سجلت أسعار النفط هبوطا حادا في الأسواق العالمية أمس بعد أن رفضت اليونان شروط حزمة الإنقاذ وهو ما يؤجج المخاوف بشأن ضعف نمو الطلب في وقت يشهد وفرة في المعروض العالمي. واعتبر مختصون أن نتائج الاستفتاء تهدد استمرار وتماسك منطقة اليورو وربما تمهد لخروج اليونان وعودتها إلى عملتها الأصلية وهو ما يضعف الاقتصاد الأوروبي ويزيد عدم الثقة في بإمكانية تعافيه من تداعيات تلك الأزمة ومن ثم ينعكس ذلك على ضعف اليورو وضعف أسعار النفط باعتبار أن السوق الأوروبية من كبريات الأسواق المستهلكة للنفط الخام. يأتي ذلك متواكبا مع حسم ملف المفاوضات الإيرانية الغربية في فيينا اليوم وسط تنامي التوقعات بالتوصل إلى اتفاق نهائي حول الملف النووي يؤدى إلى رفع العقوبات الاقتصادية واستئناف ضخ الصادرات النفطية الإيرانية إلى الأسواق. ويقول أندرياس جيني مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية لـ "الاقتصادية" إن نتائج الاستفتاء ضربة قوية للاقتصاد الأوروبي كما تزيد حالة عدم الثقة بالمؤسسات المالية الدولية وفى برامج الإصلاح الاقتصادي التي تقدمها لمساعدة شعوب العالم، خاصة برامج صندوق النقد الدولي وتمويلاته. وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الثقة بالعملة الأمريكية الدولار ونموها على حساب اليورو، ما سينعكس سلبا على أسعار النفط الخام والمعادن. وأوضح أنه كان هناك انقسام بين الشعب اليوناني حول ضغوط وشروط المؤسسات المالية الدولية ولكن الشريحة الكبرى، خاصة من الشباب كانت ضد هذه الشروط بسبب الأزمة الاقتصادية ومعاناتهم بشكل أكبر نتيجة ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 50 في المائة. وأشار إلى أن شريحة أخرى خاصة من كبار السن كانوا مع قبول خطط مالية أكثر تقشفا بسبب قناعتهم بأن البقاء في منطقة اليورو نوع من الأمان لهم وللأجيال اللاحقة ولكن معاناة الشباب من البطالة هي التي انتصرت وحسمت الاستفتاء بالرفض. ويقول الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة لـ "الاقتصادية" إنه من الواضح أن الحكومة اليونانية عاجزة عن إدارة الأزمة، حيث لجأت إلى الاستفتاء لوضع الشعب في مواجهة مباشرة مع الدائنين وبعد رفض الشعب شروط الدائنين وجدنا الاستقالات بدأت في الحكومة باستقالة وزير المالية يانيس فارفوكيس وربما يعقبه آخرون. وأشار إلى أن نتائج الاستفتاء بمنزلة ضربة قوية للاقتصاد الأوروبي ولمنطقة اليورو التي تواجه خطر التفكك وللعملة الموحدة التي قد تشهد أدنى مستوياتها أمام الدولار الأمريكي الذي زادت الثقة به والإقبال عليه للادخار. وأكد أن تأثير الأزمة اليونانية في سوق النفط الخام سيكون مؤقتا لأن سوق النفط يتأثر بعديد من العوامل لكن فيما يخص الطلب فإنه يجيء بشكل أساسي وكبير من الدول الآسيوية، إضافة إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد عديدا من الإجراءات الأوروبية الجديدة لدعم اقتصاد المنطقة وتجاوز تداعيات الأزمة كما أن خروج اليونان من منطقة اليورو ليس محسوما بعد وستكون هناك ربما مفاوضات جديدة أو حكومة جديدة في اليونان. ويقول ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز لـ "الاقتصادية" إن الساعات المقبلة ستشهد حسم المفاوضات الإيرانية الغربية لأنه بحسب أطراف هذه المفاوضات هناك رغبة قوية في حسم هذا الملف كما أعلن جون كيري حدوث تقدم كبير في المفاوضات. وأشار إلى أن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق سيكون بمنزلة رسالة إلى الأسواق بأن الصادرات النفطية الإيرانية بات وشيكة وربما يزيد الأمر من حالة وفرة المعروض وتراجع الأسعار إلا أن العودة العملية للصادرات ستكون في العام المقبل. وقال إن استفتاء اليونان وحسم المفاوضات مع إيران سيضعفان الأسعار في سوق النفط لفترة مؤقتة قبل أن يستعيد عافيته بتأثير من عوامل أخرى منها نمو الطلب وتقارير الحفارات والمخزونات كما أن أغلب التوقعات تصب في مصلحة العملة الأمريكية التي قد تمر بأفضل فتراتها خلال الشهور المقبلة. وهبطت أسعار النفط هبوطا حادا أمس بعد أن رفضت اليونان شروط حزمة الإنقاذ وهو ما يؤجج المخاوف بشأن ضعف نمو الطلب في وقت يشهد وفرة في المعروض العالمي. وهبط سعر مزيج برنت دولارين في العقود الآجلة إلى 58.32 دولار للبرميل قبل أن يقلص خسائره إلى مسجلا 58.83 دولار للبرميل في وقت لاحق. ونزل الخام الأمريكي الخفيف إلى 54.53 دولار للبرميل بانخفاض 2.4 دولار عن سعر الإغلاق في الثاني من تموز (يوليو) حيث كانت الأسواق مغلقة في الثالث من الشهر نفسه بمناسبة عطلة في الولايات المتحدة. وبلغ الخامان أدنى مستوياتهما منذ منتصف نيسان (أبريل) بحسب ما نقلته وكالة رويترز وإضافة إلى القلق الذي يسود الأسواق بالفعل نظرا للاضطرابات في أوروبا والصين فإن العوامل الأساسية تبدو سلبية أيضا. فأنشطة الحفر في الولايات المتحدة زادت للمرة الأولى بعد 29 أسبوعا من التراجع وذلك في أقوى دلالة حتى الآن إلى أن ارتفاع الأسعار يغري المنتجين بزيادة عدد منصات الحفر. وسجلت سلة خام "أوبك" تراجعا وبلغ سعرها 58.05 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 58.99 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي للمنظمة إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء سجل ثاني انخفاض له على التوالي وكان قد سجل في بداية تعاملات الشهر الجاري 59.47 دولار للبرميل.