الحديث عن خطر الطائفية وتهديدها للنسيج الاجتماعي والأمن الوطني في العراق حديث مكرر بعد أن أصبحت السياسة الرسمية في هذا البلد تغذي هذا الاتجاه وتفتح المجال للطائفيين لأخذ أدوار من مسؤولية الدولة تحدد مصير بعض المواطنين من الطوائف الأخرى وتمس حياتهم ووجودهم. وكان العقلاء من جميع الطوائف يحذرون من هذا التوجه ويعملون لإيقاف هذا التدهور في نسيج المجتمع من أجل إعادة علاقة الحكومة بمواطنيها على أساس المواطنة وليس على أساس الطائفة، وتزداد أهمية هذا المسعى حين يدرك الجميع أن خطر الإرهاب المتنامي يتهدد الجميع ولا يمكنهم الوقوف في وجهه ومحاربته إلا إذا توحدت الكلمة وزالت أسباب التفرقة. لكن الخطر الجديد، الذي بدأت طلائعه، هو الاتجاه إلى الفرز الطائفي على الأرض حيث تشير المعلومات إلى هجوم بعض المليشيا على القرى العربية في منطقة سنجار بهدف تهجير أهلها وإحداث تغيرات ديمغرافية على البنية السكانية. هذا التوجه ينذر بالخطر الحقيقي ولا يترك فرصة لإمكانية معالجة الأخطاء السابقة، ويفتح المجال أمام المزيد من الانشقاق والتقاتل بين أبناء الشعب الواحد الذين ظلوا قرونا منسجمين مختلطين قبل أن يقع النظام في قبضة الطائفيين.