في السبعينيات وبداية الثمانينيات كنا نستمتع بسماع الأغنية السعودية الحقيقية، التي لا يشوبها التركيب المصطنع، حتى عبرت أغنيتنا الحدود العربية واستمتع كثيرون بالفن السعودي حتى جاءت النكسة الفنية، التي بدأت بمضايقة أصحاب محلات بيع الأغاني والمنتجين، حتى كادوا أن يصبحوا في عداد الديناصورات المنقرضة، ثم بدأ الفن المضاد ممثلا في المنشدين الذين لم تستطع أناشيدهم أن تتعدى حاراتهم وبعض المجاملين لهذا المنشد أو ذاك. بعض إخواننا المنشدين نجحوا ولكن نجاحهم لا يتعدى التغني في الفروة أو القبيلة، ناهيك عن الدلّة التي لا تسمع أنشودة إلا ودلتنا الصفراء حاضرة. أما الأغنية التي تحمل الفن السعودي الأصيل الذي أخذ اسمه من الفن السعودي، فعليك الذهاب لدول الخليج المجاورة أو دول عربية أخرى كي تسمعها، لا ألوم هؤلاء المنشدين أصحاب الأصوات الجميلة رغم أنهم لم يقدموا لنا ما يسعدنا ويسعد أطفالنا، سواء في العيد أو أي مناسبة وطنية، بل هي أناشيد لا تستحق حتى أن يطلق عليها هذا الاسم، ولكن نلوم أنفسنا لأننا نحن من يعطل هذه الأصوات ولا نعطيها حقها للوصول بالصوت السعودي كما يجب، التي أجزم في حال أعطينا هذه الأصوات حقها لوصلت بنا إلى عالم الفن الحقيقي، الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من نهضة مملكتنا الغالية. أتساءل لماذا نسمع الموسيقى في قنواتنا التليفزيونية والراديو ونحرم المنشدين منها، مع الأسف بعضنا يحاول أن يصبغ هذه الأناشيد المتواضعة بالصبغة الفنية وأن هذا هو الفن الحقيقي ويحاول تزكيتها، ليس حبا للفن وأهل الفن ولكن حبا لذاته فقط، الذي لا يشاهد صراع وتنافس العالم الفني اليوم إلا من خلال منظاره الضيق، الذي لا يخدم كياننا كدولة لها الحق في أن تنافس في جميع المجالات وليس في الفن فقط.