اندلعت مجددا بين تونس والجزائر زوبعة إعلامية سياسية بسبب توجيه وسائل إعلام جزائرية مقربة من السلطات اتهامات لتونس بإقامة نواة قواعد عسكرية أميركية في محافظاتها الغربية والجنوبية، في خطوة وصفتها المصادر الجزائرية بـالعدائية، وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الخميس ( 25 يونيو / حزيران 2015). وأعلنت نفس المصادر عن قرار جزائري بعدم تعيين سفير جديد في تونس احتجاجا على التقارب العسكري الأمني الفجائي بين تونس والولايات المتحدة من جهة والحلف الأطلسي من جهة ثانية، على حساب التنسيق التونسي الجزائري الاستراتيجي. وتأتي هذه الأزمة، في وقت تراهن فيه تونس، ذات الإمكانات العسكرية المحدودة، على دعم جارتها الغربية وهي تواجه تحديات أمنية بالجملة داخليا وخارجيا، بينها استفحال الإرهاب والتهريب، ومضاعفات عدم الاستقرار في جارتها الجنوبية الشرقية ليبيا التي صدّرت لها إلى حد الآن نحو ثلث سكانها. وعلى الرغم من بلاغات التكذيب حول إنشاء قاعدة أميركية بتونس الصادرة عن السفير الأميركي بتونس جاكوب والش ومجموعة من كبار الساسة التونسيين، بينهم خميس الجهيناوي المستشار الدبلوماسي للرئيس قائد السبسي، فإن عدة وسائل إعلام جزائرية قريبة من السلطة، تتابع حملتها ضد تونس، مثل جريدة الشروق، التي توجه الاتهامات نفسها لتونس مع نشر تقارير وخرائط وحجج وقرائن عن القواعد العسكرية الأميركية والأطلسية في تونس والتي قيل إنها تستهدف الجزائر وليبيا. وحسب نفس المصادر الجزائرية فإن الأمر يتعلق بقواعد عسكرية أو مشاريع قواعد وضعت نواتها في محافظة مدنين جنوبا، المجاورة للحدود التونسية الليبية والجزائرية من جهة الصحراء، إلى جانب محافظتي القصرين وجندوبة في الوسط والشمال الغربي لتونس حيث الجبال التي تشهد مواجهات منذ 4 أعوام بين الإرهابيين وقوات الجيش والأمن التونسيين. وذهبت نفس المصادر إلى تقديم تفاصيل أكثر فتحدثت عن تركيز عدد من النقاط العسكرية التي أقامتها الولايات المتحدة والحلف الأطلسي وقوات أفريكوم الأميركية التي تتخذ من شتوتغارت الألمانية مقرا لها. ومن بين النقاط العسكرية الأطلسية الذي ذكرت البوابات الحدودية التونسية الليبية، في بن قردان راس الجدير والذهيبة، وأخرى في منطقة طبرقة السياحية في أقصى الشمال التونسي على الحدود مع الجزائر، إلى جانب محافظة القصرين حيث جبال الشعانبي معقل الإرهابيين والمهربين. لكن الرئاسة والحكومية التونسيتين نفت هذه المزاعم مرارا وذكرت بأنه سبق الترويج لها مرارا خلال الأعوام الماضية مع نشر خرائط وصور افتراضية لا أساس لها من الصحة. وقد توجه الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسي وعدد من مبعوثي الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الجزائر لطمأنة الجانب الجزائري ودعوته إلى الوقوف مع تونس في هذه المرحلة الدقيقة من حربها ضد الإرهاب والتهريب. واستعانت تونس بالسفير الأميركي وعدد من القادة الأميركيين والغربيين لتفنيد وجود اتفاق يمهد لدخول تونس إلى الحلف الأطلسي أو يحول جانبا من أراضيها إلى رقعة تحركات عسكرية معادية للجزائر أو ليبيا أو أي دولة أخرى. وفي تونس ذاتها انتقد بعض السياسيين المحسوبين على التيارات العروبية والقومية والإسلامية المتشددة مثل أحمد الكحلاوي ورضا بالحاج وزهير المغزاوي ما وصفوه بـتوريط، تونس في عضوية مجانية للحلف الأطلسي في أعقاب مذكرة التفاهم التي وقعها في واشنطن فى شهر مايو (أيار) الماضي وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الوزير المستشار السياسي لقائد السبسي والأمين العام للحزب الحاكم الجديد محسن مرزوق. وقد نصت تلك المذكرة على منح تونس صفة الحليف المميز غير العضو في منظمة الحلف الأطلسي. ورغم محاولات عدد كبير من الدبلوماسيين والرسميين التونسيين وبينهم الرئيس الباجي قائد السبسي نفسه امتصاص الغضب من معارضي هذه المذكرة، فقد تعالت الأصوات في تونس والجزائر وليبيا المحذرة من أن تكون مدخلا لمنح القوات الأميركية والأطلسية صلاحيات استثنائية في تونس وخصوصا في المحافظات الحدودية مع الجزائر وليبيا. وفي الجزائر وتونس أدلى المستشار الدبلوماسي لرئيس الجمهورية التونسي خميس الجهيناوي بتصريحات أورد أنها رسالة مفتوحة للجزائر والجزائريين فحواها أن تونس لم ولن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ولا تتهيأ لذلك. وأورد الجهيناوي أن ما تم الإعلان عنه من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله بواشنطن يوم 20 مايو الماضي رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي هو قرار أميركي - تونسي ثنائي ليس له أي علاقة بحلف الناتو وأن الصفة التي أسندتها الولايات المتحدة لتونس هي حليف أساسي خارج حلف شمال الأطلسي. من جهة أخرى صرح الناطق الرسمي السابق لوزارة الدفاع التونسية العميد مختار بن نصر ورئيس مركز تونس للأمن الشامل، أن صفة الحليف غير العضو في الناتو، ستمكن تونس من شراء أسلحة كانت ممنوعة منها سابقا مثل مقاتلات إف 16 إلى جانب الاستفادة من تدريبات متطورة مع الجيش الأميركي.