×
محافظة المنطقة الشرقية

مدخل ثمالة يحصد أرواح الأبرياء

صورة الخبر

المنظمات النسائية الجديدة حقيقة لا تنكر وتدعو إلى الترحيب والاستحسان، ونحن في «اللحية» لا نخلص من إنشاء منظمات جديدة إلى القول بنــــسوية جديدة، على خلاف الفكرة الشائعة في الإعلام، بل نصرّ على اتصال حركتنا بالحركة النسوية واستمرارنا على برنامجها ومنهاج عملها. تقوم طريقتنا على مهاجمة الاجتماعات والجمعيات العمومية والمحاضرات ودوائر السلطة التي يحتكرها الرجال، ونحن نعلّق على وجوهنا لحى مستعارة، فنجبر المجتمعين والمنتدين على تعليق مداولاتهم. واللحية هي شارة ذكورية بامتياز، ووسيلتنا للتستر على أنوثتنا وحَمْلِ الرجال المجتمعين والمختلِين بأمثالهم على حدة من النساء، على الانتباه إلى خلواتهم هذه واستبعادهم النساء من دوائر السلطة. تضرب هذه الأفعال على وتر السخرية، فنحن نقرأ بيانات تهنئ الرجال على خلواتهم واعتزالهم، وعلى محافظتهم على امتيازاتهم، وتحـــذرهم من مـــغبة اقتحام النسوة حلقاتهم الضيقة وقوقعاتهم، فرغبنا منذ أعمالنا الأولى، بانتهاج طريقة شبيهة بالمناوشات، أو الاشتباكات العسكرية «الخفيفة» و «السريعة». وأقصى أمانينا أن يكون في مقدور أي امرأة، في أي مكان، التقنع بلحية والوقوف في محفل ذكوري احتجاجاً وتنديداً من غير أن تتكلم. والحق أن الأمر قد لا يكون بهذا اليسر على الدوام، وعلى الخصوص في إطار مهني وداخلي، وقد يعرِّض مَن تقوم به لمضايقات تحول بينها وبين المبادرة إليه. والمبادرة على هذه الطريقة أثارت حماسة أناس كثيرين، ورأت مثيرات من النساء في تنديدنا بطغيان الحضور الذكوري والأبيض والمسن على رأس منظماتهن وإداراتهن، تنفيساً وتطهيراً (مسرحياً). وتوسَّلْنا بالقناع الساخر صبْغَ العمل باللعب والطرفة، وحمْلَ الغضب الذكوري على محمل الإفراط المضحك في التزمت والجد. والسخرية التي تغلب على مبادراتنا وأفعالنا -حيث إلى تعليقنا اللحية نستعمل في بياناتنا لغة فائفة البلاغة والفخامة- دعت ربما بعض الإعلاميين إلى إدخالنا في باب «الحركات النسوية الجديدة»، وهم يغمزون من الحركة النسوية المعروفة وينسبونها ضمناً إلى الجد والصرامة، ويرون أننا نتمتع بالظرف والجاذبية العاطفية، وعلى هذا من اليسير «تسويقنا». وعلى خلاف الإعلاميين وغاياتهم، لم يكن قصدنا التقرب إلى الجمهور ولا الظرف والتدليس على «المشاهدين»، بل أردنا كسر شوكة الرجال الذين نهاجم اجتماعاتهم وخلواتهم، وامتحان وسائل السيطرة والتسلط. ويدعونا هذا إلى اليقظة والانتباه، فنحيل على الدوام إلى اللواتي سبقننا، ولا ندعي لأنفسنا ما ابتكرنه وكن هن الدليل إليه، فنحن نرفض الانقطاع الذي يفرض علينا.   * ناشطة في جماعة العمل النسائي «اللحية»، عن «إسبري» الفرنسية، 10/2013، اعداد منال نحاس