رغم تأكيد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن «السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مصلحة للمنطقة كلها»، إلا أن هناك كثيرا من الشكوك أثارها محللون سياسيون بأن ما يحمله الوزير الأمريكي هو حزمة جديدة من الطروحات لا تستجيب لأدنى المتطلبات لإقامة الدولة الفلسطينية القائمة على مبدأ الدولتين التي تم إقرارها بين كافة الأطراف الدولية المعنية. فمازالت إسرائيل مستمرة في خطط الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس، وتغيير معالم الواقع القائم كل ساعة بما يتماشى وفرض مشروعها الاحتلالي لقطع الطريق على المشروع الوطني الفلسطيني لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. *** لذا فإن الطرح الأمريكي الجديد يحاول القفز على كل هذه الوقائع بإعادة الحديث عن مشروع متكامل باسم السلام الاقتصادي يعرض فيه كيري ملامح اتفاق أولي يمكن أن يتم تدشينه بشهر أيلول/سبتمبر المقبل على أن تبدأ الخطوات التحضيرية بتسارع في عمان قد ينتهي بإحياء مشروع الكونفدرالية الثلاثية المبرمجة على أساس الحاجات والمتطلبات الاقتصادية في إسرائيل والأردن والضفة الغربية. *** هذا الطرح لا يخرج عن كونه رشوة مالية للالتفاف على الثوابت الوطنية لأنه يستجيب بشكل أساسي لأهداف الكيان الصهيوني في توظيفه سياسيا للإبقاء على الاحتلال بإعادة تقسيم الأرض بسمات جديدة وكذلك تطوير الاقتصاد الإسرائيلي على حساب الاقتصاد الفلسطيني باعتبار أن هذا الاقتصاد الأخير هو أقل تقدماً من الناحية العلمية والتكنولوجية من الاقتصاد الإسرائيلي. وأعتبره من ناحية أخرى محاولة جديدة أقرب إلى شراء وقت مستقطع يتيح لإسرائيل فرض رؤيتها للحل على أرض الواقع. *** عندما دعت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي ، إلى مؤتمر مدريد بعد الحرب الأميركية الأولى على العراق في 1991 ، سئُل اسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ، عن مآل المفاوضات فقال ، سنبقى نتفاوض عشرات السنين!! وبهذا المعنى ، تشكل المفاوضات ، سواء مع الدول العربية أو مع الفلسطينيين ورقة سياسية تستخدمها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية كورقة علاقات عامة لترتيب أوضاع داخلية أو في إطار إقليمي بالنسبة للولايات المتحدة. فلم تكن عملية المفاوضات بالنسبة لشامير سوى فرصة لشراء الوقت. يقول المحلل البارز في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بن كاسبيت إن شامير «كان يعتقد أن الهدف واضح وبسيط: حينما لا يحدث أي شيء... كان يعتقد بأن الوقت يعمل لصالحنا». *** إن إسحق شامير، كمايقول محرر جريدة هآرتس السابق ديفيد لانداو ، كان يؤمن بأنه «من أجل أرض إسرائيل، يجوز الكذب»، وعلى هذه القاعدة نحت شامير معياره الخاص للأمانة ... كان يفاوض بلا نهاية حول التفاوض، بهدف استمرار مفاوضات السلام إلى ما لا نهاية، بينما كان يمضى قدماً في بناء المستوطنات التي جعلت السلام مستحيلاً ... وكان كل يوم يمر دون إحراز تقدم يشكل انتصاراً بالنسبة إليه. ويتبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم ما تصفه مجلة فورين بوليسي الأمريكية بأنه «نزعة شاميرية» أسوأ صيتاً وإثارة للجدل. وتمثل مصادقة نتنياهو على كلمة «دولتين» في كلمة له في جامعة بار إيلان في العام 2009، حيث تتناقض مع سياساته وممارساته على أرض الواقع، قبول شامير لصيغة «الأرض مقابل السلام،» كجزء من رسالة الدعوة لمؤتمر مدريد للسلام. كلام بلا معنى. وهو ما يجب أن نتعامل معه مع كافة الطروحات الإسرائيلية .. والأمريكية للسلام في المنطقة. * نافذة صغيرة: [[الغبي وحده من يظن أن «ضمانات أمريكا» تكفي لستر «العورة السياسية» للعودة لطاولة العبث التفاوضي!] حسن عصفور / كاتب فلسطيني nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain