أثار الحكم بإعدام سيف الإسلام نجل العقيد معمر القدافي، وصهره عبد الله السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات السابق، والبغدادي المحمودي آخر رئيس حكومة قبل انهيار نظام القدافي، ردود فعل واسعة داخل ليبيا وخارجها. ففي ليبيا، حث المبروك قريرة وزير العدل في الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، المجتمع الدولي على عدم الاعتراف بهذه المحاكمات، معتبرا أن القضاة بالمحاكم في مدينة طرابلس يعملون تحت تهديد السلاح. بينما هددت عائلة السنوسي بالانتقام، بينما أدان محامي سيف الإسلام القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية محاكمة موكله غيابيا في طرابلس، ووصفها بأنها صورية. وقال المحامي البريطاني جون جونز، الذي قاد مساعي كبيرة لمثول القذافي أمام المحكمة الدولية في لاهاي بحيث لا يمكن الحكم عليه بالإعدام، إن «وزير العدل الليبي نفسه قال إن المحاكمة غير قانونية»، مضيفا أن «الأمر برمته غير قانوني من البداية للنهاية.. إنه قتل بحكم القضاء». وفي تونس، قال محامي البغدادي المحمودي إنه «سيقاضي المسؤولين لدى السلطات التونسية الذين كانوا وراء تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي، الذي يواجه حكما بالإعدام في ليبيا». وقال مبروك كورشيد، أحد محامي هيئة الدفاع عن المحمودي لدى احتجازه في تونس بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي بليبيا، إنه سيعمل على تتبع كل من تورط في تسليم منوبه إلى السلطات الليبية أواخر سنة 2012، وكل من أسهم في إيذائه، وكل من أصدر حكما باطلا ضده. وكانت الحكومة الإسلامية في تونس، برئاسة حمادي الجبالي آنذاك، وراء تسليم البغدادي إلى السلطات الليبية، وقد قال الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي في تلك الفترة إنه لم يكن على علم بقرار الحكومة الذي فجر انتقادات منظمات حقوقية ضد تونس. لكن فور صدور الحكم بالإعدام ضد البغدادي أمس، أصدر المرزوقي بيانا أكده فيه تنديده بقرار المحكمة، وعدم مسؤوليته في تسليمه إلى السلطات الليبية. وقال المرزوقي بهذا الخصوص «خلال أداء مهامي كرئيس جمهورية رفضت الموافقة على تسليم البغدادي المحمودي حتى ضمان شروط محاكمة عادلة، وتسليمه تم دون علمي ودون موافقة لا مكتوبة ولا شفوية، وذلك من طرف رئيس الحكومة والوزراء المباشرين للقضية». وأضاف المرزوقي موضحا «لقد عملت طيلة فترة رئاستي على متابعة وضع السجين البغدادي المحمودي في ليبيا من خلال إرسال لجنة اطلعت بشكل منتظم على وضعه في السجن». كما دعا الرئيس السابق في بيانه السلطات الليبية لعدم تنفيذ الحكم «لتبعاته السلبية الكثيرة على صورة ليبيا وعلى حظوظ حوار وطني». وقال كورشيد في تصريح إذاعي أمس إن «البغدادي سلم بطريقة غير قانونية، حيث سلمه حزب سياسي إلى جهة غير معترف بها قانونيا، وتمت محاكمته في محكمة صورية وهزلية وغير شرعية»، مضيفا أن «الحكم فظيع ولا يتماشى مع القيم الدينية والأخلاقية والسياسية». من جانبها، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنها «منزعجة بشدة لأحكام الإعدام»، وأضافت في بيان «لقد راقبنا عن كثب الاحتجاز والمحاكمة، ووجدنا أن معايير المحاكمة الدولية النزيهة لم تتوفر»، مشيرة إلى عدم تحديد المسؤولية الجنائية لكل فرد، وعدم السماح للمتهمين باستشارة المحامين، ومزاعم عن سوء المعاملة وإجراء المحاكمة غيابيا. وانتقدت الأمم المتحدة حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة ليبية أمس ضد سيف الإسلام، وعدد من رموز نظام القذافي، حيث رأت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، أنه تم انتهاك معايير قانونية معترف بها خلال محاكمة نجل القذافي والمتهمين الآخرين. وأوضحت أن المحكمة لم تثبت بشكل كاف إدانة كل واحد من المتهمين على حدة، مضيفة أنه كانت هناك مشكلات جادة في مسألة تواصل المتهمين مع المحامين الموكلين عنهم، وأن نظر الجرائم التي يفترض أنها ضد الإنسانية لا ينبغي أن يتم إلا من خلال إجراءات ومحاكمة عادلة، تحترم فيها حقوق المتهمين. وفي سياق متصل، أدلى كلاوديو كوردوني مدير شؤون حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بتصريحات مشابهة عن الحكم الذي ما زال يثير الكثير من ردود الأفعال المتباينة.