راجح ناصر البيشي ما زلت أفتش عنك يا قلمي! أبحث عنك بين كراكيب غرفتي.. بين دفّات كتبي.. بين أوراقي.. وفي أدراج مكتبي.. تحت كرسيي.. فوق طاولتي.. حول آلة تصويري.. بجوار حاسبي.. لم أكن أحسبُك تبعد عني وقد كنت رفيقي صديقي نوراً يشع بين أناملي.. آه.. عتبي عليكِ يا أناملي! كيف أهملتِ تهاونتِ تخليتِ عن قلمي وهو المولع بك والعاشق الصامت النجبِ؟ تركته يضيع يهيم دون أن يحتويه أحد.. فيا رجواي ويا أسفي.. أما تدرين أن من فخري به أنه يمضي الساعات الطوال في يدي؟ أو أجعله نوطاً يزدان به ثوبي معلقاً على صدري! يكتب عدد دقات قلبي وترانيم نبضي وأحاسيس مشاعري.. هيّا أيها الشاهدون على نبله ومقدار قدره.. هيّا فتّشوا عنه معي! هيّا أيتها الكتب والدفاتر والحاسوب وحقيبتي وكل من يقطن من الرفقاء غرفتي.. أنتم شهود الليالي الحالكة الظلام وقد كان قلمي نبراساً يُضيء عتمة حجرتي.. هيّا معي ابحثوا عن رفيقي.. بل رفيقنا معاً.. ابحثوا عن صوتي وإحساسي وابتسامتي وألمي! إنه ابنٌ بارٌّ يعز عليه الفراق فلا أظنه قد حاد أو غادر مكتبي.. سأسهر الليل طوله أفتش عنك يا قلمي كما كنت تسهر معي.. أظنك قريباً مني.. في حجرتي.. أمام نظري.. بل ها أنت قد عدت وأمسكتْ بك يدي.. لا تفارقني ثانيةً يا قلمي! فثمة ألم وحزن قد انتابني وشعرت بالوحدة والكآبة والكدمِ أيها القارئ المبجل هل مازلت تحتفظ بقلمك أم أنك قد أضعته مثلي؟ فتّش عنه ملياً حتماً ستلقاه كما التقته يدي.. فهو الصاحب في العسر دائماً والصديق الوفي في اليسر.. لا تظن يا صاحبي أنني أكتب عن جمادٍ صلف لا يفقه ولا يدري.. بل هو العلم تعلمناه منذُ الصغر وحتى ساعة الكبرِ.. حتى أصبح خليطاً يتحرك مع الدم ويجري.. فإن كنا نقرأ فقد حفظنا أقلامنا وإن أضعنا القراءة فقد أضعنا ذلك القلم.. كن قارئاً يا صديقي دائماً كبريق البدرِ.. فالقراءة نور يتجلى وغيرها ينضاحُ وينطفئ.