ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑﺪّ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﺑﺮﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻓﺮﺍﺯﺍﺕ ﻭﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﻔﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺁﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻜﻴﻴﻔﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮّ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺟﺮّﺍ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺃﻣﻨﻴﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻹﺛﻴﻮﺑﻴﺔ، ﻭﻟﻴﺘﻨﺎ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻣﺒﺪﺃ "ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ" ﻭﺍﻟﺒﺪﺀ ﺑﺎﻷﻫﻢ ﻓﺎﻟﻤﻬﻢ، ﻛﺤﻞّ ﺣﺘﻤﻲ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﺟﺒﺖ ﺇﺛﻴﻮﺑﻴﺎ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻧﺤﺐ ﻧﺤﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﺒﻼﺩ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ، ﻣﻦ ﺃﻗﺼﺎﻫﺎ ﻷﻗﺼﺎﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺳﺖ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﺇﺑﺎﻥ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ "ﻋﻜﺎﻅ"، ﻭﻛﺘﺒﺖ ﺗﻘﺮﻳﺮﺍ ﺻﺤﺎﻓﻴﺎ ﻣﺼﻮﺭﺍ ﻋﻨﻬﺎ، ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ﺣﻠﻘﺎﺕ، ﻭﺃﺑﺤﺮﺕ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻯ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ، ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺍﻷﻭﻝ، ﻭﻻ ﺃﻧﺴﻰ ﺯﻳﺎﺭﺗﻲ -ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ-ﻟﻀﺮﻳﺢ ﺍﻟﻨﺠﺎﺷﻲ، ﻭﺛﻠﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﻓﻨﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﻫﻨﺎﻙ-ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ- ﻣﺎ ﺣﻔﺰﻧﻲ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ. ﻛﻢ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﻔﺠﻴﻌﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﺮﺃ ﺗﺄﺭﻳﺨﺎ ﺩﻣﻮﻳﺎ ﺗﺠﺎﻩ ﺇﺧﻮﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻦ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺑﻄﺸﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﺄﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻬﺎ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻭﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ، ﻭﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻞ 30 ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻘﻂ، ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﻻ ﺗﻔﺼﻠﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﻣﺌﺘﻲ ﻛﻴﻼ ﻓﻘﻂ. ﻓﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺴﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺷﺮﺱ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ- ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺛﻠﺚ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻹﺛﻴﻮﺑﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﻌﻴﹽﻦ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﺿﻰ ﻋﻨﻪ، ﻭﻳﺘﺪﺧﻞ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﻭﻣﺠﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﻳﺘﺒﺎﺭﻯ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻟﻰ ﺇﺭﺿﺎﺋﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺫﺑﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻮﺛﻨﻴﻴﻦ. ﻭﻣﺮّ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻠﻮﻙ ﻟﻦ ﻳﻨﺴﻮﻫﻢ، ﺟﺮﺍﺀ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺮﻓﺖ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺗﺠﺎﻫﻬﻢ، ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ "ﻳﻮﺣﻨﺎ" ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺮّﺭ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻭﺣﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻭﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻋﺘﻨﺎﻕ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻮﺕ. ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻤﻠﻚ "ﺛﻴﻮﺩﻭﺭ" ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﺿﻄﻬﺎﺩﻩ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﺒﺎﺋﻞ "ﺃﻭﺭﻭﻣﻮ" ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺹ، ﻭﺃﺩﺧﻠﻬﻢ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﻋﻨﻮﺓ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻱ "ﻧﺎﺑﻴﻴﺮ" ﺩﺣﺮﻩ ﻭﻗﺘﻠﻪ ﺷﺮّ ﻗﺘﻠﺔ، ﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ "ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ" ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻭﻭﺭﺙ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﻓﺎﺳﺘﺒﺪ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﺘﺬﺍﻙ، ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺤﻤﻠﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﺳﻼﻓﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺨﻠﺼﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻄﺸﻪ ﻭﺩﻣﻮﻳﺘﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻃﺎﺣﺖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺷﻬﻴﺮﺓ، ﻭﻗﻄﻌﻮﺍ ﺃﻭﺻﺎﻟﻪ ﺟﺰﺍﺀ ﺑﻤﺎ ﻧﻜﻞ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ. ﻭﻳﺘﻮﻟﻰ "ﻣﻨﻠﻴﻚ" ﺍﻟﺤﻜﻢ -ﻣﺆﺳﺲ"ﺃﺩﻳﺲ ﺃﺑﺎﺑﺎ"- ﻭﻳﻜﻤﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻳﻠﻌﺐ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻟﻌﺒﺘﻪ، ﺇﺫ ﻳﻮﺻﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﺵ ﻟﺤﻔﻴﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺘﻪ "ﻟﻴﺞ ﻳﺎﺳﻮ" ﻭﻫﻮ ﺛﻤﺮﺓ ﺯﻭﺍﺝ ﺑﻴﻦ ﺍﺑﻨﺔ"ﻣﻨﻠﻴﻚ" ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺒﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﺼﺮ، ﻭﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﻭﻗﺘﻬﺎ -ﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ 1913ﻡ- ﺑﺎﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﻋﺎﺩ ﻟﻬﻢ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻧﺎﺻﺒﺘﻪ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ، ﻭﺧﻠﻌﻮﻩ ﻭﻋﻴﻨﻮﺍ"ﺯﻭﺩﻳﺘﻮ" ﺍﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺳﻨﻪ، ﻭﻋﻴﻨﻮﺍ ﺍﻟﺮﺃﺱ "ﺗﻔﺮﻱ" (ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻫﻴﻼﺳﻼﺳﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ) ﻭﺻﻴﹽﺎ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﻮﻥ ﻭﺍﺣﺘﻠﻮﺍ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻢ ﺗﻄﺄﻫﺎ ﻗﺪﻡ ﻏﺎﺯٍ ﺃﺑﺪﺍ، ﻭﻣﻜﺜﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻓﻘﻂ، ﻭﻋﺎﺩ ﺑﻌﺪﻫﺎ "ﻫﻴﻼﺳﻼﺳﻲ" ﺍﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺍ، ﻭﻣﺎﺭﺱ ﺃﺑﺸﻊ ﺻﻨﻮﻑ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻭﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1974ﻡ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺃﺣﺪ ﻗﻮﺍﺩ ﺟﻴﺸﻪ "ﻣﻨﻐﺴﺘﻮﻫﻴﻠﻲ ﻣﺮﻳﺎﻡ" ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩﺭﻙ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻨﺎ ﺣﻜﻤﻪ، ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺇﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺷﻴﻮﻋﻴﺔ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1991ﻡ ﻟﻴﺄﺗﻲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻜﻢ ﺇﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻗﺎﺩﺗﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﻨﺘﺤﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎ.. ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺠﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ ﻭﻗﺘﺬﺍﻙ، ﺃﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻠﻬﺎ ﻏﺎﺯ ﺃﺑﺪﺍ ﻃﻴﻠﺔ 4000 ﻋﺎﻡ، ﺇﻻ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺒﺜﻮﺍ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭﺭﺣﻠﻮﺍ، ﻭﺃﻥ ﺑﻬﻢ ﺟﺒﺮﻭﺕ ﻭﺩﻣﻮﻳﺔ ﻭﺑﻄﺶ ﻭﺑﺄﺱ ﺷﺪﻳﺪ، ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﺱ ﻗﺎﺋﺪ ﺣﺒﺸﻲ ﻧﺼﺮﺍﻧﻲ ﻓﺘﻚ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻫﻮ "ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ"، ﻟﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻨﺎﻙ. ﻣﻤﺎ ﻋﻠﻖ ﻓﻲ ﺫﺍﻛﺮﺗﻲ -ﺑﺮﺣﻠﺘﻲ ﺗﻠﻚ- ﺭﺟﻼﻥ، ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻌﺎﻟﻰ ﺩ.ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻳﻤﺎﻧﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻯ ﻟﻪ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻭﻣﺪﺍﺭﺱ ﻓﻲ ﺃﺣﺮﺍﺵ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻗﺪ ﺯﺍﺭﻫﻢ -ﻳﺮﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻤﻠﻴﺎﺭﺩﻳﺮ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺜﻤﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻪ ﺗﺮﻙ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻄﻌﺔ ﺃﺭﺽ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ ﺧﻴﺮﻳﺎ، ﻣﻦ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﻪ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺒﻴﺪ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ، ﻓﻲ ﻟﻤﺴﺎﺕ ﻣﺤﺴﻦ ﻛﺒﻴﺮ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺤﺴﻨﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺑﻼﺩﻧﺎ، ﻋﻜﺴﻮﺍ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻭﺑﻼﺩﻧﺎ. ﺭﺃﻳﺖ ﺑﺒﻼﺩ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ، ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﺎﺣﺮﺓ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻠﺒﻚ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ. ﺃﺭﺍﺽ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺮّ ﺑﺼﺮﻙ، ﻭﺃﻧﻬﺎﺭ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻭﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪﺍ، ﻭﺃﺗﺬﻛﺮ ﺑﺤﻴﺮﺓ "ﺗﺎﻧﺎ" ﻣﻨﺒﻊ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ، ﺗﻤﺘﺪ ﺣﻮﺍﻟﻲ 75 ﻛﻴﻼ ﻃﻮﻻ، ﻭ45ﻛﻴﻼ ﻋﺮﺿﺎ، ﻭﺑﻬﺎ ﺟﺰﺭ ﻭﻛﻨﺎﺋﺲ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 1500 ﻋﺎﻡ، ﺯﺭﺕ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﺻﻮّﺭﺗﻬﺎ، ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻳﺎ ﻟﻠﻐﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺴﺒﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﺤﻤﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺒﻼﺩﻧﺎ، ﻓﺎﻟﻔﻘﺮ ﻓﺘﻚ ﺑﺄﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺑﻼﺩﻫﻢ، ﻭﺗﻀﺮﺑﻬﻢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻻ ﺃﻧﺴﻰ ﻣﻨﻈﺮﻫﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﻤﺸﻮﻥ ﺣﻔﺎﺓ ﻭﻋﺮﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻧﺴﺎﺀ ﻭﺭﺟﺎﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺟﻨﻮﺏ ﺇﺛﻴﻮﺑﻴﺎ، ﻓﻲ ﻣﻨﻈﺮ ﺻﺎﺩﻡ ﻟﻠﻔﻄﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ﺃﺳﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺘﻲ، ﻷﻭﺻﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ، ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﻭﻳﺤﺮﻗﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﺪﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺎﻟﻴﺔ؛ ﻭﺃﻥ ﺑﻘﺎﺀﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻴﻬﺎ، ﺃﻫﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻘﺮ، ﻭﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﺑﻼ ﺃﻳﺔ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻭﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺣﻴﺎﺓ. ﺃﺩﻋﻮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ ﺇﺧﻮﺗﻲ، ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﺄﺻﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺘﺒﺪﻯ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺗﺠﺎﻩ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ، ﻭﻗﺪ ﺗﻤﺪﺩﻭﺍ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺠﺴﻮﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺗﺮﺣﻴﻠﻬﻢ. ﺃﻃﺎلﺐ ﺟﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ﺍﻟﻮﺿﻴﺌﻴﻦ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﻢ ﺇﺑﺎﻥ ﺳﻴﻮﻝ ﺟﺪﺓ، ﻭﻗﺪ ﺃﺗﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻣﺮﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﻞ، ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺃﻥ ﻳﻬﺒﻮﺍ ﻟﻬﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺮﺣﻠﻮﻥ، ﻭﺩﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺮﻙ ﺑﺼﻤﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﺮﺟﻢ ﺭﺣﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻧﺪﻉ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﺆﻻﺀ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺤﺰﻡ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻣﻦ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻮﻥ ﻣﻨﺎ، ﻓﻼ ﻧﺘﺪﺧﻞ ﺇﻻ ﺑﻤﺪ ﻳﺪ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ، ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺃﻛﺮﻣﻨﺎﻫﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺎ ﻳﺄﺧﺬﻭﻧﻬﺎ ﻟﺒﻼﺩﻫﻢ. ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺗﻴﻢ، ﻭﺳﺘﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ، ﻓﻠﻨﺤﺴﻦ ﻟﻬﻢ ﻛﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﺻﻮﺭﺗﻨﺎ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﺑﺬﻭﺍﻛﺮﻫﻢ. الوطن