×
محافظة الجوف

القبض على مواطن أطلق النار عشوائياً على أسرته

صورة الخبر

ما الذي يجعل النجم الإيطالي أندريا بيرلو ملك الأعصاب الهادئة؟ هل هو الغرور أم الانعزال عن الآخرين أم لأن الجميع يحبه على اختلاف مشاربهم؟ يجيب زميله في المنتخب جينارو غاتوسو عن هذا السؤال ببساطة فيقول: عندما أرى بيرلو يضع قدمه على الكرة أتساءل إن كان الناس فعلا سيعتبرونني لاعب كرة قدم.وبيرلو يكره الإحماء ولا يرفع ذراعيه في الهواء أو يسرع بخطواته مثل زملائه قبل دخول الملعب ويعلق:الإحماء يثير اشمئزازي وأفضل فعل شيء آخر لتجنب التوتر. وهذه النظرة المختلفة للأمور دشنت لما يطلق عليه ثقافة بيرلو ولهذا ضج تويتر عندما انهمرت دموع بيرلو بعد خسارة نهائي أوروبا أمام برشلونة 1-3. بيرلو الآن في ال 36 لكنه ما زال مطلوباً عند المدربين والمشجعين والسبب لأنه لاعب يقوم بكل شيء بشكل جيد دون الحاجة بالضرورة لخرق نظام الفريق. كل ما يفعله بيرلو هو تمرير الكرة فهو لا يركض ولا يجيد التسديدات الرأسية وليس مشهوراً بقوته في المراوغات أي باختصار يلعب لأجل الفن أولا ثم النتيجة ثانياً ،ولهذا غزا قلوب الإنجليز عندما سدد ركلة الجزاء بطريقة بانينكا في شباك حارس منتخب إنجلترا جو هارت في ربع نهائي يورو 2012 ،وقد جرب بيرلو هذا التكتيك منذ سن ال13. ثقافة بيرلو بدأت في الواقع بقرية هيورينغ الدنماركية التي يعود بناؤها إلى 750 عاماً وتشتهر على الأغلب بمتحف التاريخ الطبيعي. هذه القرية التي تقع في الشمال تتميز ببيوتها ذات الطابق الواحد وبسقف من القرميد الأحمر ولا تجد فيها إلا القليل من المنازل بطابقين ،ولا تجري فيها الكثير من الأحداث باستثناء بطولة كروية للشباب يطلق عليها دان كب يتنافس فيها 25 ألف لاعب دون ال12 فما فوق من جميع بقاع العالم. وفي عام 1992 أخذ المدرب روبرتو كليريسي فريق فولونتاس دون ال15 عاما للهواة في بريشيا شمال إيطاليا لهذه البطولة وكابتن هذا الفريق كان بيرلو (13 عاماً)، توجه بيرلو الذي كان يكبر زملاءه بعامين بحديث لهم وقال: هذه ليست رحلة مدرسية، نحن هنا للفوز لذا عليكم أن تتصرفوا بشكل جيداً. بيرلو وفريقه خرجوا من البطولة في الدور نصف النهائي بعد الخسارة بركلات الترجيح بيد أنه خطف القلوب عندما سدد ركلة جزاء يقول عنها كليريسي: حبسنا الأنفاس والجميع يترقب، تقدم نحو الحارس والكرة تحت إبطه ثم مرر يده عليها ووضعها على الأرض بكل هدوء وكادت قلوبنا تتوقف عندما رأينا وجهه البارد الذي لا يوحي بشيء ثم سدد وسجل. وجد مدرب فولونتاس حلا لاصطفاف اللاعبين في طابور على الحمام بعد التمرينات ،وهو تسديد ركلات الترجيح بعد كل جلسة وكل لاعب يخفق في التسجيل كان يذهب لغرفة الملابس كي يستحم وبيرلو كان يبقى الأخير دوما ويعلق كليريسي: كان يعرف جيداً حجم قدراته، أحياناً كان يعبر عن سعادته الكبيرة بتمريراته. لم يكن هدفاً لعرقلات الخصوم ،لأنه كان يريد لعب الكرة وترك اللاعبين