لمن أراد أن يعرف حقيقة حملة التصحيح فإنها واضحة ولا يوجد فيها غموض أو لبس أو جوانب مبهمة، تصحيح الوضع القانوني للوافد المخالف لنظام الإقامة والعمل، ومغادرة القادم المتسلل بطريقة غير مشروعة. لكن البعض في الداخل وكثير في الخارج تعمدوا القفز على هذه الحقيقة وخلط الأمور للإيهام بأن الحملة عشوائية وجائرة وغير إنسانية. لا تهمنا كثيرا في هذا الوقت والظرف أصوات الداخل التي نعرف أنها لا تؤمن بمفهوم الوطن والسيادة الوطنية والأنظمة والقوانين فقد اعتدنا عليها، لكن تهمنا كثيرا الأصوات الخارجية التي شكلت ما يشبه الحملة المنظمة لأنها تمثل مصدر المعلومات التي تستقيها المجتمعات، خصوصا عندما تخدمها وسائل الإعلام والتواصل، وكم ترسخت قناعات مغلوطة لدى الآخرين في مواقف وأحداث سابقة لأننا لم نكن أصحاب مبادرة لتصحيح المعلومات وإيضاح الحقائق في الوقت المناسب. خلال اليومين الماضيين تابعنا أخبارا عن تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاج أمام بعض سفارات وقنصليات المملكة في الخارج للجاليات الإثيوبية تزامن معها بث تقارير ومقاطع مصورة مليئة بالشحن العاطفي الذي يهدف إلى التعبئة النفسية ضد المجتمع السعودي وأجهزة الأمن وهي تتعامل مع الفوضى المنظمة والتجاوزات الخطيرة التي قامت بها أعداد كبيرة في منفوحة الرياض. تلك التقارير والمقاطع وأولئك المحتجون صوروا إجراءات ضبط الأمن وحماية المجتمع بأنها تنكيل وامتهان متعمد وممنهج ضد تلك الجالية، وليست هذه المواجهة سوى جزء منه وفصل من فصوله، وأن السعودية تنتهك حقوق الأجانب بأنظمتها الجائرة ومجتمعها البدائي. والسؤال المهم هو ماذا فعلنا إزاء حملة المغالطات تلك؟ للأسف لا شيء يرقى إلى أهمية الحدث وخطورته كاستمرار لنهج مفرط في التساهل إزاء أحداث كثيرة سابقة نتج عنه ترسيخ صورة ذهنية نمطية سلبية عن الوطن والمجتمع، وتسبب في خسارتنا لقضايا عادلة ومهمة، أو تسهيل فرصة الغير لتحقيق مكسب منها. كم تمنينا أن تقوم وزارة الداخلية بالاشتراك مع وزارة الإعلام بعقد مؤتمر إعلامي يومي مدعم بكل الحقائق المتوفرة لديها يحضره مراسلون أجانب ويبث للوكالات العالمية كي يعرف العالم خطورة ما حدث إزاء إجراءات نظامية وسيادية أعطت المخالفين أكثر مما يمكن أن يتوقعوه من وقت وتسهيلات. كم تمنينا أن نستشهد بمن احترموا الأنظمة وصححوا أوضاعهم ليكونوا شهودا على الحقيقة. كم تمنينا أن نسمع خبرا عن قيام بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج بنشاط إعلامي فعال لإيصال الصورة غير مشوهة ودحض التزييف، لكننا إلى الآن لم نفعل وكأننا مدانون أو حجتنا ضعيفة، ولو فعلنا ذلك متأخرا فلن نحقق شيئا مهما. إن «العيار اللي ما يصيب يدوش» أيها السادة، وقد استهدفتنا أعيرة كثيرة وكأننا لا نسمعها، فهل ننتظر حتى يصيبنا عيار من النوع الثقيل؟؟ عكاظ