بعد ربع قرن على إطاحته، تبدأ في دكار اليوم محاكمة الرئيس التشادي السابق حسين حبري، لاتهامه بـ»ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب». وما زال بعضهم يتحدث همساً، لدى مروره في نجامينا أمام المقرات السابقة لمديرية التوثيق والأمن، وهي الشرطة السياسية التابعة لحبري، حيث كانت تُمارس أقسى أنواع التعذيب خلال عهده (1982-1990)، قبل أن يطيحه الرئيس الحالي إدريس ديبي. واعتبر الموظف روجيه ليوتار أن المحاكمة «تطمئن الضحايا الذين ينتظرون إنصافهم منذ 25 سنة»، فيما لفت الناشط السياسي ايساكا رامات إلى أن حبري «لم يفلت من حكم التاريخ»، وزاد: «سنرى ما سيقول في المحكمة، لذلك يجب أن يتحلى بالشجاعة لكي يخبرنا عن كل ما حصل». ويتمثل أكثر من 4 آلاف ضحية في محاكمة دكار، بينهم سليمان غونغونغ، محاسب مفوضية حوض بحيرة تشاد، الذي روى ما تعرّض له من تعذيب في مديرية التوثيق والأمن. وأشار إلى اعتقاله لدى خروجه من مستشفى حيث خضع لجراحة، على أن يعود في اليوم التالي. وفي مديرية التوثيق والأمن «تركوني كما لو أني ميت. كنت في الزنزانة بلا أي عناية طبية، وحتى من دون طعام». وأضاف: «يمكنك كل يوم إحصاء وفاة ثلاثة أو أربعة أشخاص، هذا مرعب، بسبب انعدام العناية الطبية. وكان التعذيب في كل الأنواع، المعنوي والجسدي». ولا يخفي الشعب التشادي ارتياحه لمحاكمة رئيسه السابق أخيراً من أجل طي صفحة رهيبة من تاريخه. وغالباً ما تشهد الأحاديث مطالبة بإحقاق العدالة حيال التجاوزات الرهيبة إبان حكم حسين حبري. وقال التاجر حسين يوسف إن «الشعب التشادي كان ينتظر فعلاً المحاكمة. أعتقد أن استفادة ضحايا هذا الديكتاتور من العدالة مسألة صائبة». وينتظر البعض أيضاً أن يتحلى حسين حبري بالشجاعة ليتحدث خلال المحاكمة، حتى لو أن محاميه قالوا إن موكلهم لن يفعل ذلك. وأمضى عبد الرحمن غويي المدعي السنغالي الوحيد بالحق العام الذي يزود القوات الفرنسية المنتشرة في تشاد ذهباً ومجوهرات، سبعة أشهر في الاعتقال في 1987، بتهمة أنه «جاسوس للقذافي» الزعيم الليبي في تلك الفترة. وقال: «اقتادوني إلى زنزانة كانت جحيماً». فقد كان أربعون شخصاً يتكدسون في هذه الغرفة غير المضاءة. وأضاف: «تألمت ورأيت أشخاصاً يتألمون، أشخاص أسيء إليهم، ويموتون في الزنزانة».