ليست تجارة الرقيق ولا تجارة الرذيلة ولكنها التجارة التي لم يصنفها قانون ولم يحددها تشريع ويتفنن المستفيدون في تعاطيها بصيغ مختلفة ويروجونها بشكل متقن، يتجاوزون بها كل الأنظمة وتؤيدها منظمات رسمية وتدعمها نشرات وتقارير تغلب عليها المصالح المتبادلة، ألا وهي الشائعات التي يطلقها المتنافسون ضد بعضهم في منتجاتهم المتشابهة. وحيث إن دول العالم الثالث غير مؤهلة على كشف صحة هذه التقارير وليس لديها القدرة على مواجهة ما يصدره الغرب من منتجات مثل الأدوية والأغذية، وهنا تكون الطامة الكبرى عندما يكون الصراع على حياة البشر وبشكل غير أخلاقي وبمنافسة غير شريفة عبر بث الشائعات عن مواد غذائية أو مشروبات مسرطنة، ويعطيك مسميات مشهورة مما يحدث بلبلة عند المستهلكين نظراً لانتشارها في المجتمع دون أن تمر مثل هذه الإعلانات على الأجهزة الرقابية لإقرارها أو منعها بعد توثيقها من جهة الاختصاص كيلا تتشوه المعلومة وتضر بمصالح الآخرين ولحماية حياة البشر من العبث. حيث إن الشائعات تخص أكثر من منتج مما يجعل المواطن يستهين بمثل هذه الإعلانات ولا يعتبرها والتي قد يكون في بعضها حقيقة، ولكن المستهلك لم يجد لها تأكيدا أو نفيا وهذا أمر يسهل عملية الاستمرار في الشائعة حتى تفقد الإعلانات مصداقيتها لأن الاستخفاف بعقول المستهلكين وعدم توعيتهم بكيفية التعاطي مع أي منتج دوائي أو غذائي سيؤدي الى كوارث لو ظهر الوباء. فعندما ظهرت حالة جنون البقر أصاب الناس الهلع نظراً لتعدد مصادر الوباء اللحوم، الألبان، الزبد، القشطة، الجبن وغيرها من منتجاتها الفرعية مثل الشامبو والصابون وما إليها، وجميعها تزخر بها منازلنا، فعليك عزيزي القارئ أن تتخيل كم مزرعة أبقار تأثرت اقتصادياً عندما أعدمت قطعان البقر، وكيف تدنت العلاقة بين المنتج والمستهلك حيث شح البديل من السمك والدجاج لكثرة الطلب عليها وقل العرض مما تسبب في ارتفاع أسعارها. وبعدما انقشعت عنا الغمامة ظهرت لنا قصة بودرة الأنثراكس والزئبق الأحمر والجمرة الخبيثة، ولا ننسى حادثة إنفلونزا الطيور وما صاحبها من إتلاف ملايين الطيور لنعود مرة أخرى للحوم كبديل، ولم تهدأ الحال حتى تظهر لنا إنفلونزا الخنازير لتزدهر الطلبات على عقار التامفليو حتى بات من العقاقير الواجب توافرها، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية أن منتج التامفليو لا يكفي لسد الاحتياجات. وهكذا تتوالى على البشرية الانتكاسات المفبركة لأغراض اقتصادية بحتة تكون ضحيتها الشعوب بالعلم المقصود أو بالجهل المغموس. وبالمناسبة أنوه عن نجاح وزارة الصحة المصرية بإعلانها في حينه بمكافحة إنفلونزا الخنازير بالأدوية العادية التقليدية التي يتم اللجوء إليها في حالة الأنفلونزا الموسمية، وحققت نجاحاً مذهلا بنسبة وصلت الى 90% حيث تم شفاء المرضى بصورة تامة دون اللجوء الى العلاح بعقار التامفليو. وهذا تأييد لما نوهت عنه في بداية مقالي الذي يعني ضرورة تأكيد أو نفي الحالة قبل إعلان الشائعة لإزالة اللبس والقلق عند الناس. وأملي أن يكون في ذلك منحى تتجه له وزارات الصحة وهيئة الدواء والغذاء وجميع الجهات المختصة والله ولي التوفيق.