×
محافظة المنطقة الشرقية

قطر تغري مدرب الجزائر بـ 300 ألف دولار شهريا لتدريب منتخبها الأول

صورة الخبر

أكثر ما نشتكي منه هذه الأيام، هو افتقاد القدوة الصالحة التي لا تكتفي بالنصح والإرشاد وكثرة القول بل تتبعه بالفعل. فلقد تعوّدنا على وجود فئة من الدعاة الذين لا تتواءم أقوالهم مع أفعالهم، فإذا حاججهم أحدُ قالوا: خذوا أقوالنا ودعوا أفعالنا لنا يحاسبنا عليها الله. وفي مثل هؤلاء يقول الله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).. سورة الصف. وقوله تعالي: (وأنهم يقولون ما لا يفعلون) الشعراء (226). وإذا كانت هذه الآية جاءت في شعراء المشركين، فإنها تصح أيضًا في كل من يقول كلامًا لمجرد الإبهار ولفت الانتباه إليه.. دون أن يتبعه بالفعل. *** أقول هذا بعد أن قرأت خبر قيام وكيل مدرسة بلال بن رباح المتوسطة بمكة المكرمة، وهو يحمل شهادة الدكتوراة في الشريعة الإسلامية، بغسل دورات المياه بمدرسته. هذا العمل وصفه وكيل المدرسة بأنه "موقف تربوي وديني واجتماعي"، مؤكدًا "أن حاجة المدرسة دفعته للقيام بذلك بعد غياب العمالة الوافدة بالمدرسة نظرًا للحملة الوطنية التي انطلقت مؤخرًا ضد مخالفي أنظمة الإقامة والعمل". بينما وصف زملاؤه من التربويين عمل وكيل المدرسة بأنه عمل يشكر عليه فهو قدم نموذجًا لمفهوم النظافة التي تعتبر جزءًا من حياة الطالب والمعلم. *** أنا أرى في عمل وكيل المدرسة أكبر من مجرد تقديم نموذج لمفهوم النظافة التي تعتبر جزءًا من حياة الطالب والمعلم، فالرجل قدم نموذجًا للقدوة الصالحة التي بدأنا نفتقدها ليس فقط في كثير من مدارسنا بل وفي مختلف المجالات الحياتية في مجتمعنا. فهو لم يدعُ إلى "الجهاد" ثم يجوب الأرض سائحًا يستمتع بالحياة ونعيمها. هذا التناقض بين الأقوال والأفعال هي ما يُبعد الشباب عن الدين الحق. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ) رواه البخاري ومسلم وأحمد. *** العجيب بعد كل هذا ما جاء في الخبر من أن إدارة التربية والتعليم بالعاصمة المقدسة، بدلًا من أن تشكر وكيل المدرسة على هذا العمل الاستثنائي قدمت- وفق ما يقول الخبر- مساءلة خطية لوكيل المدرسة عن أسباب ودوافع قيامه بغسيل دورات المياه في مدرسته؟! ورغم ما صدر عن الناطق الإعلامي بتعليم منطقة مكة المكرمة من نفي بأن تكون الإدارة قد حققت مع وكيل المدرسة، وبأن الخطاب الذي تم إرساله لمدير المدرسة هو مجرد استفسار لدراسة ما قام به الوكيل، فإن ما أثاره التربويون من احتجاجات يستوجب من إدارة تعليم مكة إصدار ما يُعزِّز تقديرها لوكيل المدرسة بشكل عملي يبرز الدور التربوي الكبير الذي قام به. *** إن القدوة الحسنة أفضل وسيلة لغرس القيم الإسلامية في نفوس الأبناء، فهي التي تغرس لديه المعايير والقيم الدينية والأخلاقية التي يحكم بها على الأمور، ومدى شرعيتها وصحتها. ومن الضروري أن يكون النموذج الذي يقتدي به الشباب نموذجًا صالحًا يُعبِّر عن تلك القيم والمعايير لا بالقول فقط أو بالدعوة والإرشاد إليها، بل بالسلوك والعمل الحق. لذا تحية لهذا الرجل على بادرته التي نرجو أن توقظ الأحاسيس الميّتة، وتزرع قيم العمل التطوعي، وتلقي الضوء على أهمية القدوة الحسنة في المجتمع. * نافذة صغيرة: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).. الأحزاب - 21. nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain