على مدى نصف قرن كان يقال لنا إن إقامة السكك الحديدية في البلاد غير مجدية، والآن تقام شبكة حديد عملاقة تبدأ من الصفر، وكان يطرح بأن النقل الداخلي للطيران مكلف ولا يأتي برأسماله بسبب الأسعار، والآن تتسابق ناقلات عربية وأجنبية على دخول السوق السعودي، وكان يقال إن صناعة السيارات غير مجدية حتى أنه لم يقم مصنع واحد في المملكة.. رغم أننا أكبر سوق لها في المنطقة. ما هو المجدي إذن، ركوب الحمير أو الاستمرار في الاعتماد على المستورد في كل شيء؟ لأكثر من نصف قرن تمتعت صناعة السيارات في العالم بنمو متواصل وحتى عندما تشبعت أسواق كبرى كاليابان والولايات المتحدة وغرب أوروبا، وجدت الشركات العالمية متنفسا لها في الطلب المتزايد في الأسواق الصاعدة كالصين وروسيا والهند وكوريا والبرازيل وما يعرف بدول البريك. شركة بوسطن الاستشارية قدمت تقريرا يجيب على بعض التساؤلات حول المخاوف البيئية والتوقعات الاقتصادية غير المستقرة لبعض دول البريك، وتشير الدراسة إلى أن هناك 15 دولة (ما وراء البريك) تمتلك -أو قادرة على امتلاك- صناعة سيارات قوية، من بينها المملكة التي تستطيع تحقيق مبيعات سنوية تزيد عن مليون سيارة سنويا بحلول عام 2020م. وتضيف الدراسة أنه يبرز ثلاثة لاعبين أساسيين في منطقة الشرق الأوسط هم المملكة وإيران وتركيا يفترض أن تتجاوز مبيعاتهم 6 ملايين سيارة خلال سنوات قليلة!! كثر خيرها هذه الدراسات الأجنبية التي تفترض حسن النية في سوقنا السعودي خلافا لدراسات الداخل التي ترى بأنه غير صالح لإنتاج السيارات. بيوت الاحتكار الكبرى في الاستيراد تقف حجر عثرة أمام هذه الصناعة وتلقي بثقلها الاقتصادي لإفشال هذه الأفكار والدراسات في مهدها وإشاعة عدم جدوى هذه الصناعة. هل يعقل أن نكون أكبر سوق مستورد في المنطقة ولا نقوم بصناعة «سيكل» واحد في البلاد.