بيروت: «الشرق الأوسط» اعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن «إعلان بعبدا»، القاضي بتحييد لبنان عن الأزمة السورية، مضافا إلى تصوّر الاستراتيجية الدفاعية، يعتبر «مقاربة جيدة تخدم مصلحة لبنان». وذكر بأن هذا الإعلان «أقر بالتوافق وبإجماع الحاضرين من الأفرقاء اللبنانيين، ولا مجال لنقضه»، داعيا إلى وجوب «العودة إلى البيت اللبناني الذي يحتضن الجميع تطبيقا له». وقال سليمان، خلال ندوة نظمها «منتدى بعبدا» أمس في بيروت، بعنوان «الاستقلال من الميثاق إلى إعلان بعبدا»، وفي حضور حشد سياسي ودبلوماسي، إن «أهداف إعلان بعبدا حوارية توافقية، إلا أن الاهتمام الأساسي الذي يدور حوله الإعلان هو البند 12 القائل بتحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات، ودرء الانعكاسات السلبية لهذه الأزمة». وأوضح أن «إعلان بعبدا أقر سياسة التحييد الإيجابي، ولم يقر سياسة النأي بالنفس، التي هي ليست سياسة لبنان تجاه القضايا العربية». وشدد الرئيس اللبناني على أن «إعلان بعبدا لم يتكلم عن الحياد، بل تكلم عن التحييد، مع الالتزام بالقضية الفلسطينية وبالإجماع العربي وبالشرعية الدولية». وتابع: «من هنا، عندما هددت سوريا بالضربة العسكرية، ردا على الهجمات الكيماوية، صدر أول تصريح لي أكّدت فيه عدم الموافقة على تدخل عسكري في سوريا، أو أن يكون لبنان ممرا لهذه الضربة، لا بالفعل ولا بردود الفعل». وأكد سليمان أن «إعلان بعبدا ليس ظرفيا، وسنكون بحاجة إليه أكثر في المستقبل». واعتبر أن «أهداف المنتدى هي إحياء هذا الإعلان الذي اتخذ كوثيقة رسمية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولاقى دعم الاتحاد الأوروبي والأمانة العامة للجامعة العربية»، مكررا ما سبق أن أعلنه بأن «هذا الإعلان لم يتطرق إلى الاستراتيجية الدفاعية، بل قال فقط إنه يقتضي مناقشة هذه الاستراتيجية». ونتج «إعلان بعبدا» عن اجتماع عقدته هيئة الحوار الوطني بدعوة من الرئيس اللبناني خلال يونيو (حزيران) 2012، على إيقاع تطور أزمة سوريا، وعلى خلفية الفوضى على الحدود اللبنانية - السورية وتهريب السلاح والمسلحين. وتضمن مجموعة من البنود، أبرزها البند 12، القاضي بـ«تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية». وتخلل الندوة، أمس، كلمة للسفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبكين، الذي أكد «احترام سيادة الدول واستقلالها من دون تدخل خارجي»، لافتا إلى أن «لبنان وقف موقفا متميزا وحكيما، وأيّدت روسيا إعلان بعبدا منذ اليوم الأول، لأنه يتضمن الحفاظ على الاستقرار الداخلي وإيجاد الحلول عن طريق الحوار وتجنب الفتنة الطائفية، إضافة إلى تحييد لبنان عن النزاعات الدولية». كما أشار إلى أن «التطرف يتوسع عبر الحدود، ووضع حاجز أمامه سينعكس إيجابا على أمن لبنان وكل دولة، نظرا إلى أن الوضع اللبناني مرتبط بالتسوية السياسية في سوريا»، معتبرا أنه «من المفيد أن يشارك لبنان في مؤتمر جنيف 2 الدولي حول سوريا، لأن هذا الأمر من شأنه أن يزيل المتاعب اللبنانية ويسمح بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، ويؤثر إيجابيا على الأجواء العامة في البلاد». وأشار زاسبكين إلى «وجوب أن يبقى إعلان بعبدا وثيقة للشراكة الوطنية»، معتبرا أن «هذا الإعلان هو من الوثائق الدبلوماسية السياسية المعاصرة، تعتمد على ثوابت الشرعية الدولية، ومن الممكن الاستفادة منه من قبل المجتمع الدولي في المستقبل». من جهته، أكد منسق الأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي، أن «الأمم المتحدة كانت شريكا للبنان في جهوده لإحلال الاستقرار وتعزيز السيادة، وحصل تغيير جذري بعد 2006، وصدور القرار 1701»، في إشارة إلى القرار الدولي الذي صدر إثر الحرب الإسرائيلية على لبنان، خلال يوليو (تموز) 2006، وأقر اتخاذ «ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان». وقال في كلمة ألقاها خلال المنتدى: «اعترفت الأمم المتحدة بالأعباء الثقيلة من جراء تدفق النازحين السوريين إلى لبنان، وتعمل على تأمين المساعدات اللازمة، وكانت كل هذه الأمور في صميم اجتماع نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي». ورأى بلامبلي أنه «نظرا للعلاقات بين لبنان وسوريا، من الواضح أن لبنان معني بنجاح العملية السياسية لوقف الحرب في سوريا»، لافتا إلى أن حكمة لبنان هي بسياسة النأي بالنفس. وتابع: «شجّعت الأمم المتحدة الحوار بين اللبنانيين، ولم يكن مفاجئا ترحيبها بإعلان بعبدا، وتعميمه كوثيقة من وثائق مجلس الأمن، وهو يتضمّن العديد من العناصر المهمة التي أثارتها الأمم المتحدة».