تشارك المملكة اليوم دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار (الصحة النفسية لكبار السن) لما لهذه الشريحة من أهمية في المجتمع وتأثيرها عليه، الشيء الذي دفع الجميع للتحرك تجاه المشاركة الفاعلة في هذه المناسبة. وقد أعدت الشؤون الصحية بمحافظة جدة برنامجا احتفاليا بالتعاون مع مستشفى الصحة النفسية وجمعية حماية الأسرة الخيرية، بحضور أكثر من 100 ممثل للجمعيات الخيرية ومهتم بالشأن الاجتماعي. وأكد لـ«عكاظ»، بهذه المناسبة، مختصون نفسيون واجتماعيون أن الخدمات المقدمة لكبار السن ضعيفة وتحتاج إلى دعم كبير جدا من القطاعات الحكومية والجمعيات المتخصصة للارتقاء بها في المستقبل، معتبرين أن الخدمات التي يحتاجونها تتمثل في تسهيل إجراءات وطريقة معيشتهم، في النقل والخدمات الحكومية والنشاطات الاجتماعية، ومطالبين في الوقت ذاته بتوفيرها لهم لأن الكبار تاج على الرؤوس ويجب المحافظة عليهم. أفضل الخدمات بداية تقول المستشارة النفسية سميرة الغامدي «إن واقع العالم متوجه نحو تقديم خدمات أفضل لكبار السن، والمملكة تسير في هذا الإتجاه أيضا بالرغم من عدم الوصول إلى الحد المطلوب منها خاصة بعد التقاعد إلى سن 60 عاما»، موضحة انه تم إعداد استطلاع لكبار السن لمعرفة مطالبهم التي جاءت مختلفة على مستوى الخدمات الطبية والعملية والترفيهية والاجتماعية، لذلك لا بد من مشاركة جميع القطات في وضع الخطة الاستراتيجية لتقديم الخدمات لكبار السن، فضلا عن الارتقاء بالوعي للتعامل مع هذه القضية. المرض درجات وأشار مدير مستشفى الأمراض الصدرية في الطائف الدكتور حميد القرشي (أخصائي نفسي) الى أن كل شخص في المجتمع يوجد لديه مرض نفسي ولكن بمستويات مختلفة تراوح ما بين (30-70%) في مستواها الطبيعي وعندما تتجاوز ذلك تستحق العلاج، وعندما يقل مستواها عن 30% فإن الشخص يتحول إلى مريض نفسيا ما يسمى (استهتار) وعدم اهتمام بما يحدث حوله حيث يطلق علية (غير سوي)، مقسما المرض النفسي إلى: الذهاني والعصابي، مردفا «المرض الذهاني خطير وأسبابه غير معروفة حتى الآن ولا توجد دراسة تثبت أن هذا المرض وراثي أو مكتسب في المجتمع، كما أن عدم الانتظام في العلاج يؤدي إلى انتكاسات للمرضى النفسيين، لذا يجب الاهتمام بمواعيد تناول الدواء دون تأخير». متجولون في الشوارع ويرى الأخصائي الاجتماعي محمد العمري أن المجتمع بكافة فئاته ومؤسساته غير معذور عن تقديم المساعدات للمريض، مضيفا «أقصد المرضى المتجولين في الشوارع، لأنهم يشكلون خطرا على أنفسهم قبل الآخرين، ويجب أن يتم الاعتناء بهم والمحافظة عليهم بدلا من تركهم يعيشون في عزلة يسكنون الكباري والبيوت الخربة، وعلى الجميع إيجاد حلول لهم». وفي السياق، قال عميد القبول والتسجيل بجامعة الباحة الدكتور صالح الجار الله إن الظروف الاجتماعية تساعد في زيادة المرض النفسي بانواعه وتشكل خطرا على الكثير من الأسر، لأن المرض النفسي يختلف من شخص لآخر، ولكن يعتبر الفصام الضلالي -حسب قوله- من الأمراض الخطيرة، حيث يتخيل للشخص بأن الذي أمامه هو عدو له، ما قد يدفعه لقتل أحد أقاربه دون سبب أو دافع للجريمة، مبينا أن المخدرات، والظروف الاجتماعية السيئة، وعدم انضباط المريض في العلاج بشكل منتظم عوامل تساعد على زيادة المرض العقلي. طاقة فكرية من جهته، ذكر فهاد الحازمي (متقاعد من التعليم) أن حياته تغيرت إلى الأسوأ بعد سماع قرار تقاعدة من السلك التعليمي، بالرغم من شعوره بأن لديه طاقة في الحركة والفكر يريد ان يوظفها بطريقة صحيحة لخدمة المجتمع لكنه لم يستطع تحقيق ذلك، مشيرا إلى أن كبار السن في كافة مناطق المملكة يعانون من نقص الخدمات المقدمة لهم، لأن الخدمات الطبية لوحدها لا تكفي، ولا بد من الجانب الاجتماعي والترفيهي لهذه الفئة على اعتبار أهميته لهم. 9661 مراجعا بالدمام وأوضح لـ«عكاظ» مدير العلاقات العامة بمستشفى الصحة النفسية بالدمام راشد الزهراني أن المستشفى استقبل خلال الفترة من شهر محرم لهذا العام وحتى شهر ذي القعدة 815 حالة ضمن برنامج الصحة النفسية، في حين بلغت أعداد المراجعين للعيادات الخارجية 9661 حالة للفترة ذاتها. وبين الزهراني أن المستشفى يقدم كافة الخدمات العلاجية والتأهيلية للمرضى والمراجعين أو الحالات التي يتم تحويلها من المستشفيات والمراكز المتخصصة أو المراكز الصحية لمختلف المراحل السنية من عمر السنتين إلى الشيخوخة، كما يتم صرف كافة الأدوية والعلاجات، بالإضافة إلى الرعاية الكاملة من قبل الطبيب المعالج مع متابعة مواعيد العيادات الخارجية. رعاية خاصة يشهد مستشفى الصحة النفسية ببريدة وجود حالات عديدة من المرضى النفسيين من اعمار مختلفة، حيث يحظى كبار السن برعاية خاصة من المستشفى وفق برنامج علاجي وترفيهي يتناسب مع وضعهم المرضي، إلا أن العدد يتزايد بشكل كبير مقارنة بوضعه الحالي في قسم تابع لمستشفى الصحة النفسية، بعد أن كان مستشفى مستقلا في السابق ويحمل اسم (دار النقاهة)، ما يؤثر على جودة تلك البرامج المخصصة لهم.