اهتز الوطن بكافة أطيافه تعاطفا مع معلمة تبوك التي لم يتحمل قلبها الكبير المملوء بمشاعر الأمومة الصادقة وقع الصدمة.. فهي كانت وهي المعلمة التي لم تصدر عن فراغ إنما كانت تدرك معنى التفوق.. وكانت شاهدة إثبات على نبوغ ابنتها التي سهرت الليالي الطوال وبذلت الجهد الكبير مهرا للوصول إلى الهدف الذي رسمته لنفسها.. وعملت بكل ما أوتيت من جهد ثمنا لما اختطته لنفسها.. شأن كل الواعين من طلابنا وطالباتنا. (من يطلب الحسناء لم يغلِها المهر ). وجاءت نهاية العام لتقرب الهدف.. وكان المجموع المبهر في يدها ثمنا تدفعه في مقابل الطب ذلك الحلم الذي راودها من زمن بعيد.. وعندما حان الأوان جاءت في ثقة واعتداد لتأخذ جائزة التفوق.. وكانت المفاجأة الكارثة التي نزلت على أمها كالصاعقة. وذبح، مالهم جميعا على قارعة القسوة والظلم.. عندما جاءت نتيجة اختبار القدرات الأمر الذي لم يحتمله قلب الأم المسكينة.. فترنح قلبها الكبير الذي لم يجد ما يعبر عنه سوى الموت. اختبار القياس أو القدرات أحسب أنها تكوير لطموحات أولادنا وتفريـغ للنبوغ وبقدرات التفوق وإزهاق لروح الاجتهاد.. ووأد للنجاح وسلبه من المستحق وتجييره للآخر دونما حق مشروع.. وعلى صخرته فقد كثيرون من أولادنا حقوقهم المشروعة وتكسرت أمانيهم وأخفقت قدراتهم وأصابهم العطب ردة فعل لفعل ظالم. أذكر على أيامنا في السبعينات والثمانينات أن اختلق بعض المسؤولين عن الابتعاث لعبة كهذه الفرية من أجل حاجة في نفس المشرفين على الابتعاث تتيح لهم تمرير من يريدون على حساب تكسير مجاديف أساطين التفوق الفعلي. وكانت أسئلة المفاضلة أو الحيلة التي تلعب دور (قشرة الموز) لتزحلق المستحق وتحرمه من فرصته الجدير بها.. ليبتزها وبغير وجه حق المدللون ممن فرضوا عنوة. وقد كانت الأسئلة في حد ذاتها مدعاة للسخرية والازدراء.. من أمثلة: هل يرث ابن الاغه. لماذا نضع الغطى فوق زيـر الماء. لماذا نعلق اللمبة في السقف. لماذا نضع الكوفية على الرأس. ما هو الشيء الذي بين الأرض والسماء. ما هو الشيء الذي وسط مكة. وما أشبه الليلة بالبارحة. ترى هل يدرك المشرعون لمثل هذه الأنظمة القاتلة للمعنويات وبراعم الأمل والنجاح. إن في هذا افتراء لرواد النجاح والتفوق.. ثم لم لا تكون هذه مادة تدرس في صلب المنهج الدراسي رحم الله معلمة تبوك وتقبلها في العليين. وسوف يقتص لها.. الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. لقد تعاطف الجميع مع هذه المعلمة الفاضلة ومأساتها.. مأساة التفوق وثمنها الباهظ. ولطالبتنا الراقية المتفوقة التي ترنحت تحت وطأة الصدمة الأولى.. وما لبثت أن خارت تحت وطأة المأساة الأكبر فقد خسرت أغلى شيء عندها في حياتها (ست الحبايب) التي أرضعتها لبان التفوق منذ نعومة أظفارها.. كان الله في عونها. وأعانها على تجاوز هذه العثرات.. ولعل هذا التجاوب الذي فرش عبر الأثير مساحات عريضة يكون له الأثر في امتصاص آثار هذه الكارثة وتفتح شهيتها من جديد ويقيض لها ومن هم على شاكلتها من ينصفهم.. ونناشد المسؤولين إعادة النظر في هذه الاختبارات.. التي حكمت بالإعدام على قدرات الكثير من فلذات الأكباد. وحسبي الله ونعم الوكيل. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة