أخبرني صديق أن أسرته اضطرت إلى نقل جثة أحد المتوفين إلى مستشفى يبعد عن مكان وفاته أكثر من 70 كيلو مترا بسبب الضغط على ثلاجة المستشفى الرئيس في المنطقة، وأربعة مستشفيات أخرى أقرب من المستشفى الذي وضعت فيه الجثة. حكاية أخرى تلك المتعلقة بالفتاة التي بقيت خارج الثلاجة لأربعة أيام، ولم يلاحظ أحد ذلك إلا بعد أن انتشرت رائحة انبعثت من الجثة. تفاعلت الشؤون الصحية مع الحادثة بإعفاء عدد كبير من مسؤولي المستشفى وتحويل كثيرين إلى التحقيق، ثم جاء قرار مدير المستشفى الجديد بتوفير سيارتين للاستخدام، إضافة إلى ثلاجة المستشفى. هذا يعني أن هناك إشكالية حقيقية في وفرة ثلاجات الموتى ـــ يعود السبب في بعض الأحيان إلى تأخر الأسر في تسلم الجثث. كما يدفع باتجاه عمل منظم للبحث في تداعيات غياب الخدمات الأساسية ومدى تعاون المستشفيات في القطاعين في التعامل مع أمر كهذا. يوجه ديننا الحنيف إلى ضرورة الاستعجال في دفن الموتى، ولذلك تجد كثيرا من الأسر تحاول أن تغسل جثامين موتاها دون أن يدخلوا إلى ثلاجة المستشفى، وهذا أمر مهم يحمي الجثة من التصلب حتى إنه يسهل عملية الغسل والتكفين والدفن. لكن دور المنشآت الصحية لا بد أن يراعي الناحية النفسية لأهالي المتوفين، فاضطرار الأسرة إلى نقل متوفاها 70 كيلو مترا بعيداً عن مقر الوفاة، أو وقوع مصيبة، مثل تعفن الجثة أمران مؤلمان. توفير العدد الكافي من الثلاجات واحد من الإجراءات الأساسية، لكن وجود تنظيم إداري وتعليمات مستديمة تضبط العمل في مواقع كهذه هو أهم جزئية لا بد أن تعتني بها إدارات المستشفيات، ودور الوزارة في هذا الشأن أساسي، فهي المسؤولة في النهاية عن ضمان كفاءة الأداء في المنشآت التابعة كافة. يستدعي أمر كهذا أن نوجد وسائل للرقابة وتسليم مكونات الثلاجة بين الموظفين؛ بحيث تكون عملية رقمية وينفذها الموظفون على الواقع، وتقع تحت نظر ورقابة إدارة المستشفى وإدارات المتابعة والمراجعة الداخلية، لضمان صحة الإجراءات، وهو أمر سهل، لكن لا بد أن نضمن صحة التطبيق، وهو الأمر الأهم. ليس أقل من أن تكون هذه المواقع مراقبة بالكاميرات لتسهيل عمل الموظفين، وتوثيق الأعمال، وضمان الانضباط بتعليمات العمل المستديمة المعتمدة في كل مواقع المستشفى.