ما عادت الأحداث العالمية تمر على الشباب السعوديين مرور الكرام، بل باتوا يتفاعلون معها بشكل كبير ويعمدون إلى تسجيل مواقفهم منها. وبدا واضحاً في السعودية منذ أعوام قليلة التفاعل الكبير مع كل ما يتعلق بالتوعية بالأمراض حتى ارتبط شهرا تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) بحملات التوعية ضد سرطان الثدي وسرطان البروستات، ما فتح الفرصة للمشاركة في الفعاليات المرتبطة بهذين الحدثين، سواء بتعليق شريطة وردية على اللباس أم بالانخراط في حملات توعية ميدانية. وتحولت بعض المراكز التجارية والطبية في السعودية خلال الشهر الماضي إلى اللون الوردي، بهدف التعريف بالفعالية العالمية، والتشجيع على الكشف المبكر عن المرض. وأطلق وزير الإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة أخيراً مجلة «وردي» الإلكترونية المتخصصة بمرض سرطان الثدي، كأول مشروع إعلامي في منطقة الشرق الأوسط لمحاربة المرض الذي انتشر بين السعوديات. وذكرت رئيسة تحرير مجلة «وردي» الدكتورة سامية العمودي، أن المجتمعات النسائية العربية بحاجة إلى الارتقاء بالوعي الصحي بسرطان الثدي ما سيتحقق بتوفير المعلومة السليمة ورفع الوعي والمشاركة في إثراء الإعلام الطبي المتخصص. ويحتوى موقع مجلة «وردي» الإلكترونية باللغة العربية، على أقسام عدة تصب جل اهتمامها على الغوص في عمق عالم سرطان الثدي عربياً وعالمياً، ونقل تجارب نساء عربيات وسعوديات مع هذا المرض، وكيفية انتصارهن عليه، إلى جانب نافذة «الهاتف الساخن» التي خصصت في الموقع للإجابة عن أسئلة المهتمين على مدار الساعة. ولا يقتصر الاهتمام بهذا الشأن الصحي النسائي على الفتيات بل يشمل الشباب الذكور. وأكد المتطوع في الحملة التوعوية راشد العقيل، أن عدداً كبيراً من الشبان يشاركون في الفعاليات الاجتماعية، وقال: «خلال الأعمال التطوعية التي شاركت بها وجدت تفاعلاً كبيراً من الشبان، وهذا نابع من حبهم للخير عموماً وإدراكهم أهمية الموضوع خصوصاً، ولم يجدوا حرجاً في المشاركة في التوعية بأخطار مرض كسرطان الثدي». وظهر أخيراً اهتمام الشخصيات الشهيرة في الأوساط المحلية بالتوعية، إذ كان أطل مدرب فريق الهلال السعودي سامي الجابر في لقاء تلفزيوني واضعاً شعار الحملة التوعوية بسرطان الثدي، ما اعتبر أمراً لافتاً لم يعتد الناس عليه في السعودية. وكان آخر إحصاء صدر عن السجل الوطني للأورام أوضح أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي بين السيدات السعوديات تمثل 13.5 في المئة من مجمل الإصابات، موضحاً أن عدد الإصابة سنوياً هو 22 إصابة بين كل 100 ألف سيدة، يبلغ متوسط أعمارهن 48 عاماً. كذلك يتم نشر التوعية بسرطان الثدي عبر الدراما السعودية، بتخصيص حلقات من مسلسلات شعبية تتناول هذا المرض، وتشرك المنتسبين إلى جمعية سرطان الثدي السعودية في العمل، فيتم التعريف بدور الجمعية وإسهاماتها في علاج عدد كبير من الحالات، إضافة إلى ارتداء عدد من الشبان والفتيات في شهر تشرين الاول شعارات الجمعية وملابس ذات لون وردي. ومع انتهاء شهر تشرين الأول، انتقلت المناسبة العالمية من حواء إلى آدم، إذ عُرف شهر تشرين الثاني بشهر التوعية بالكشف المبكر عن سرطان البروستات، الذي لا يقل خطورةً عن سابقه، بل هو مثله مرتبط بشكل كبير بالناحية الوراثية. واشتهر أخيراً شهر تشرين الثاني بـ«شهر الشنب»، في حملة انطلقت من أستراليا وامتدت إلى كندا وبريطانيا وإيرلندا، وفكرتها العامة تعزيز الوعي بمشاكل الرجال الصحية، ومنها توعيتهم بسرطان البروستات. وبدا تفاعل السعوديين مع «شهر الشنب» ملحوظاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أطلقوا حملات إلكترونية للتفاعل مع تلك المناسبة، ونشروا صوراً لهم بالشوارب. وكما كانت الفعالية الاولى مشتركة، لم تقتصر هذه على الشبان بل شارك فيها بعض الفتيات من خلال نشر صورهن مع رسم شوارب عليها، وارتداء ملابس عليها صور شوارب، بهدف التوعية وتشجيع أقرانهم الذكور على الكشف المبكر وعدم الحرج. وأوضح الاختصاصي الاجتماعي سليمان البطاح أن الشعارات التي تخصص للأيام العالمية كـــسرطان الثدي أو سرطان البروستات تعتـبر علامة تذكـيرية وتفاعلية تهدف إلى تثقيف المجتمع بمعاناة معينة كي يجمع لها المال أو إشعار الناس بمعاناة المصابين بالأمراض. وقال: «التفاعل مع الأحداث الاجتماعية جيد إذا استُغِل في التسويق لهذا اليوم العالمي، فعلى سبيل المثال: في اليوم العالمي للصحة يفترض أن تستخدم الأشياء الصحية أو المأكولات الصحية وتوضع عليها شعارات تناسب المناسبة وتروج لها».