ما أكثر ما تتحدث الدوائر الحكومية عن ما يجري نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وشخصياً أُقسّم ما يُنشر إلى ثلاثة أصناف. صنف صادق 100%. وآخر كاذب بذات النسبة. وثالث واقع وفيه شيء من المصداقية لكنه جرى تعظيمه وأُضيف إليه رتوش تجعل منه أكثر إثارة. وتقول العامة: كل شيء إذا رُدّد ينقص، إلا الحكي.. إذا رُدد يزيد. إن غالبية الأشخاص المتعاملين مع وسائل التواصل يفضلون إخفاء الحقائق أو الأخبار عن أحداث غير واقعية دون حذف في كثير من الأحيان حتى لو تسبب ذلك في عواقب وخيمة، وكثير منهم يشكو من ذلك ولا يمكنه التوقف عن الكذب. وقد نجد من لديه الرغبة في ملء فجوات الكلام باختلاق أحداث خيالية.. ولعل وسائل التواصل الاجتماعي في الخليج والوطن العربي عامة أخذت سمعتها لأنها أتت مباشرة بعد التعتيم الإعلامي الذي كانت تمارسه الحكومات وحملات الرقابة المنظم ضد الصحفيين وحريتهم. كما ترون، فقد تحدث الناس كثيرًا عن ثورة الاتصالات في زمننا، وعن محاسنها، وبدأوا يتحدثون عن مساوئها وسلبياتها (الأخيرة على أهل القرار في العالم) فمن ويكيليكس وانت رايح!. وفي أوائل تسعينيات القرن الماضى، وتحديداً في أزمة الكويت وحرب تحرير الكويت سمعنا من أكاذيب السياسة ما يجعل الصخر ينطق من هولها. لكن امتداد الثورة (قصدي ثورة الاتصالات وكثرة المصادر والقدرة على الاطلاع) خففت من غلواء ذلك الكذب الذي خيّم على بني البشر وجعل الناس لا يقفون حائرين أمام خطبة أو مؤتمر أو خبر. جعلهم يستطيعون القول: كذاب في عينك..!، لأن المستند الفلاني واضح للعيان، فأحسن لك توفّر الكذبة. ووجدتُ بعض الروابط والكتابات التي ادعت أن شرقنا حذا في السنين الأخيرة حذو الطريقة الأمريكية في قيادة الجماهير وتوجيه الرأي العام عن طريق امتلاك وسائل الإعلام والسيطرة عليها، شأنها شأن أشكال الملكية الأخرى، متاحٌ لمن يملكون رأس المال. والنتيجة الحتمية لذلك هي أن تُصبح محطات الإذاعة، وشبكات التلفزيون والصحف، والمجلات، وصناعة السينما، ودور النشر مملوكةً جميعاً لمجموعة من المؤسسات المشتركة والتكتلات الإعلامية. وهكذا يصبح الجهاز الإعلامي جاهزاً تماماً للاضطلاع بدور فعال وحاسم في العملية التضليلية. إن غالبية الأشخاص الذين يتصفون بالكذب يفضلون إخفاء الحقائق أو الأخبار عن أحداث غير الواقعية دون حذف في كثير من الأحيان حتى لو تسبب ذلك في عواقب وخيمة، وكثير منهم يشكو من ذلك ولا يمكنه التوقف عن الكذب.