يمر علينا عيد الفطر السعيد وهناك بين ظهرانينا أطفالٌ يُتموا، ونساءٌ رُمِّلن، وآباء وأمهات فقدوا أعز ما يملكونه في هذه الدنيا من أولاد، شهداء الواجب وشهداء المساجد لهم في هذا اليوم ألف تحية، نُشاطر أُسركم الألم والحزن ولكن يُسلِّينا أنَّكم بين يدي الله سبحانه وتعالى شهداءٌ أبرار، والدعاء موصول للجرحى والمصابين الذين واجههم غدر الإرهاب فلم يفرق بين قبيلةٍ وأُخرى وبين مذهبٍ وآخر، وهذا الأمر يؤكد بوضوح أنَّ المستهدف هو الوطن بأسره، وكل ذلك ليس سوى مشاغبات وإيذاء لا تسعى إلا لصناعة فتنة بين المواطنين. مسلسل سيلفي للفنان ناصر القصبي قدم كما أرى في بعض حلقاته ما أستطيع وصفه ب (العهد الجديد) للفن السعودي حينما استطاع أن يتقدم كثيرا في ماراثون الإبداع ليقدم مادةً فنية تستحق الإشادة، بهذا المقدار الذي عُرض; يبدو ما فعله القصبي أبلغ حجة من كثير من المقالات التي كانت ولم تزل تُكتب في توضيح الفرق بين الدين كمقدس وَ (ممثل الدين) كشخص غير منزه عن الخطأ والضلال، ربما يقول قائل إن نقد غير المختص لأمر تخصصي هو مجرد هذر ليس له قيمة علمية وهذا الكلام صحيح بلا شك، غير أن النقد الذي رأيته هو في بعضه نقد باتجاه تصرفات تحرمها الفطرة الآدمية الصحيحة قبل الشريعة المقدسة، وإلا فأي فطرة ودين هذا الذي يجيز تصرفات من يقتل والده الذي ينتمي لنفس دينه دون جرم إلا الاختلاف في الرأي والمنهج، وأي دينٍ هذا الذي يبيح قتل المصلين في المساجد؟!، هذا فضلاً على التأليب على العلماء ورجال الأمن والمواطنين في الوطن عموما. مهما حاول المتطرف ان يُنكر بشتى الطرق تطرفه فإنَّ الايام والمناسبات المختلفة تكشف بلا شك ما يحاول إضماره، الغضب من القصبي في حلقته ضد الإرهاب هو في جزءٍ منه بسبب فضحه لمن يتاجر بالدين ليغرر بأبناء الوطن لا سيما الأحداث في السن ويبعث بهم للبلدان المجاورة للجهاد المدعى، يبعث بهم إلى حرب هي في حقيقتها لعبة بيد قوى تستغفل هؤلاء الشباب لمآرب خبيثة، إن المروجين لهذا التطرف في مجتمعنا هم أكثر من وجد في القصبي شخصية تفضحهم وتفضح أهدافهم فظهر كثيرٌ منهم إلى العلن كما ظهر كثير ممن يرفضونهم كذلك، لينكشف لنا معيار بالغ الدقة والدلالة على الوطنية وأنها في الأصل ليست شعارات ورقص على أغانٍ وطنية بل هي في المقام الأول موقف ضد أي عنوان يعادي هذا البلد ويشحذ الهمم ضده وضد مواطنيه بشتى طوائفهم وتعدداتهم. لست هنا أُقدِّم القصبي على أنَّه الفنان المثالي الذي ليست له هفوات ونقاط ضعف، فلديَّ كما لدى غيري بعض التحفظات عليه، لكنني أعتقد رغم ذلك أنه يجتهد في صناعة فن راق يستطيع تصوير كثير من مشكلاتنا بشكل مميز، كما استطاع ذلك هذا العام حينما أوضح بشكل رائع حقيقة تجنيد أبناء البلد وإرسالهم لميادين القتال وحقيقة هذا الجهاد، أتمنى له الاستمرار وأشد على يديه بالصبر وتحمل هذا السيل الكبير من الهجوم والتسقيط، والتهنئة والعزاء أخيراً لجميع المواطنين على عيد الفطر السعيد والشهداء الأبرار.