القاهرة: «الشرق الأوسط» في خطوات وصفها مراقبون بأنها تزيد من التباعد بين حزب النور، أكبر الأحزاب السلفية في مصر، وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، كشفت مصادر داخل الحزب أن «النور» أصدر بيانا داخليا وزعه على أعضائه بعنوان «هل خذل حزب النور دكتور مرسي»، للرد على الاتهامات التي وجهت له خلال الفترة الأخيرة من جماعة الإخوان بأنه انقلب على الشرعية. وجاء ذلك بالتزامن مع هجوم حاد شنه الشيخ السلفي أبو إسحاق الحويني على جماعة الإخوان، وأكد في خطبة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، أن الإخوان لم يحسنوا إدارة البلاد على مدار السنة التي قضاها الدكتور محمد مرسي في الحكم. وشارك حزب النور السلفي، ذراع الدعوة السلفية السياسية بمصر في وضع خارطة طريق المرحلة المقبلة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقوى وطنية ودينية، ووافق على عزل مرسي، وهو الموقف الذي أشعل الوضع داخل الدعوة السلفية وبين الإسلاميين وحزب النور، واتهمته جماعة الإخوان بخيانة التجربة الإسلامية، وحملوا حزب النور مسؤولية قرار الانقضاض على شرعية المعزول. وأشار البيان الذي جرى تسريبه أخيرا أنه يقوم بالرد على اتهامات الإخوان له بشكل موجز، قائلا: «لا سيما أن معظمهم يلوم على حزب النور أن يستقل بقراره رغم حداثة عهده بالسياسة، ومن ثم ينصحونه أن يبقى في صف التيار الإسلامي، فإذا حللت خطابهم وجدت أن كلامهم يعني الانقياد خلف الاجتهادات السياسية لجماعة الإخوان، والصف الإسلامي هو مَن قبل هذا الأمر؛ لأن كل من سواهم حديث عهد بالسياسة». وجاء في البيان أيضا أن الناصح نفسه في معظم الأحيان «لا يُعلم عنه اشتغال بالسياسة في بلده، ومن كان مشتغلا بها في بلده لا يعرف تفاصيل الواقع المصري، فتجد أن حاصل نصيحته هي تقليد لاجتهاد الإخوان، بل تقليد لاجتهاد مجموعة معينة من قيادات الإخوان سبق لهم بأعيانهم - بالاشتراك مع آخرين توفاهم الله - في قيادة الإخوان في خمسينات وستينات القرن الماضي، وهو تاريخ لا نود أن نفتحه الآن حتى لا نوغر الصدور، ولكن نكتفي بالإشارة إلى ضرورة التعلم من أخطاء الماضي». من جانبها أكدت مصادر بحزب النور، أن هذا البيان تم توزيعه داخليا، على أعضاء الحزب وقياداته للرد على الاتهامات التي وجهت له مؤخرا. وتابع البيان: «لا شك أن جماعة الإخوان يوم أخذت قرارها بتقديم مرشح رئاسي كانت تعلم حجم المشكلات التي تمر بها مصر، وكانت تعلم بوجود الدولة العميقة، وانتشار الفساد، وانهيار الاقتصاد، وقام نوابها في البرلمان قبيل الانتخابات الرئاسية بالرد على بيان الحكومة بأن طموحات الإصلاح الاقتصادي في البيان دون المستوى المطلوب». وتحدث البيان عن العديد من المحطات والتحديات التي مرت بها فترة حكم مرسي التي استمرت سنة، ومن بينها إصدار الإعلان الدستوري الذي قال البيان إن هذا الإعلان ما زال حتى الآن ابنا لقيطا، وكل الأطراف يتبرأ منه، وكان من المنتظر بعد الانتهاء من الدستور تشكيل حكومة قوية غير حكومة الدكتور هشام قنديل، وتعيين نائب عام من خلال مجلس القضاء الأعلى، وهي طلبات منطقية، ليفاجأ الجميع بتأجيل جميع الخطوات إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية. وتابع البيان قائلا: «ثم زاد الطين بلة قانون السلطة القضائية الذي جيّش مؤسسة القضاء تجييشا شاملا ضد الرئيس مرسي والحكومة. ووجدت قناعة لدى الرئيس والحكومة أن الحل الوحيد لمحاولة إنقاذ الوضع الخدمي المتدهور هو زرع أفراد ينتمون إلى حزب الحرية والعدالة (التابع للإخوان) أو قريبين منهم على الأقل في الجهاز الإداري مما كان له أثر في وجود شعور لدى المواطن العادي - ومنهم مؤيدون للتيار الإسلامي - بأنه أمام حزب لا يستمع لأحد». وأضاف البيان الذي جرى توزيعه على أعضاء في حزب النور: «ناشدت الدعوة السلفية الرئيس بالقبول بانتخابات رئاسية مبكرة؛ حيث اتضح أن الدولة بالفعل خرجت من يد الرئيس والحكومة، وكالعادة قوبل هذا الأمر بالرفض من الرئيس والإخوان، وتم اتهامنا بالعمالة والخيانة كالعادة. وبعد خطاب مرسي الأخير قام الجيش بعزل الرئيس مرسي فعليا، والسيطرة على كل مفاصل الدولة منها: القصر الرئاسي، ومبنى التلفزيون المصري، والوزارات الهامة». في السياق ذاته، علق الشيخ أبو إسحاق الحويني على السنة التي تولى فيها مرسي إدارة البلاد، قائلا: «كأن الله عز وجل أراد أن يقول للمتشوقين الذين يحلمون بإقامة الإسلام أعطيناكم سنة فلم تنفعوا، نسلبها منكم لتتربوا وترجعوا وتعرفوا أن التمكين لا يكون إلا بالعبودية»، على حد قوله.