أوقف عاملو صحيفة «الرأي» الحكومية الأردنية أمس إضرابهم عن العمل الذي أدى إلى احتجاب صحيفتهم عن الصدور أول من أمس للمرة الأولى منذ الأحكام العرفية التي شهدتها البلاد فترة ثمانينات القرن الماضي. وكتبت الصحيفة على موقعها الإلكتروني ظهر أمس إن «الرأي ونسختها الانكليزية جوردان تايمز ستعودان إلى الصدور بعد أن أنهى العاملون اعتصامهم إثر تعهد حكومة عبدالله النسور الاستجابة لمطالبهم». واعتذر وزير الداخلية السابق مازن الساكت مع تصاعد الاحتجاج ضده، عن عدم قبول موقع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الذي كان عرض عليه من الحكومة قبل أيام. وقال في بيان إن اعتذاره عن الموقع «جاء رغبة منه لإفساح المجال أمام حل الأزمة التي تعيشها الصحيفة». وأضاف في تصريح آخر: «تعرضت الى إساءات غير مقبولة من بعض الصحافيين اتهموني بأني شخص عُرفي على رغم أنني لم أشغل موقع وزارة الداخلية إلا مدة أشهر». وتابع انه زار الصحافيين والموظفين المعتصمين أول من أمس، وحمل «حلولاً وموافقات على مطالبهم»، لكنه اعتبر أن القضية «لا تتعلق بمطالب الموظفين، وإنما تتداخل عناصر أخرى خارجية (لم يسمها) في المشكلة»، في إشارة واضحة إلى دخول مؤسسات قرار نافذة على خط الاحتجاج. وقال متابعون لمسار أزمة الصحيفة الأكبر في البلاد إن اعتصام العاملين الرسميين «تأثر بصراع النفوذ المحتدم داخل بعض مراكز القرار»، وأن أحد هذه المراكز «كان يسعى من خلال هذه الأزمة إلى إطاحة رئيس الحكومة عبدالله النسور. وكان عدد من المعتصمين أكد رفضه توظيف الاعتصام لصالح المناكفات بين الحكومة وأطراف أخرى، منها جهاز المخابرات العامة (واسع النفوذ). واللافت أن هذا الجهاز لم يتدخل مطلقاً لحماية الحكومة من الهجوم الذي شنه صحافيو «الرأي» عليها، على رغم أنه يمتلك نفوذاً قوياً داخل المؤسسة الإعلامية الكبيرة، وكان عمل خلال فترات سابقة على إخماد احتجاجات مماثلة ضد حكومات متعاقبة. وقال رئيس تحرير الصحيفة سمير الحياري القريب من بعض مراكز القرار، إن الإضراب غير المسبوق «كان يهدف إلى الاحتجاج على تدخلات الحكومة بسياسات الرأي التحريرية والمالية، ورفضها تطبيق اتفاق اجتماعي» على الأجور أبرم عام 2011. وطالب العاملون أيضاً بتشكيل مجلس إدارة جديد، رافضاً المجلس الذي أعلن عنه قبل أيام، إضافة إلى عدم تدخل الحكومة في تعيينات المؤسسة، والتعهد عدم التدخل ايضاً في السياسة التحريرية. كما طالبوا بصرف المتطلبات المالية لعمال المطبعة والخاصة بالسلامة العامة. وكان عاملو «الرأي» التي أطلقت عام 1971، قاطعوا أخبار الحكومة خلال الايام الماضية احتجاجاً على ما قالوا إنه «ردود سلبية صدرت عن الحكومة في خصوص مطالب المحتجين». وبدأت احتجاجات «الرأي» قبل أيام عندما دشن الصحافيون ورئيس تحريرهم اعتصاماً مفتوحاً أمام مقر الصحيفة، ثم نصبوا خيمة للاعتصام، رافعين شعارات منددة بالسلطة التنفيذية، قبل أن تقدم السلطات على اقتحام مكاتب الصحافيين. ويملك صندوق استثمار مؤسسة الضمان الاجتماعي الذي تسيطر عليه الحكومة، غالبية الحصص في أسهم المؤسسة الصحافية الأردنية التي تصدر عنها صحيفة «الرأي». ويقول مسؤولو الصحيفة إن الأزمة المالية العالمية عام 2008 سببت ضغوطاً شديدة. وكانت صحيفة «العرب اليوم» الأردنية علقت صدورها نهائياً في تموز (يوليو) عام 2013 بسبب مشاكل مالية أيضاً.