يخصص الاول من شهر ديسمبر يوما عالميا للتذكير بخطر مرض الإيدز وطرق مكافحته، في الفترة بين عامي 2015 - 2011م تحت شعار "نريد أن نقضي على الإيدز قضاءً مبرماً فلا يتسبب في عدوى جديدة ولا وفيات". وتشير منظمة الصحة العالمية أن تركيز الحملة لمكافحة الإيدز على "القضاء المبرم على وفيات الإيدز" إنّما يعني دفعة نحو إتاحة المزيد من خدمات العلاج للجميع وحثّ الناس في جميع أنحاء العالم على إذكاء الوعي بوباء الإيدز والعدوى بفيروسه وإبداء تضامن دولي من أجل التصدي له كان أول تسجيل لظهور مرض الإيدز في الخامس من يونيو في عام 1981 عندما اكتشفت - في الولايات المتحدة الأمريكية - وكالة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) عددًا من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي وذلك في خمسة رجال من الشواذ جنسيًا في لوس أنجلوس. في البداية، لم يكن لدى الوكالة اسم رسمي لهذا المرض، وعادةً ما كانت تشير إليه من خلال الأمراض المرتبطة به. فعلى سبيل المثال كانت تستخدم اسم: اعتلال العقد الليمفاوية؛ وهو المرض الذي اشتق منه مكتشفو فيروس HIV اسمًا للفيروس. وقد استخدمت الوكالة أيضًا اسم "سرطان كابوزي والعدوى الانتهازية" وهو الاسم التي أطلقته عليه الوحدة المؤقتة التي تم تشكيلها للتعامل مع المرض الجديد في عام 1981م.. في المواد الصحفية، تم استخدام المصطلح GRID –والذي يعني مرض نقص المناعة المرتبط بالشواذ جنسيًا وفي سعي تلك الوكالة لتحديد اسم للمرض ومع دراستها للفئات والمجتمعات التي تنتشر فيها الإصابة بالمرض، وجدت أن كل هذه الفئات يبدأ اسمها بحرف H – وهم Haitians (سكان هايتي) وHomosexuals (المثليون جنسيًا) وHemophiliacs (الأشخاص الذين يعانون من الهيموفيليا) وHeroin users (مدمنو الهيروين)، ولذلك أطلقوا عليه "مرض الفور إتش" (4H Disease] ولكن، بعد أن تم اكتشاف أن مرض الإيدز ليس مقتصرًا على مجتمع المثليين جنسيًا فقط،، تم استخدام مصطلح AIDS (الإيدز) في أحد اجتماعات الوكالة في يوليه من عام 1982. وبحلول سبتمبر من عام 1982، بدأت هذه الوكالة في استخدام اسم الإيدز وربما تكون قد بدأت في وضع تعريف للمرض الجديد. الإيدز مرض يصيب الجهاز المناعي البشري يسببه فيروس نقص المناعة البشرية وتؤدي الإصابة بهذه الحالة المرضية إلى التقليل من فاعلية الجهاز المناعي للإنسان بشكل تدريجي ليترك المصابين به عرضة للإصابة بأنواع من العدوى الانتهازية والأورام. ينتقل فيروس نقص المناعة إلى المصاب عن طريق حدوث اتصال مباشر بين غشاء مخاطي أو مجرى الدم وبين سائل جسدي يحتوي على هذا الفيروس مثل الدم أو السائل المنوي للرجل أو السائل المهبلي للأنثى ومن خلال عملية نقل الدم، أو من خلال إبر الحقن الملوثة بهذا الفيروس، أو يمكن أن ينتقل من الأم إلى جنينها خلال مرحلة الحمل أو الولادة أو الرضاعة أو من خلال أي عملية تعرض أخرى لأي من السوائل الجسدية سالفة الذكر. وبالرغم من أن الوسائل العلاجية لمرض الإيدز وفيروس نقص المناعة البشرية يمكن أن تقوم بإبطاء عملية تطور