هدى حسين تتخلى عن مسارها المعتاد... وتعشق الشر، بعدما صارت «ملكة الظلام»! فكما تعودت في أعياد الفطر على مدى سنوات، تواصل النجمة هدى حسين هذه الأيام تقديم مسرحيتها «ملكة الظلام»، التي تشهد تحولاً في طبيعة الأدوار التي عرفها الجمهور من خلالها، إذ دأبت على تقديم الشخصيات الطيبة والوادعة، التي تتشبث بخيوط الخير... لكنها في المسرحية الحالية أدارت ظهرها لطريق الخير، متجهةً إلى مساحة تمثيلية جديدة، كأنما أرادت أن تجرب قدراتها في معانقة الشر على خشبة المسرح، وهو ما شكّل لوناً مغايراً لقي حفاوة مستحقةً من المشاهدين في صالة المسرح! تفننت في كتابة النص الكاتبة والمخرجة نجاة حسين التي طالما قدمت، للمسرح الكويتي والخليجي أيضاً، الكثير من الأعمال الناجحة على مدى سنوات طوال، أما سحر حسين (الشقيقة الثالثة لهدى ونجاة)، فقدمت ثنائياً في المسرحية بمشاركة الفنانة أحلام حسن، من خلال دوري الشقيقتين تابعتي ملكة الظلام، بينما بذل بقية الفريق من فنانين وفنيين قُصارى جهدهم لتقديم عمل يلامس الحضور من مختلف الأعمار. «الراي» اتخذت مقعدها وسط صفوف المتفرجين في صالة مسرح مركز التنمية بمنطقة «اليرموك»، ورصدت ما حملته المسرحية في طياتها من المواضيع الإنسانية وقضايا يمكن إسقاطها على الواقع، وقد انقسمت المسرحية إلى فصلين، كل منهما يتضمن قصة وشخوصاً يواجهون ملكة الغابة المظلمة، وأتباعها. نجاة حسين تدرك تماماً ما الذي يريده الجمهور ويتمنى أن يشاهده على خشبة المسرح في وقتنا الراهن، وهو ما جعلها تستحضر عناصر عدة، وتقبض على خيوط عملها، حتى خرج السياق محكماً، وظهرت قدرتها على توظيف الديكور والحركة والأزياء والمجاميع والإضاءة والصوت لمصلحة القصة، فوصلت الرسائل التي استهدفها العرض، بصورة إبداعية. الديكور كان فخماً للغاية، ومعبراً، وأدى وظيفته في خدمة الأحداث وإعطاء التأثير المطلوب، فقصر الملكة المظلم فوق وتحت جزء من الغابة، واستغلت المخرجة كل أنحاء المسرح بالديكور الذي صممه جاسم خريبط ومحمد حبيب، أيضا استثمرت فضاء المسرح بجانب الديكور لوضع بعض الإكسسوارات، وقدمت منظراً جمالياً حقيقياً. أما الإضاءات والموسيقى التعبيرية فجاءت متسقةً مع العرض المسرحي ومؤدية لرسالتها في إيصال المعاني المطلوبة في إطار جمالي، في حين ظل الجمهور مشدوداً إلى الخشبة ينتقل من حدث إلى حدث وكأنه مقتنع بالفعل بأنه في قصر وغابة الملكة. أما الفنانة هدى حسين فظهرت هذا العام في دور الشريرة التي تريد تنفيذ مطالبها مهما كان الثمن، وإن كانت تخسر المقربين منها، وهي تملك الغابة السوداء التي من يدخلها يصبح مفقوداً، فماذا فعلت الملكة بمن دخلوا حدودها وماذا كانت تريد، وماذا كانوا يريدون؟ هذا سر المسرحية. وتبدأ الأحداث مع «حمود وعبود» (أوس الشطي وخالد بوصخر) اللذين يراقبان ما يجري في الغابة، ويدخلان في القصص، وتميز الشطي بلياقته العالية على المسرح، وأجاد أداء الأدوار التي جسدها، حيث لعب «كراكتر» آخر وهو «خنفروش» الذي يساعد بائعة القش (جواهر) التي تأسرها ملكة الظلام، لاعتقادها أنها تحول القش إلى ذهب، وكان عنصراً فعالاً ومميزاً. الثنائي سحر حسين وأحلام حسن قدمتا شخصيتين مختلفتين، فهما تارة تابعتان للملكة وتارة ثعبانتان، وعلى رغم أن الدورين يتميزان بالشر والسلوك الماكر فإن الفنانتين جسدتاهما بطابع كوميدي، بهدف كسر حدة الشر عند المتلقي خاصة فئة الأطفال. الممثلة الشابة دانة المساعيد قدمت في الفصل الثاني دور الأميرة الكادي التي تحاول إنقاذ إخوتها السبعة من ملكة الظلام، لأنها حولت كلاً منهم إلى «غراب»، ولا نبخس حق المجاميع وفريق الاستعراض الذين قدموا وصلاتهم خلال العمل المسرحي. كانت الأزياء من عناصر المسرحية الإيجابية، فقد جاءت مناسبةً لكل حالة من حالات الشخصيات، ومراعيةً السياق المصاحب بدقة وانسجام. تضمنت المسرحية أغنيات صاغ كلماتها الشاعر عبداللطيف البناي، ولحنها عادل الفرحان. يُذكر أن «ملكة الظلام» من تأليف وإخراج نجاة حسين، وتمثيل هدى حسين وسحر حسين وأحلام حسن وجواهر وأوس الشطي وخالد بوصخر وحسين المهنا ودانة المساعيد ويوسف الوادي، وتولت إدارة الإنتاج هبة هاشم.