×
محافظة المدينة المنورة

إختتام تمارين فريق احد بحضور الكابتن عبد الله فودة “العمدة ” وعودة التمارين ثالث أيام العيد

صورة الخبر

خلال مؤتمر عالمي قبل بضع سنوات، كشف وزير الخزانة الأمريكي السابق لورانس سامرز، أن الأمريكيين يفضلون في الحقيقة أن يكونوا مجموعة الواحدة، وليس مجموعة السبعة التي تضم أكبر اقتصادات العالم، ولا حتى مجموعة الثلاثة، وإنما مجموعة الواحدة، حيث تكون أمريكا صانع القرار الوحيد. وكلام سامرز قد لا يدعو للدهشة، من حيث إن الولايات المتحدة كانت القوة العظمى الاقتصادية الوحيدة طوال الجزء الأكبر من عهد ما بعد الحرب. .. ولكن الزمن يتغير الآن. وإحدى العلامات الكبرى على هذا التحول ظهرت عندما وافقت بريطانيا ودول أوروبية أخرى، وكذلك حلفاء آسيويون لأمريكا، مثل أستراليا وكوريا الجنوبية، على الانضمام كأعضاء مؤسسين إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين. وجاء انضمامهم رغم اعتراضات الأمريكيين، الذين لا يشعرون بالقلق من قيادة الصين لهذا البنك فحسب، وإنما لأن البريطانيين الذين تربطهم بأمريكا علاقة خاصة، لم يستشيروهم مسبقاً، أيضاً. وقد تذكرت كل ذلك عندما ترأست حديثاً في إندونيسيا جلسة للمنتدى الاقتصادي العالمي. إذ إن رئيس اتحاد دول جنوب شرق آسيا الآسيان قال لي بثقة بالنفس إن المجموعة الاقتصادية الآسيوية التي تعتزم هذه الدول إعلان إنشائها نهاية العام الحالي لن تنافس الاتحاد الأوروبي، فحسب، وإنما الولايات المتحدة أيضاً. وأكثر ما أثار اهتمامي هو أنه بالنسبة إلى الدول التي أنقذتها مؤسستا بريتون وودز اللتان تتخذان من واشنطن مقراً لهما (وهما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) قبل عقد ونصف فقط خلال الأزمة المالية الآسيوية، فإنها تمر الآن بمرحلة تحول هائل، حيث تجد نفسها كمنافسة لأكبر اقتصاد في العالم. وثقة الآسيويين بأنفسهم ليس الصينيين فقط، وإنما أيضاً آسيويين آخرين غير عادية. وقبل نحو عقد فقط، لم يستطع الآسيويون المضي قدماً في إنشاء صندوق نقد دولي آسيوي إثر أزمتهم المالية، لأن أمريكا اعترضت على إنشاء مؤسسات منافسة متعددة الأطراف. أما الآن، فليس هناك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية فحسب، بل هناك أيضاً بنك بريكس الذي أنشأته الاقتصادات الناشئة المعروفة باسم مجموعة بريكس، وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب إفريقيا. وربما يكون هذا علامة على تضاؤل نفوذ. ففي النهاية، كانت أمريكا بصفتها القوة العظمى الوحيدة تمسك بحق نقض (فيتو) فعلي في المؤسسات المتعددة الأطراف الرئيسية التي قادت التنمية وحددت كيفية إدارة وإنقاذ الاقتصادات طوال الجزء الأكبر من القرن الأخير. أما الآن، فتبدو تلك الأيام معدودة، حيث أصبحت الصين تتمتع بنفوذ اقتصادي عالمي فعلي. وطبعاً، أمريكا ستستمر في استقطاب الأضواء، لأنه على الرغم من مواجهتها منافسات جدية، فإنها لاتزال أهم اقتصاد في العالم، وسياساتها تترك نتائج على مستوى العالم كله. وحتى إذا تفوقت عليها الصين من حيث الحجم الإجمالي لاقتصادها، إلا أن الأمريكيين سيكونون أغنى بالنسبة إلى الفرد الواحد، وبالتالي سيشكلون سوقاً استهلاكياً أكثر أهمية بالنسبة إلى بقية العالم لفترة قادمة من الزمن. غير أن أكثر ما يهدد مكانة أمريكا العالمية هو الانحسار النسبي لقوتها. وظهر ذلك بوضوح عندما قررت بريطانيا ودول أخرى أن أي انعكاسات سياسية تصدر عن أمريكا مستاءة لن تكون أكثر أهمية من المكاسب الاقتصادية التي ستنجم عن دعم الصين. وهناك دول أخرى اخذت تهيئ نفسها للتكيف مع عالم جديد متعدد الأقطاب لن تعود فيه الولايات المتحدة المحرك الاقتصادي الوحيد. ولا بد من توضيح أن هذه الدول ليست بصدد إدارة ظهرها لأمريكا. فالولايات المتحدة تبقى مهمة، ليس اقتصادياً فحسب، وإنما أيضاً سياسياً وعسكرياً. ولكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يصعب عليها الاعتياد على أنها لم تعد القوة العظمى الوحيدة. وأبرز مظهر لذلك هو أن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك بريكس سيتواجدان جنباً إلى جنب مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. في النصف الأول من القرن الماضي، تفوقت أمريكا على بريطانيا. وربما ينطوي ذلك على دروس اليوم. *كاتبة واقتصادية بريطانية أمريكية (بروفيسورة زائرة في جامعة بكين ومحاضرة في جامعة أكسفورد)