المرض فلا يوجد حتى الآن أي لقاح أو علاج لهذا المرض. فالوسائل العلاجية المضادة للفيروسات الارتدادية تعمل على تقليل كل من معدل الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس نقص المناعة وكذلك انتشار المرض في المنطقة التي تظهر فيها العدوى به ولكن، هذه العقاقير باهظة الثمن كما أن الوسيلة التقليدية للحصول على وسيلة علاج مضادة لهذا الفيروس الارتدادي غير متاحة في كل دول العالم. ونظرًا لصعوبة علاج الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري، فإن الوقاية من التعرض للعدوى به تعد هدفًا رئيسيًا في سبيل التحكم في انتشار مرض الإيدز كوباء. ومن ثم، فإن منظمات الصحة تسعى دائمًا لتطوير وسائل تضمن طرق الوقاية فضلاً عن برامج استبدال الإبر المستعملة بأخرى نظيفة، وذلك في محاولة منها لإبطاء معدل انتشار هذا الفيروس. تعتبر أعراض مرض الإيدز بشكل رئيسي نتاجًا لظروف صحية معينة من الطبيعي ألا تتطور بهذه الصورة لدى الأشخاص الذين يتمتعون بجهاز مناعي سليم. تظهر معظم هذه الحالات في صورة أنواع من العدوى تتسبب فيها البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات التي عادةً ما يتم التحكم فيها من قبل عناصر الجهاز المناعي والتي يقوم فيروس نقص المناعة البشرية بتدميرها. يؤثر فيروس نقص المناعة البشرية تقريبًا على كل أعضاء جسم الإنسان. كما تتزايد أيضًا خطورة إصابة الأشخاص الذين يعانون من مرض الإيدز بأنواع مختلفة من السرطانات مثل: مرض كابوسي وسرطان عنق الرحم والسرطانات التي تصيب الجهاز المناعي والمعروفة باسم الأورام الليمفاوية. علاوةً على ذلك، فإن المصابين بالإيدز غالبًا ما يعانون من أعراض مرضية عامة تشمل الجسم كله مثل أنواع الحمى المختلفة وتضخم الغدد والإصابة بأعراض الحمى والصداع والرجفة وكذلك بالضعف العام وفقدان الوزن. يعد مرض Pneumocystis pneumonia (التهاب المتكيسة الرئوي) ويشار إليه اختصارًا بالأحرف PCP من الأمراض التي يندر - نسبيًا - إصابة الأشخاص الأصحاء ذوي الكفاءة المناعية بها ولكنها شائعة بين الأفراد المصابين بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية. ويسبب هذا المرض نوع من أنواع الفطريات أحادية الخلية. قبل ظهور الوسائل التشخيصية والعلاجية والوقائية الفاعلة في الدول الغربية، كان هذا المرض أحد الأسباب الشائعة والمباشرة لحدوث الوفاة. في الدول النامية، لا يزال هذا المرض واحدًا من المؤشرات الأولية التي تشير إلى الإصابة بالإيدز لدى الأشخاص الذين لم يتم إجراء فحوصات طبية عليهم، وذلك على الرغم من أنه لا يظهر بصفة عامة إلا إذا كان عدد خلايا CD4 أقل من مائتي خلية لكل ميليلتر من الدم ويعتبر مرض الدرن من الأمراض الفريدة في خصائصها من بين أنواع العدوى المختلفة التي تصاحب فيروس الإيدز(HIV) وذلك لأنه من الأمراض التي يمكن انتقالها للأشخاص ذوي الكفاءة المناعية عن طريق مجرى التنفس، فضلاً عن سهولة علاجه بمجرد أن يتم اكتشافه. ومن الممكن أن يصاب به المريض في المراحل المبكرة من الإصابة بفيروس HIV، ويمكن الوقاية منه عن طريق العلاج بالعقاقير. وهكذا، تكون مقاومة العقاقير المختلفة من المشاكل شديدة الخطورة التي يحتمل أن يواجهها المصاب بهذا المرض. وعلى الرغم من أن معدلات الإصابة به قد تراجعت في الدول الغربية بسبب استخدام وسائل علاجية تعتمد على المراقبة المباشرة لتناول المريض للدواء للتأكد من ملاءمة الطريقة والجرعة التي يتناوله بها لحالته إلى جانب عدد من الأساليب الأخرى المتطورة، فإن هذا الوضع لا ينطبق على الدول النامية التي يتفشى فيها فيروس HIV بشكل أكبر. وفي المراحل المبكرة للإصابة بهذا الفيروس (حيث تكون عدد خلايا CD4 أقل من ثلاثمائة خلية لكل ميليلتر من الدم)، يكون مرض الدرن من الأمراض الرئوية التي يمكن أن يتعرض لها المصاب بالفيروس. وفي المراحل المتقدمة من الإصابة بهذا الفيروس، يظهر المرض بشكل غير نمطي بخصائص عامة تدل على إنه مرض غير رئوي (مرض عام ينتشر في الجسم كله). ويشار إلى أن أعراض هذا المرض عادةً ما تكون بنيوية (متعلقة ببنية المرء الجسمانية أو العقلية) وغير متمركزة في مكان واحد من الجسم؛ ذلك أنه غالبًا ما يؤثر على النخاع العظمي والعظام والجهاز البولي والجهاز المعدي المعوي والكبد والعقد الليمفاوية الموضعية والجهاز العصبي المركزي. إصابات الجهاز الهضمي يحدث مرض التهاب المريء في صورة التهاب يحدث في البطانة الداخلية للطرف السفلي من المريء (المريء أو قناة البلع التي تؤدي إلى المعدة). أما بالنسبة للأشخاص المصابين بفيروس HIV، يحدث هذا عادةً نتيجة الإصابة بالعدوى الفطرية التي تسبب (داء المبيضات) أو بالعدوى الفيروسية الناتجة عن التعرض لفيروسات (فيروس الهربس البسيط) أو (الفيروس المضخم للخلايا). وفي حالات نادرة، يمكن أن تحدث الإصابة نتيجة التعرض إلى ذلك النوع من البكتيريا المعروف باسم ميكوباكتيريا وقد ترجع الإصابة غير المفسرة بالإسهال المزمن لدى الأشخاص المصابين بفيروس HIV إلى أسباب عديدة من بينها: الإصابة ببعض أنواع العدوى البكتيرية الشائعة التي تسببها أنواع من البكتيريا مثل: (السلمونيلا أو الشيجلا أو الليستيريا أو البكتيريا المعروفة باسم الكامبيلوباكتر)، وبعض أنواع العدوى الطفيلية، إلى جانب أنواع من العدوى الانتهازية غير الشائعة والفيروسات مثل أستروفيروس وادينوفيروس (الفيروس الغدي) وفيروس روتا (الفيروس دائري الشكل) والفيروس المضخم للخلايا (ويمهد النوع الأخير منها السبيل إلى التهاب القولون). وفي بعض الحالات، قد يكون الإسهال أحد الآثار الجانبية للعديد من العقاقير التي يتم استخدامها لعلاج فيروس HIV أو قد يكون من الأمراض المصاحبة للإصابة بهذا الفيروس خاصةً خلال المراحل الأولى من الإصابة بالعدوى. وقد يكون أيضًا أحد الآثار الجانبية لاستخدام المضادات الحيوية في علاج الأسباب البكتيرية للإصابة بالإسهال (وخاصةً هذا النوع من البكتيريا المعروف باسم Clostridium difficile). وفي المراحل المتأخرة من الإصابة بعدوى فيروس HIV، يمكن أن يكون الإسهال انعكاسًا للتغيرات الحادثة في طريقة امتصاص القناة المعوية للغذاء، وقد يكون عنصرًا مهمًا من العناصر المسببة للأعراض المصاحبة للإصابة بهذا الفيروس والتي ينتج عنها تعرض الأنسجة العضلية والدهنية للجسم لحالة من الوهن والهزال. الآثار العصبية والنفسية المصاحبة للإصابة بفيروس HIV قد يترتب على الإصابة بفيروس HIV مجموعة متنوعة من المضاعفات المرضية العصبية النفسية، وقد يحدث ذلك نتيجة إصابة الجهاز العصبي الذي أصبح بعد انتقال عدوى الفيروس إليه عرضة للكائنات الدقيقة الضارة، أو قد يحدث كنتيجة للإصابة بهذا المرض في حد ذاته. ويعتبر Toxoplasmosis(داء المقوسات) أحد الأمراض التي يتسبب فيها الكائن الطفيلي أحادي الخلية. وعادةً ما يصيب هذا المرض المخ ويتسبب في الإصابة بذلك النوع من الالتهابات المخية المعروفة باسم Toxoplasma encephalitis، ولكنه قد يصيب أيضًا العينين والرئتين كما أن مرض "التهاب السحايا الذي يسببه فطر Cryptococcus" من الأمراض التي تصيب الغشاء السحائي (الغشاء الذي يحيط بالمخ والحبل الشوكي) بسبب فطر Cryptococcus neoformans. يعد اعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر المترقي؛ مرض من الأمراض المزيلة للميالين والذي يحدث خلال الإصابة به تدمير تدريجي للغلاف الميليني الذي يحيط بمحاور الخلايا العصبية مما يؤدي إلى إضعاف عملية نقل النبض أو الإشارات العصبية. يعد مرض الخرف المصاحب لمرض الإيدز من أمراض الاعتلال الدماغي المتعلقة بالتمثيل الغذائي والتي تحدث بسبب الإصابة بفيروس HIV ويزيد من تأثيرها التنشيط المناعي لذلك النوع من الخلايا المعروف باسم الخلايا الملتهمة. وتصاب هذه الخلايا بفيروس HIV لتصبح منتجة له وتقوم بإفراز السم العصبي للخلايا المضيفة لها وتظهر بعض آثار الضعف أو الخلل العصبي الناتجين عن هذا الفيروس في صورة اضطرابات إدراكية وسلوكية وحركية تظهر بعد مرور سنوات من الإصابة بفيروس HIV ويصاحبها انخفاض في عدد الخلايا الليمفاوية التائية CD4+ وارتفاع معدل الحمل الفيروسي في بلازما الدم. ويلاحظ على المصابين بفيروس HIV في مراحل متقدمة - أحيانًا - حالات الهوس المصاحبة للإصابة بمرض الإيدز. وتظهر هذه الحالات في صورة ميل أكبر من المعتاد لسرعة الغضب والانفعال وضعف أكبر في المعرفة والإدراك وشعور أقل بالنشاط والحيوية من هؤلاء الذين يعانون من الهوس المصاحب لمرض اضطراب المزاج ثنائي القطب. وعلى خلاف ما يحدث في المرض الثاني، فإن حالات الهوس تصبح مزمنة بشكل أكبر عند مرضى الإيدز. ويقل ظهور هذا العرض من أعراض الإصابة مع الاعتماد على علاج تتعدد فيه الأدوية والعقاقير. المفاهيم الخاطئة عن الإصابة بالإيدز توجد مجموعة من المفاهيم الخاطئة المرتبطة بفيروس HIV ومرض الإيدز. وتعتبر المفاهيم الثلاثة التالية من أكثر هذه المفاهيم شيوعًا. أولاً، أن الإيدز يمكن أن ينتشر من خلال التعامل العرضي مع الأشخاص المصابين به، وإن فيروس HIV يمكن أن يصيب فقط المثليين ومن يتعاطون المخدرات. في العدد القادم بإذن الله تعالى نستكمل الحديث عن مضاعفات هذا المرض، طرق تشخيصه والوقاية منه.