في الوقت الذي تحاصر فيه القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والمقاومة الشعبية الجنوبية، القاعدة العسكرية، وباتت على وشك استعادة السيطرة عليها، بدعم جوي من قوات التحالف، وفيما تجري المعارك في محيط القاعدة، كشفت منظمة حقوقية في عدن، أمس، احتجاز الميليشيات الحوثية لأكثر من 1500 شخص داخل «قاعدة العند» العسكرية الاستراتيجية (60 كيلومترا شمال عدن)، واستخدامهم كدروع بشرية، أدت الحرب على عدن التي أحكمت من خلالها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح سيطرتها على المناطق الواقعة جنوب - شرق عدن «العريش، خور مكسر، المعلا، القلوعة، كريتر، التواهي» إلى سقوط 690 قتيلاً و5300 جريح من الضحايا المدنيين بينهم 280 تعرضوا للقتل برصاص قناصة و25 امرأة و37 طفلا، وذلك خلال الفترة من أواخر مارس (آذار) وحتى 25 يوليو (تموز) الحالي، حسبما رصدته منظمة حق للدفاع عن الحقوق والحريات. وأكدت منظمة حق في بلاغ صحافي لها أصدرته، أمس، تسجيل 450 حالة وفاة بحمى الضنك والأوبئة الفتاكة وإصابة 6500 شخص بهذه الأمراض وذلك حتى 12 يونيو (حزيران) الماضي. وقال خضر الميسري رئيس منظمة حق بأنه خلال 70 يومًا من المسح الميداني بصورة واقعية ومهنية في تقصي الحقائق من مصادرها والوقوف أمام التفاصيل المتعلقة بالاعتداءات وتوثيقها وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فقد شمل المسح الأماكن التي تم الوصول إليها ضمن 7 مناطق مأهولة بالسكان المدنيين، كانت هدفًا للهجمات العسكرية وهي خور مكسر المعلا وكريتر والعريش ودار سعد والقلوعة والتواهي. ونفذت القوات الحوثية سلسلة اعتداءات مسلحة على المناطق السكنية بمحافظة عدن استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بالمخالفة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الإنساني، ومنها المدفعية الميدانية وصواريخ الكاتيوشا ودبابات «T62» و«بي - إم - بي» ومضادات الطيران عيار 37 وعيار 23 وقذائف الهاون وسلاح «آر بي جي». وعمدت الميليشيات إلى استخدام الأسلحة الخفيفة الثقيلة والمتوسطة في قصفها مناطق السكان المدنين بعشوائية وبطريقة عابثة، مع علمها المسبق بأن هذه الهجمات ستسفر عن خسائر في الأرواح وإصابات بين المدنيين، وستلحق تدميرا واسع النطاق بالممتلكات، إلى جانب التهجير القصري للأهالي وإلحاق الأذى النفسي بصغار السن من الأطفال محليا وعلى المدى البعيد. وفي ظل الظروف الإنسانية الصعبة الناجمة عن الاعتداءات المسلحة التي مرت بها مدينة عدن النطاق الجغرافي لعملية الرصد، فقد تعاملت الأمم المتحدة بحسب «حق» بازدواجية المواقف غير الواضحة والمثيرة للجدل، مؤكدة أن الأمم المتحدة لم تكن في المستوى المطلوب تجاه الأزمة الإنسانية في مناطق الجنوب بشكل عام لتغاضيها عن الجوانب الإنسانية وخطورة الوضع الكارثي. وأوضحت المنظمة بأن الأمم المتحدة لم تعمل بجدية على إدخال المساعدات الإنسانية والاحتياجات الإغاثية العاجلة إلى المناطق المنكوبة، وكان الأمر لا يعنيها، كما كان حرصها على أن تصل المساعدات الإغاثية إلى مناطق بعينها. وأبانت «حق» أن الغموض الذي يكتنف الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام ومبعوثه الجديد لليمن، في طريقة تعاملهما في إدارة ملف الإغاثة الإنسانية، وربطه بملفات سياسية ومحلية وإقليمية دون اكتراث أو مبالاة بخطورة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، فقد أراد بذلك أن تكون الأمم المتحدة أداة تحركها مصالح الدول الكبرى غير الجديرة بالاحترام على حساب الشعوب المقموعة. وفي معرض حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تشير المحامية والناشطة الحقوقية أقدار مختار وهي أحد أعضاء مبادرة «توثيق دمار عدن»، بأن المدن المحررة كريتر خور مكسر المعلا التواهي تعرضت لعدوان غاشم ومتعمد من الحوثيين، مضيفًا: «لقد دمر كل شي جميل في تلك المدن التاريخية حتى الأحياء السكنية لم تسلم من جرائمهم»، وقالت إن نسبة الدمار في تلك المدن تتراوح بين 60 في المائة إلى 80 في المائة، مشيرة إلى أن البنية التحية تم تدميرها كليا، وكذلك الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والمراكز الصحية والمستشفيات ومحطات التموين، وكثير من الممتلكات العامة والخاصة فجميعها إما دمرت كليا أو جزئيًا، وأضافت: «بحسب جولتنا التوثيقية في تلك المدن خلال 3 أيام، فقد تبين أن حجم الدمار كبير جدًا، وشمل كل شيء ينبض بالحياة في عدن»، مؤكدة أن ما خلفته ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من دمار بحق عدن خلال 3 أشهر يفوق كثيرًا ما دمره نظام الأسد بحق سوريا خلال 4 سنوات. وأوضحت المحامية أقدار مختار أن معالم آثار جرائم الميليشيات في خور مكسر المعلا التواهي كريتر ما زالت ماثلة للعيان، وهي تعكس مدى الحقد والإجرام الذي كانت تحمله ميليشيا الحوثي وعفاش تجاه عدن، داعيةً المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة إلى الوجود في عدن لمعاينة ما حل بالمدينة من قتل ودمار يفوق ما خلَّفه اجتياح المدينة في حرب صيف 1994.