×
محافظة المنطقة الشرقية

رعاية بطولات السلة .. قريبا

صورة الخبر

يمكن تحمل زيادة الكلفة عندما تظهر آثار إيجابية على مستوى جودة العمالة وانضباطها.. المشكلة ان الثقة باستكمال مشروع توطين غير ممكن في مهن اصبح الاحتياج لها كبيرا، ولن يشغلها في المستقبل المنظور مواطنون. ولن تكون الشركات مهما كبرت او صغرت من خلال التجارب التي نراها في قطاع الانشاءات قادرة على سد هذه الفجوة او تقليل الكلفة دخل تطبيق قانون مخالفات الإقامة والعمل حيز التطبيق منذ أسبوعين. ولا اعتقد ان هناك من يقف ضد تطبيق انظمة وقرارات من شأنها تقليل الكلفة الاقتصادية والامنية والاجتماعية لعمالة مخالفة.. ولا اعتقد بوجود مواطن لا يرحب بقرارات من شأنها ان تسهم في توطين وظائف القطاع الخاص لتستوعب الراغبين في العمل، ولا اعتقد ان هناك مواطنا لا يريد ان تخفض كلفة عمالة بلا ضابط ينتج عنها كثير من السلبيات. لكن أيضا لازالت البدائل المناسبة في مهن واعمال تحيط بها ظلال كثيفة من الشك في امكانية توفيرها بشكل مناسب وبسعر معقول بغير العمالة الاجنبية. هناك مهن لا يمكن لعمالة سعودية ان تشغلها لا الان، ولا حتى في المستقبل القريب. وخاصة في قطاع البناء والتشييد. وفي ظل وضع يشكل ازمة حقيقية في الاسكان والمساكن كيف تبدو امكانية البحث عن عمالة مناسبة وبسعر معقول لمواطن وصل بشق الانفس الى مرحلة القدرة على بناء مسكنه؟ لا اتحدث عن أي عمالة، لا اتحدث عن عمالة دخلت البلاد بلا أي مسوغ قانوني ونظامي، وتناسلت بالآلاف وأصبحت تشكل خطرا ماثلا للعيان.. لا اتحدث عن عمالة لا ضرورة لها ويمكن الاستغناء عنها حتى لو ترتب على هذا تحمل بعض الكلفة في مقابل تحقيق قدر افضل من المكتسبات الامنية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد والعباد. فهناك الكثير من المهن التي لو اختفى نصف العاملين بها لم يكن ليضر المواطن. بل ان اختفاء هؤلاء يمكن ان يتيح فرصة أكبر لتوطين الكثير من مواقع العمل تلك. انما الحديث عن مهن محددة لا زالت الحاجة ماسة لها. ويعاني السوق اليوم تجفيفا لها. إنها تلك العمالة التي تنشط في اطار مجموعات صغيرة في قطاع البناء والمقاولات. من سيدفع ثمن شح العمالة من نجارين وبنائين وحدادين وكهربائيين وسباكين ودهانين سوى المواطن المستفيد من المنتج الاخير لهؤلاء. خلال شهرين فقط ارتفعت كلفة بناء المتر المربع (عظم بدون مواد) الى 150 ريالا بعد ان كانت بحدود (100- 110) ريالات. خلال الاسبوعين الماضيين توقفت كثير من اعمال البناء في المشروعات الصغيرة.. وخاصة المساكن الشخصية. وكل ما تم اضافته على العامل من رسوم جديدة تحمله المواطن وسيتحمل أكثر من هذا بعد ان تجف عمالة البناء في السوق. وسيتحمل المواطن كلفة التعطيل وزيادة الاجور إذا كانت ستعمل على تحسين استيعاب عمالة سعودية، أو اذا كانت ستعمل على توفير عمالة مميزة ومنضبطة فهذا جيد، وسيكون فيه تعويض. أما اذا لم تتغير الامور عن ذي قبل، واصبحت هذه العمالة تتبع مؤسسات، لا وظيفة لها سوى ختم عقود عمل فهي ستكون زيادة في الكلفة دون ان تعمل على تحسين الجودة، ما يعني اننا نساهم بطريقة او بأخرى في مزيد من وضع الضغوط أمام مواطن يعاني اصلا من مشكلة الاسكان، وفي قطاع يستقطع اليوم جزءا كبيرا من العمالة المتوفرة. ثم يبقى سؤال آخر، ما هو المتصور للحل مستقبلا. هل ستكون شركات العمالة الكبرى هي الحل، هل سيسمح لها باستقدام عشرات الالاف من العاملين، وكيف يمكن أن تشرف على هؤلاء، او تقوّم انتاجهم، ام ستكون فقط غطاء لاستعادة السوق لعمالته؟ الفارق فقط في أجرتها المرتفعة ومكاسب الشركة، التي لن تكون رحيمة بمواطن وقع بين سندان القرارات التي لم تصنع بدائل ممكنة، ومطرقة عمالة صارت الشركات تتحكم بأجورها دون ان تحقق مستوى مماثلا في الجودة او الاسعار المنضبطة. راقبوا اسعار البناء هذه الايام انها تتحرك بلا سقف مقنع، وكل ذلك بسبب الخوف من شح العمالة، ما يعني ان أي مسكن صغير يتطلب لبنائه كلفة اضافية لا تقل عن ثلث التكلفة قبل عام من الان. وفي وقت تظل معالجة ازمة الاسكان اولوية في سلم الاهتمام الحكومي. وزارة الاسكان لازالت تعيش حالة ارتباك بين قرارات البناء السابقة او الآلية الجديدة القائمة على ارض وقرض. والارض والقرض – إن توفرا - يتطلبان عمالة جيدة وبسعر معقول وضمن امكانات قرض يجب ان يغطي على الاقل ثلثي كلفة البناء. ومن القطاعات التي ستعاني وظهرت آثارها في السوق، قطاع الزراعة. حيث لا بدائل عن الايدي العاملة الاجنبية في هذا القطاع. ما ادى الى رفع اسعار المنتجات الزراعية، وساهم في زيادة كلفة المعيشة اليومية. إن كل ريال يزيد في كلفة أي عامل في منشأة او مؤسسة او قطاع سيدفعه المواطن. لن تتحمل تلك المنشآت تلك الكلفة بل ستضعها في الفاتورة النهائية. ما يعني انها رمت بكل تلك الاعباء على مواطن يعاني اصلا من ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة. السباك، او الكهربائي الذي يمكن الاستعانة به لإصلاح ما قد يتلف في أي بيت تضاعفت اجرته خلال الشهرين الماضيين. وعند السؤال، تأتيك الاجابة: إنها الرسوم الجديدة واختفاء كثير من العاملين في هذه المهن. المرجو ان تكون هذه القرارات تخدم أهدافها اولا واخيرا. يمكن تحمل زيادة الكلفة عندما نرى آثارا إيجابية على مستوى جودة العمالة وانضباطها وتوفير اكبر قدر من الوظائف لأبنائنا. المشكلة ان الثقة باستكمال مشروع توطين غير ممكن في مهن اصبح الاحتياج لها كبيرا، ولن يشغلها في المستقبل المنظور مواطنون. ولن تكون الشركات مهما كبرت او صغرت من خلال التجارب التي نراها في قطاع الانشاءات قادرة على سد هذه الفجوة او تقليل الكلفة.. بل المنظور انها ستكون اكبر كلفة وابطأ إنجازا. المقترح ان تكون وزارة العمل ضامنا او كفيلا لعمالة التشييد والبناء أو العاملين في المجال الزراعي.. الذين لم يستطيعوا حتى اليوم تصحيح اوضاعهم قانونيا، لأسباب كثيرة ومتعددة، وان يقتصر هذا على تلك المهن التي نحتاجها بشدة في هذه المرحلة والتي لا يمارسها السعوديون حتى اليوم، وليس من المنظور القريب انهم سينخرطون بها كمهن التشييد والبناء والكهرباء والسباكة والزراعة وغيرها مما يدخل في الانشاءات وأعمال الصيانة، وأن تقدم تفويضا لأي منهم بممارسة العمل ضمن شروط وقواعد تضمن معالجة السلبيات. وكون الوزارة تقدم نفسها كفيلا لهؤلاء سيكون هذا ضامنا لحقوقهم، كما يضمن حقوق المشغل عند حدوث أي خلاف او إخلال من قبل الطرف الاول. ويمكن ان يكون تجديد رخصة العمل كل ستة أشهر، لفحص سجل العامل من الناحية القانونية والامنية وبشكل مستمر. وبهذا سيكون هناك تدفق لعمالة في مهن لابد من الوفاء بها، وفي ذات الوقت القضاء على شح العمالة او التحكم بالمتوفر منها بالسوق، وكذلك عدم تعرض المنشآت والمشروعات للتعطيل، كما أن هذا من شأنه ان يحد من السلبيات السابقة التي كان ابرزها وسطاء بيع التأشيرات والمؤسسات الوهمية..