الآخرين أيضاً يلعبونها لذا لا يوقف لاعبا ولا يحتفظ بالكرة كثيراً. لقد فعل أصعب الأمور بدون ارتكاب أخطاء تقريباً كما أنه لا يحتاج إلى تحفيز مادي كي يتحمس للعب وهذا مهم جداً للاعب محترف. أول معرفة بين بيرلو والكرة كانت في رحلة عائلية لتوسكان الساحلية وهو في الرابعة من العمر وتتذكر أمه ليديا قائلة: لعب الكرة على الرمل مع شقيقه ايفان وأصدقائه الذين كانوا يكبرونه بعامين على الأقل. توقف الناس لمراقبته وقالوا هذا الفتى رائع. كان لا يفكر إلا بالكرة وكان هادئ الطباع صامتا أغلب الوقت. لم يخرج بصحبة أصدقاء سوء فقد كان يمضي وقته في اللعب مع ايفان حتى موعد العشاء. كان هناك نوع من التنافس بينهما ولكن ليس غيرة. ايفان لعب الكرة كنصف محترف وبيرلو وصل النجومية. بيرلو وإيفان كانا يلعبنا بكرة من الجوارب وكان بيرلو يصر على إشراك دميته بيغ جيم في المباراة وبعد كل هذه التمرينات في شوارع قرية فليرو الصغيرة جنوب بريشيا التحق بيرلو بفريق فولونتاس. النادي المحترف الذي يتبع له فولونتاس اهتم ببيرلو في حين عقد نادي أتالانتا الغريم اجتماعا عاجلا لخطف الفتى ذي ال14 عاما لكن خشية حدوث أزمة دبلوماسية قال رئيس أتالانتا أنتونيو بيركاسي يجب ترك الفتى بسلام.ويعلق سيزار برانديللي الذي كان يتولى تدريب ناشئة أتالانتا حينها: تركني كلام الرئيس معقود اللسان فقد كنت مقتنعا بأن كل من راقب أداء بيرلو كان يعرف أنه نجم وأنه جوهرة إيطاليا المقبلة. بيرلو كتب في سيرته الذاتية:عرفت أنني أفضل من الآخرين بسن مبكرة ،ولذلك كانت الجميع يتحدث عني وبشكل أكبر من الطبيعي وليس دوما بالمديح. تطورت موهبة بيرلو لكنه سقط في فخ الحسد فقد كان رفاقه في بريشيا لا يمررون له الكرة وكان آباؤهم من المدرجات يصرخون: هل يعتقد هذا الفتى أنه مارادونا ؟. والد بيرلو لم يعرف كي يتعامل مع أعداء ابنه ،ولم يتحمل رؤية دموع ابنه لذا ركض إلى الجانب الآخر من الملعب ولم يحضر بعدها لسنوات مباريات ابنه لكن بيرلو صمم على انتزاع حقه وقال لنفسه ،كما يروي في سيرته الذاتية اذهب وخذ الكرة وسدد فهي لك، رفاقك الحاسدون لا يستحقونها وسجل هدفين في تلك المباراة. كان لبيرلو على الأقل مشجع واحد هو مدرب الفريق الأول ميرسي لوشيشو، وبعد عام من لحاق بيرلو ببريشيا انخرط في تمرينات الفريق الأول وكان يلعب في المباريات الودية قبل انطلاق الموسم أمام فرق كبيرة مثل ريد ستار بلغراد وستيوا بوخاريست. توجب على لوشيشو إخماد ثورة داخلية في فريقه فقد خطف الفتى مواقع لاعبين في التشكيلة الأساسية ،ويصف بيرلو أيامه الأولى فيقول: كانت هناك أكثر من 10 محاولات قتل لي في كل جلسة تمرينات في إشارة لحدة اللاعبين معه ومحاولتهم إصابته. ويعلق مساعد المدرب أديلو مورو الذي منح بيرلو أول مباراة رسمية في مايو /آيار 1995: كان بعض اللاعبين يشعرون بالغيرة منه، لكنه كان هادئاً رغم أنه كان يلعب في موقع صعب مثل هجوم الوسط. كان فعلاً جوهرة، لكنه محترف جداً وقدوة لكل لاعب. أتمنى لو كان في العالم الكثير من طرازه ليس فقط من الناحية الفنية بل الشخصية أيضاً. يتذكر ماركو شيناردي، الذي نزل بيرلو بديلاً عنه في تلك المباراة فيقول: قال لي إن أخذه مكاني حلم تحول إلى حقيقة. كان محظوظاً لأنه حصل على مدرب مثل لوشيشو الذي كان يؤمن بأن أندريا لاعب كبير. كنا نرى أنه يملك إمكانات جيدة غير أن شخصيته الباردة وغير القيادية لم تقنعنا بالرهان عليه مستقبلاً، لكنه أصبح قائداً من خلال موهبته. استعاد بريشيا أخيراً انسجامه الداخلي خلف بيرلو (17 عاماً) وحصد لقب الدرجة الثانية موسم 1996-1997 وصعد للسيري أي ،لكن مشكلة النادي أصبحت كيف يحافظ على أندريا واعترف رئيس النادي جينو غوريوني قائلاً: ليس بمقدورنا شراء لاعب مثل بيرلو، سيكون رمزنا وسوف أتمسك به قدر ما أستطيع إذا ما بقينا في السيري أي.بيد أن بريشيا أكثر الفرق صعودا ونزولا في إيطاليا هبط بعد 12 شهراً وفي 1998 فاز الإنتر الذي يحبه بيرلو ويشجعه منذ الصغر وطار بيرلو من الفرح فهو سيلعب بجانب البرازيلي رونالدو بطل العالم ويوري جوركاييف وربورتو باجيو. لا أحد يمرر الكرة مثل بيرلو في إيطاليا حيث الحرية الفنية محصورة في خط الدفاع غالبا وحصرية لفرانشيسكو توتي مهاجم روما ويعلق بيرلو: أنا مثل الغجري الجوال في الملعب، لاعب وسط يبحث عن ركن يتحرك فيه بحرية لدقيقة واحدة فقط. كل ما أحتاج إليه بضع أمتار مربعة لأعبر عن نفسي وأختار زميلاً أمرر له الكرة ليسجل منها هدفاً. يطلقون عليها تمريرة حاسمة لكنني أسميها طريقتي في نشر السعادة. تولى ليبي مهمة تدريب الإنتر فأرسل بيرلو في إعارة لريجينا حيث اعتاد على اللعب فعلاً بالسيري أي ،ويعلق مدرب ريجينا فرانكو كولومبا:أول مرة التقيت به كانت قبل مباراتنا الثالثة في الموسم أمام بولونيا وحضر بيرلو التمرينات بسيارة بورش فقلت له (اسمعني جيداً، أولاً الطرق هنا ليست مناسبة لتسير عليها سيارة البورش، ثانياً تجول فتى بال 20 بسيارة مثل هذه ليس فكرة جيدة) فأعادها لمنزله. كنت أضطر لقطع التيار الكهربائي كي يذهب للمنزل ويترك التمرينات. أول مرة رأيت ابتسامة خفيفة على وجهه عندما ضمن النادي عدم الهبوط لذا قلنا (إذاً هو إنسان ولديه مشاعر). عاد بيرلو إلى الإنتر في صيف 2000 بعدما قاد منتخب إيطاليا دون ال21 للفوز بلقب أوروبا وفاز بالحذاء الذهبي والكرة الذهبية معا كأفضل لاعب وأفضل هداف واقتنع ليبي بقدراته، لكن سرعان ما رحل المدرب لتدريب منتخب إيطاليا الأول وجاء تارديللي وفي أول 6 أشهر لم يشرك بيرلو إلا في 4 مباريات واعترف لاحقا بالندم ويعلق بيرلو:ربما لم يتعرف بي، لا أعرف كم مرة أردت تعنيفه لكنني أمسكت لساني. في يناير/ كانون الثاني عاد بيرلو لبريشيا وهناك حوله المدرب مازوني من هجوم الوسط إلى ممرر كرات أمام خط الدفاع وفي 2001 واجه اليوفنتوس ورفع بيرلو الكرة من فوق 9 لاعبين ليمررها لباجيو الذي سجل هدف التعادل القاتل في شباك ايدوين فان دير سار ويعلق مدربه مانزوني: في ذلك اليوم سجل بيرلو علامته التجارية، اعتاد اللاعبين على السخرية من اكتشافي الصغير، لكن الجميع الآن يتذكرون ذلك اليوم.