أطلق اكتشاف وكالة الفضاء الأميركية ناسا لكوكب مشابه لكوكب الأرض الحلم القديم للبشر بإمكانية وجود كائنات حية في كواكب أخرى من الكون، وهو حلم تختلط فيه الحقائق المثبتة بالخيال العلمي. ويقع الكوكب المشابه للأرض المكتشف حديثا على بعد 1400 سنة ضوئية، علما أن السنة الضوئية الواحدة هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة، وهي تساوي نحو 10 مليارات كيلومتر. وأطلق على الكوكب اسم "كيبلر 452 بي"، اذ انه اكتشف بفضل التلسكوب الأميركي كيبلر، وهو يدور حول شمس ذات خاصيات تجعلها مشابهة لشمسنا. ويتم الكوكب دورة حول شمسه في 385 يوما، أي أن سنته مؤلفة من 385 يوما، وهو عدد قريب لعدد أيام السنة الأرضية البالغة 365 يوما، وفقا للباحثة في علوم الفضاء في جامعة بوردو املين بولمون. أما شمسه فهي اكبر من شمسنا بنسبة 4 % فقط، وأكثر إشعاعا منها بنسبة 10 %. وقطر الكوكب "كيبلر 452 بي" اكبر من قطر كوكبنا بنسبة 60 %، ويرجح العلماء ان يكون كوكبا صخريا مع غلاف جوي كثيف وكميات كبيرة من المياه على سطحه. ولا يستبعد العلماء أيضا أن يكون ذا نشاط بركاني على غرار كوكبنا. ولهذه الأسباب مجتمعة، قال العلماء إن هذا الكوكب هو الأكثر مشابهة لكوكب الأرض من بين كل الكواكب المكتشفة حتى الآن خارج المجموعة الشمسية. ويقول توك كيرس عالم الفضاء في المرصد الملكي في غرينتش "ما زلنا لا نعرف حتى الآن ما ان كان هذا الكوكب صخريا أم غازيا، وفي حال ثبت انه صخري فسيكون اكثر الكواكب المكتشفة حتى الآن تشابها مع كوكب الأرض، ويدور حول شمس تشبه شمسنا". ويضيف "هناك احتمال كبير ان يكون الكوكب صخريا، وان كان كذلك فهو سيكون مناسبا للحياة". لكن ايملين بولمون ترى انه من الصعب التثبت من احتمال ان كان مناسبا للحياة فعلا ام لا، اذ سيكون من الصعب حاليا تحديد خاصيات غلافه الجوي ومعرفة ما ان كان يحتوي فعلا على المياه. وكذلك يقف عالم فيزياء الفضاء جان شنيدر موقف الحذر قبل الإفراط في التفاؤل بهذا الاكتشاف، ويقول "لن يكون هذا الاكتشاف منطلقا حقيقيا لأي شيء مهم إلا حين يطلق التلسكوب الفضائي جيمس ويب (في العام 2018) ويزودنا بالمعلومات اللازمة حول تكوين الغلاف الجوي لهذا الكوكب". لكن بأي حال، ادى اكتشاف "كيبلر 452 بي" الى احياء الآمال بالعثور على كوكب توأم لكوكب الأرض في مكان من الكون الشاسع. ولدى الإعلان عن الاكتشاف، قال جون جينكينز احد مسئولي تحليل بيانات التلسكوب كيبلر أن سطوع أشعة نجم الكوكب على سطحه يشبه إلى حد كبير سطوع أشعة الشمس على الأرض، لكن جاذبيته توازي ضعف جاذبية الأرض. ورجح هذا العالم أن يقدر البشر على التكيف مع ظروف هذا الكوكب والعيش على سطحه في حال وصل الإنسان إليه. لكن الوصول إليه لن يكون في متناول يد البشر، على الأقل في ظل التقنيات الموجودة حاليا، والتي لا تكفي سوى للتحرك في بقعة لا تكاد تذكر من حجم الكون المترامي الأطراف. فالمسبار الفضائي الاسرع حتى اليوم، وهو المسبار الاميركي جونو، يسبح في الفضاء بسرعة 138 الف كيلومتر في الساعة، ولكنه بهذه السرعة التي تبدو هائلة سيحتاج 11 مليون سنة ليصل إلى كيبلر-452. ويقول توم كريس "ربما سيطور البشر يوما ما التقنيات اللازمة للسفر في الكون والتعرف على مليارات العوالم المخبأة بين النجوم".