يتجول السائح الجزائري فيصل مع والديه بسعادة في شوارع محافظة نابل التونسية، دون تأثر بحرارة الطقس أو خوف من تكرار الهجمات المسلحة التي استهدفت الأجانب وضربت السياحة، إحدى مرتكزات اقتصاد البلاد. وبقيت تونس الوجهة المفضلة للسياح الجزائريين رغم حالة الطوارئ في البلاد التي تعرضت لهجمات كان أبرزها هجوم متحف باردوالذي خلف 21 قتيلا من السياح، أعقبه هجوم سوسة الذي خلف 38 قتيلا أجنبيا. وسجلت حركة المعابر الحدودية بين تونس والجزائر في النصف الأول من هذا العام عبور نحو نصف مليون سائح جزائري، لكن التوقعات أشارت إلى إمكانية تحقيق قفزة نوعية يصل فيها نحو 1.5 مليون سائح حتى نهاية العام الجاري. ويقول الشاب الجزائري الزائر فيصل التيجاني (33 عاما) إنه لاحظ وجود أعداد كبيرة من السياح الجزائريينفي منطقة حدودية بين البلدين، وقال إن تضامنهم مع تونسقد ينقذ جزءا من الموسم السياحي فيها، ويرى أنها قادرة على التعافي. فيصل التيجانيووالديه في أحد شوارعمدينة نابل التونسية(الجزيرة) تهويل إعلامي وينحدر فيصل -الذي حضر مع والديه- من منطقة حاسي مسعود التابعة لمحافظة ورقلة الواقعة جنوبي الجزائر على بعد نحو 800 كلم عن محافظة نابل الساحلية شمالي تونس. وطول المسافة ومشقة السفر في سيارتهم الصغيرة لم يحطا من عزائمهم لزيارة تونس. وقال للجزيرة نت إنه تعوّد قضاء عطلته الصيفية في محافظة نابل والمناطق المجاورةكالحمامات منذ 11 عاما، وذلك لعشقه جمال سواحلها ونظافتها وحفاوة استقبال أهلها واستقرار أوضاعها، مشيرا إلى أن هناك "تهويلا إعلاميا يضخم الاعتداءات الإرهابية". وقالعلي التيجاني والد فيصل -وهو عسكري متقاعد- إنه أعجب بزيارتهلتونس برفقة زوجته المنحدرة من أصولتونسية، مؤكدا أن هجمات المسلحين المحسوبين على تنظيم الدولة الإسلامية لا تقلق الجزائريين كونهالا تستهدفهم مباشرة. ورأى أن قدوم الجزائريين لتونس لن يتأثر بوقوع اعتداءات مسلحة، وأنهم تعودوا منذ اندلاع أعمال العنف في الجزائرفي تسعينيات القرن الماضي على مشاهد الاعتداءات والقتلى وتحرروا من المخاوف. وقالالتيجاني للجزيرة نت إن استئجار عائلتهمنزلا سكنياوعدم سكنهافي أحد الفنادق لا يتعلق بالأوضاع المادية وإنما بالعادات والتقاليد، لأن في المنزل"لمٌّ للشمل وحماية لحرمة النساء". الحكومة التونسية عززت إجراءات الأمن لضمان نجاح الموسم السياحي (الجزيرة) تخفيض الأسعار ورغم إقامة جزء من الجزائريين في المنازل، فإن إسكندر بالصادق -وهو مدير فندق في نابل- يقول إن نسبة الغرف المؤجرةتحسنت بعد شهر رمضان، خاصة من قبل السياح المحليين والجزائريين. وأكد إسكندر للجزيرة نت أن إدارة فندقه لم تفكرفي فتحه بعد عملية سوسة التي تسببت في إلغاء حجوزات كثيرين إلا بعد ارتفاع نسبة السياحة الداخليةوإقبال السياح الجزائريين مستفيدين من تخفيضات الأسعار وجودة الخدمات. ورأى أن السياح الجزائريين غير قادرين على إنقاذ الموسم السياحي الذي لم يبق منه سوى شهر أغسطس/آب الجاري،وأنهم سيقللون حجم الخسائر ويسهمون في تلميع صورة تونس السياحية ويعززون الثقة فيها. المدير العام لديوان السياحة عبد اللطيف حمام قال إن تونس تعوّل على السياحتين الداخلية والمغاربية لإنقاذ الموسم وتقليل الخسائر، وهناك إقبال مهم من قبل الجزائريين. وأقر-في حديثه للجزيرة نت- بوجود تداعيات سلبية لاعتداء سوسة الذي تسبب في إلغاء نسبة كبيرة من الحجوزات وإغلاق وحدات سياحية عديدة وتضرر العاملين فيها، مؤكدا أن الحكومة تقوم بجهود كبيرة للخروج من الموسم بأقل الأضرار. وقال إن الحكومة التونسية عززت من إجراءات الأمن لحماية السياح والفنادق لتأمين قضاء التونسيين والسياح المغاربة إجازاتهم في أحسن الظروف.