وبعدما سئم بيرلو من اللعب احتياطيا في الإنتر وافق على الرحيل صوب الغريم ميلان مقابل 9.6 مليون جنيه إسترليني لكن التواجد في التشكيلة كان صعبا مع فاتح تريم ،ثم كارلو أنشيلوتي. في الموسم التالي قرر أنشيلوتي الذي يعتبره بيرلو والده الروحي استخدامه أمام خط الدفاع مع سيدورف وغاتوسو ،ويعلق أنشيلوتي: بيرلو واحد من اللاعبين الذين لست بحاجة لقول الكثير لهم كي يفهموك، إنه يفهم كل شيء تلقائيا وهو أقوى مدافع وسط في العالم. قصة نجاحه مع ميلان معروفة للجميع ويروي بيرلو حادثة طريفة عندما عين مدرب منتخب مالطا في مباراة ودية عام 2012 لاعبه أندريه شمبري مراقباً لصيقاً له ويعلق: قلت له هل أنت مستمتع باللعب وأنت ملتصق بي مثل الصمغ، أشعر بالأسى نحوك فأجابني لا وجود للمتعة في كرة القدم، أنا فقط أتبع أوامر مدربي فقلت له لكنك بهذا لن تستمتع بمباراتك فقال لي ولا أنت أيضاً. يصف بيرلو المباريات التي يتعرض فيها لمضايقة خصم ويقول: لا عدالة في مثل هذا النوع من المباريات. من يراقبني لاعب مثلي، ورجل طلب منه أن يدخل الملعب ويتصرف بلا كرامة، يدمر بدل أن يبدع. سعادته تكمن في رؤيتي تعيساً. مستر المكتب والانتقام تحدث بيرلو في الفصل الأول من سيرته الذاتية عن غالياني رئيس مجلس إدارة ميلان لكنه في بقية الكتاب كان يشير اليه ب الرجل ذو القلم أو مستر المكتب ورغم أن رحيله عن ميلان في 2011 كان لأسباب رياضية رسمياً إلا أنه دارت شائعات عن عدم ملاءمته لتكتيك المدرب أليغري علاوة على راتبه الضخم. اليوفي كان وجهة مفضلة لبيرلو كي ينتقم من ميلان ويعلق بوفون:عندما سمعت أنه قادم قلت إنه صفقة العصر. أليغري حل بديلاً لكونتي في تدريب اليوفي وفور تسلمه المنصب اتصل ببيرلو الذي كان يستمتع بإجازة بعد المونديال لإزالة أي خلاف بينهما وليقول له إنه ما زال نجماً في ال 36. بيرلو حط الرحال الآن في نيويورك سيتي مع ديفيد فيا وفرانك لامبارد ويعلق كولومبا مدربه في ريجينا: لو بقي في إيطاليا لقال الناس إنه عجوز في آخر مسيرته لكن الآن في الولايات المتحدة يستطيع تعليم أمريكا كيفية لعب الكرة حتى 2040. من عائلة ثرية بيرلو في الواقع لا يحب مهنة التدريب ولا يرغب في السير على خطى والده لويجي في السياسة المحلية لكنه ما زال يملك حصة في شركة العائلة للحديد التي تدر 50 مليون يورو سنوياً، ويتمنى أن يعيش حياة طبيعية في مزارع العنب العائدة للعائلة بمساحة 10 هكتار، كما هو حال أندريه إنييستا نجم برشلونة. جونينيو الملهم ملهم نجم إيطاليا بيرلو في الكرة الحديثة هو البرازيلي جونينيو نجم ليون السابق وقد تعلم أندريا من تسجيلات الفيديو وحتى الصور كيف كان ينفذ ركلاته الحرة بطريقة لافتة يعجز الحارس عن صدها.