الانطباع السائد لدى كثيرات من ربات البيوت، والرجال الذين يباشرون تحمل مسؤولياتهم تجاه أسرهم، أن أسعار البضائع التي تعرضها الجمعيات التعاونية، في جزء كبير منها، أعلى بكثير من مثيلاتها التي تُعرض في محال البقالة، والسوبر ماركت ومراكز التسوق الكبرى، رغم أنها في الأصل تعاونية، أُنشئت، سواء كانت مملوكة لأشخاص أو للحكومة المحلية نصيب فيها، لمحاربة الغلو في الأسعار الذي يُمارس في مؤسسات السوق. لماذا ينشأ مثل هذا الانطباع أصلاً؟ هل تذبذب أسعار بضائع التعاونيات نحو الارتفاع مرده عدم القدرة على منافسة محال ضخمة، تملك رؤوس أموال بحسابات فلكية وقادرة على محو التعاونيات تنافسياً لو أرادت، لكنها تتركها تحاول وتتخبط وتنجح وتتعثر، فلا تستطيع أن تكون قادرة على الثبات المبدئي، وتحطيم الأسعار، وهو الهدف الأسمى لها، إلى جانب توفير بضائع بأسعار مقبولة لمحدودي الدخل، وإيجاد مصدر دخل إضافي معقول لحملة أسهمها؟ الحقيقة هذا سبب، فالجمعيات تصدق النيات قبل قدوم كل شهر رمضان المبارك، وتعمل على تثبيت أسعار مئات السلع والمواد الغذائية، عند حد سعر التكلفة تقريباً في كثير من الحالات، وتتنافس في هذه المبادرة مع مراكز التسوق المتوسطة وفيما بينها، لكنه غير كافٍ أمام حاجتها لخبرات إدارية، وحماية حكومية من تنافس غير متكافئ على الإطلاق. يقال أيضاً إن بعض المواد الغذائية التي تعرضها الجمعيات التعاونية، يكاد تاريخ صلاحيتها أن ينتهي، فتضطر لتحفيز وتشجيع الجمهور على شرائها، من خلال بيعها على شكل مجموعات على أن يكون سعرها أقل من سعر المنتج الواحد، أو تضع مع المجموعة منتجاً آخر مختلفاً. هذا النوع من التسويق ليس جريمة، ولا يحمل شبهة الاحتيال على المتسوق، فتاريخ انتهاء صلاحية المنتج واضح، والهدف التسويقي ليس فيه خدعة، كما أن هذا الأسلوب متبع في كل مراكز التسوق على تواضع مساحتها أو كبرها. الجمعيات التعاونية فكرة أساسها جميل، لكننا بحاجة إلى تطبيق أفضل مما يمارس في هذه الجمعية أو تلك، وبحاجة أيضاً إلى أن يضع جمهور المستهلكين ثقته فيها، وأنها تسعى جاهدة إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار غير المبرر الذي طال كل شيء يحتاجه البشر، وتضيق سبل العيش على الناس. وفي الأول والأخير، فإن المستهلك يسعى نحو السلعة الأفضل خواصاً وسعراً، ونأمل أن تتمكن الجمعيات التعاونية من تحقيق هذا الهدف، حتى لا يصبح المستهلك فريسة سهلة الصيد لكل من يطمع فيه.