قبل أيام نشرت عكاظ وبعض الصحف الخليجية أن محكمة سعودية قضت بسجن أربعة شباب لمدد تتراوح بين ثلاث ــ وعشر سنوات وجلدهم بين 500 و2000 جلدة، بتهمة الرقص والتعري. وفي الفترة نفسها نشرت صحيفة الشارع السعودي عن اعتراض فتيات في الإمارات على تصرف أحد مراكز التسوق الشهيرة، حيث تجاوبت مع حملة تنادي للاحتشام، فكانت توزع على الرجال والسيدات اللاتي يظهر أكثر من نصف أجسادهن الأفخاذ والأذرعة بطاقات تطلب منهن مراعاة الآداب العامة في اختيار اللباس، مما أثار ردة فعل قاسية على هذه المبادرة من المركز وهددن بمقاطعة الشراء منه، وإن كنت أشك في أن يكون هدف هذه الفئة الأساسي شراء احتياجاتهن فكان هذا التهديد غير مستغرب. ثم تداولت وسائل التواصل الحديثة مشهدا لعاملة أثيوبية في الكويت هربت من منزل كفيلها عارية تماما، وأقفل على المحضر باشتباه في أنها تعاني من أمراض نفسية. وفي مصر تظاهر عدد من الإخوان بالتعري احتجاجا على الأوضاع السياسية في مصر . وكثير من البلدان الأجنبية استخدم المتظاهرون التعري وسيلة للضغط على الحكومات وعلى المسؤولين. «ويعود تاريخ الاحتجاج بالتعري إلى فترة ما قبل العصور الوسطى ولعل الليدي غوديفا (1040 ــ 1070) أول مثال على ذلك عندما قامت بركوب صهوة حصانها عارية في مدينة كوفنتري البريطانية؛ وذلك من أجل إقناع زوجها حاكم المدينة بتخفيض الضرائب على سكان المدينة». كل ما سبق من عرض هو لوضع القارئ الكريم في صلب الحدث ، فمنكم من يتساءل عن ما يحدث في الخفاء من تعر ولماذا؟! والحقيقة أن الظاهرة بدأت تطفو على السطح فما يمارس في الخفاء قد يأتي زمن يصفق له حتى ينطبق عليهم حديث سيد المرسلين ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ...). إن التقليد الأعمى مع الصمت على هذه الظواهر دون معالجتها من بدايتها قد ينتج لنا جيلا ليس عاريا من الملابس فقط وإنما عاريا من الفكر، فإذا كان بعض المتعرين في الدول الأجنبية يستخدمون هذه الوسيلة إما للضغط على حكوماتهم لتغيير وجهتها، أو من نساء للكسب المادي، فما الحكمة من تعري شاب سعودي ؟! وموقف أحد المولات في الإمارات المبدئي لمحاربة ظاهرة التعري الجزئي التي قد تتحول إلى كلي هو موقف أخلاقي رفيع، وكان المأمول أن يكون هذا هو موقف حكومة دبي ككل. فالمؤلم أن تمشي بين شوارع مدينة خليجية مسلمة تفتخر بكل جوانب التقدم فيها، وتقف مشدوها أمام تحذير الأمهات الإماراتيات في المدن الأخرى أبنائهن من السفر إلى دبي، لتكتشف أن كل الحق معهن. فالتعري قد يكون إحدى وسائل اصطياد أبنائهن في هذه المدينة الفاضلة. dr-noram@hotmail.com