×
محافظة المنطقة الشرقية

مقتل 19 شخصاً في حادث سير شمال شرق تايلاند

صورة الخبر

يكاد شعور الذين يضيقون بالتغيير حتى ولو كان يحمل حلاً أشبه بنكتة الصعيدي الذي تاه في الصحراء وبرفقته بريطاني وأميركي، ثم عثروا على مصباح علاء الدين ففركوه فخرج عليهم المارد الذي يحقق الأماني، طلب الأميركي - بطبيعة الحال - أن يخرجه من هذه المتاهة ويعيده لأهله، والآخر طلب الشيء نفسه، أما الصعيدي فوجد أنه وحده في الصحراء، فما كان منه إلا أن طلب من المارد أن يعيدهما إليه كي لا يبقى وحده. يزعج التغيير أكثر الناس الذين اعتادوا السكون، حتى ولو كان يحمل معه فرصة جديدة للتقدم، فالناس تحب ما تألف، لهذا أثار قرار تحويل عطلتنا الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت ردود فعل طريفة حملتها بعض التعليقات بين الناس وفي «تويتر» وأيضاً في «واتسآب»، بعضهم اتخذ من النكتة شكلاً، وآخرون وعظاً دينياً يحمل احتجاجاً على غياب عنصر الشورى في مثل هذا الأمر الذي يخص المسلمين، كما حمل أكثر الآراء تشدداً اعتراضاً، كونه تقليداً للغرب الكافر السافر. ومع أنه قرار راعى تقليل الخسارة الاقتصادية الناتجة من عدم مواكبة توقيت الأسواق العالمية المالية مثل المصارف والبورصة، فنقل الخميس إلى السبت وأبقى على الجمعة عطلة المسلمين، إلا أنه حمل هناك بعض الضيق الغامض عبّرت عنه النكات، إذ طرح أحدهم سؤالاً: «هل هذا يعني أن نصلي الجمعة يوم السبت؟» وآخر تساءل عن مدى الخسارة التي سيتكبدها الناس الذين وقّعوا عقود إيجار ليوم الخميس كيوم عطلة في الاستراحات مدة سنة كاملة»، وهذه النكتة بامتياز هي نكتة سعودية لن يفهمها أحد، لأنه لا يوجد حتى اليوم من سبقنا إليها، فمن شدة حاجتنا للراحة في الاستراحة نشأ هذا النوع من عقود التأجير، فأخذ أصحاب الاستراحات - وهي مجرد فلل ذات فناء واسع بنيت على أطراف المدينة - باختراع نظام تأجير يومي تستطيع من خلاله أن تستأجر يوماً في الأسبوع تكون الاستراحة لك في هذا اليوم على مدى عام، يمكن أن تجتمع فيها العائلات أو الشباب بعيداً من قيود المنزل وتحطيم الأطفال للأثاث الغالي، وبعيداً أيضاً من رقابة الزوجات اللاتي ينكّدن على الزوج استغراقه في لعب الورق حتى ساعة متأخرة في الليل. دخل الأربعاء ضمن أيام الأسبوع، واحتلّ الخميس الطرف، وكذلك أصبح السبت يوم العطلة، وأنا هكذا تضررت، فقد دخلت أيام كتابتي في الصحيفة التي كانت السبت والإثنين والأربعاء، فصارت بحسب التوقيت السابق كأني أكتب الثلثاء والجمعة. هل يحق لي أن احتجّ على هذا القرار؟ ينبغي أن أنتظر لأعرف حجم الخسارة، كما أن لديّ كتاباً اسمه «مساء الأربعاء» قصدت به بداية آخر يوم في الإجازة هل أغيره إلى «مساء الخميس»؟ كيف يمكن أن تفهم أن قرارات كبرى تتعلق بمصالح الأسواق هي أمر يقع عليك ويكلفك خسارة، ويثير لديك الرغبة في التمرد عليه أو نقده؟ هل هو حقاً بهذا الحجم من الخسارة والنقاش؟ لكن هذا لا يعادل محاولة خلق فوضى والتشكيك في شرعية هذا القرار كونه تقليداً للكفار، والمطالبة بعرضه لشورى المسلمين، ناسياً أن قطاعاً كبيراً من المسلمين في إندونيسيا وماليزيا والشام والمغرب وبقية دول الخليج يعطلون في الأيام نفسها. إن حالة السكون التي عاشها المجتمع هي التي تجعل قراراً صغيراً لا يعطل مصالحنا مثيراً للجدل، كما أن استمراء النقد تجاه حالات الفساد التي ينجح الإعلام في اصطيادها ونشرها وبقائها من دون علاج هو ما يضعف الثقة بأن القرارات التي تقرها الحكومة هي بالضرورة في صالحنا، مثل تزوير كتّاب العدل الصكوك بالملايين، والأخطاء الطبية الناتجة من ضعف الإدارة والرقابة، واستغلال بعض المسؤولين مناصبهم والتربح منها من دون حساب، أضف إليها ضعف معالجة البطالة والسكن والمرور، كل هذا يجعل قرار تحويل العطلة من يوم إلى يوم مناسبة للتنفيس والنقد والتشكيك وزعزعة الثقة بجدواه. أما الذين يحبون التغيير فشعروا بسعادة. فطالما أن لا شيء يتطور، فعلى الأقل لتتطور العطلة. فعلاً تطورت العطلة، لكن يبقى التغيير الأهم هو مواكبة العالم، وهذا لا يأتي فقط بتكيّف أسواقنا مع مواقيت أسواق العالم المالية، بل وأن يتطور تعليمنا وتطبيبنا ومرورنا ومحاكمنا وأجهزة أمننا. مواكبة التغيير والقبول بحقائق العصر الجديدة ليسا خياراً بل ضرورة، وليس التطوير هو أمر خاضع لشورى الأفراد الذين يضيقون بالتغيير ويحتجون قائلين «ليه ما شاورتونا؟»، فالدولة بمفهومها الواسع لا تعكس رغبات الأفراد في التطور، بل هي عمل مؤسسات يقودها المختصون، لا يمكننا أن نفكر بمفهوم قرية الأمس التي لا يتجاوز عدد أفرادها بضعة آلاف، فنظن أن قراراً يخدم الناس هو رهن موافقة التيارات كلها، وهذا الذي جعل قراراً مثل تغيير العطلة يحتاج قراراً سامياً كي يصبح نافذاً. balbishr@gmail.com