لا تفارق العشوائية عينيك بمجرد دخولك إلى حارة البرماويين في جدة، إذ يلفتك التنوع الكبير والغريب في كل مشهد داخل السوق العتيق الذي يسميه سكان الحي «سوق البرماويين» نسبة إلى الأكثرية التي تقطن فيه. وترتفع الأصوات في شهر رمضان المبارك من بعد صلاة العصر في عملية البيع والشراء إذ يتوافد الناس فرادى وجماعات بحثا عن المنتوجات التي تباع في السوق من سمك وأكلات شعبية ودجاج يذبح مباشرة أمام عينيك. ويخالف البائعون في السوق قرار منع فتح محال لذبح الدواجن الحية داخل الأحياء السكنية الذي يقضي بعدم السماح بهذا الأمر تجنبا للأضرار البيئية والصحية في ذلك. وبات من المسلم به أن هذا المكان يفتقد لوسائل السلامة والوقاية واشتراطات الصحة ليصبح بيئة خصبة لانتشار الأمراض والبكتيريا. ويتساءل مواطنون عن الجولات الرقابية التي من المفترض أن تقوم بها الأمانة لفرض العقوبات على مثل هذه المحلات المخالفة التي غالبا لا تكون لها تراخيص بحسب عبده القرني، ويضيف: جزء من المسؤولية تتحمله الجهات المختصة لأن عدم فرض عقوبات عليها يجعل التهاون بالقرارات متواصلا، وطالب بتكثيف الرقابة ومصادرة مثل هذه الدواجن التي تعيش في بيئة تفتقد لمتطلبات الصحة والسلامة. وفي هذا السياق، أوضح عبدالعزيز المالكي أنه يستغرب من طريقة تنظيف الأسماك بطريقة بدائية دون تجهيز أحواض كبيرة لنقلها بداخلها، مشيرا إلى أنه من المتوقع انتشار الكثير من الفيروسات بسبب مثل هذه الممارسات البعيدة عن الرقابة. السوق الذي يقع داخل الحي السكني للبرماويين في طريق مكة القديم يؤمه المئات وتمتد على جانبيه المنازل العشوائية التي لم تستكمل طلاءها بعد، حيث ينشط في سوق البرماويين ترويج العديد من المأكولات الشعبية بالإضافة إلى مادة «التمبول» المنشطة خاصة داخل السوق الشعبي ويتم تداولها بين الجاليات المقيمة. فيما يكشف نور سراج (برماوي الجنسية) أن السوق يوفر خاصة في شهر رمضان جميع المتطلبات والاحتياجات اليومية وبه أكلات عبارة عن إيدامات بالدجاج يضاف إليها الفلفل الأحمر المطحون لإضافة نكهة مختلفة إليها خلاف السمك بأصناف متعددة وذات الحال ينطبق على الدجاج. ولا يعد الاهتمام بالطريقة الصحية في الذبح أو بيع المنتجات ذات أهمية بالغة للبائعين وهو ما يتضح جليا من خلال انعدام النظافة والطريقة البدائية التي يتم بها البيع دون رقابة من أحد. من جانبه، أوضح البائع مخلص نور بأن البلدية لا تصل إلى هنا كثيرا بسبب طبيعة الحي وضيق أزقته حيث تحتاج البلدية إلى وقت طويل لتصل إلى السوق بسبب الحفريات والزحام في السيارات الذي يصادفهم في الطريق. ويقطن في حارة البرماويين أغلبية من الجنسية البرماوية، فيما يشكل السعوديون نسبة ضئيلة منهم، ويعتبر السوق الشعبي متنفسا لهم في عرض كثير من البضائع بعيدا عن الاشتراطات الصحية التي لا تتوفر غالبا بها. من جهته، أوضح رئيس بلدية أم السلم المهندس محمد القرني أن البلدية تقوم بحملات متواصلة غير أنه لا بد أن يكون هناك دعم متواصل من مختلف القطاعات، مضيفا بأنه يجب أن يخاطب رئيس الجالية البرماوية في هذا الخصوص حتى تكتمل مثل هذه الحملات التي تأتي لمصلحة الجميع. وأضاف القرني أن هناك حملات مكثفة على كثير من المحلات التجارية والبسطات الشعبية، لافتا إلى أن الجولات التي تقوم بها البلدية يتم بها طلب التراخيص وحين عدم استيفائها يتم مخاطبة شركة الكهرباء لفصل التيار الكهربائي عن الموقع.