد أن أجرى له الأطباء عملية المياه البيضاء لاستبدال عدسة العين، واستطاع الرؤية من جديد، وخرج من الظلام إلى النور، لتصبح نور دبي بصيص الأمل الذي أنار حياته.