تتصاعد البنية الدرامية لمسلسل «7»، الذي يعرض على قناة روتانا خليجية خلال شهر رمضان، والذي تحظى حلقاته بالمتابعة والاهتمام كون العمل الدرامي يجسّد إحدى روايات الراحل غازي القصيبي، التي تحمل نفس الاسم وسيناريو وحوار هوزان عكّو فيما يخرجه السعودي عامر الحمود، الذي أعاد إلى ذهن المتابع العربي وشاشته سيرة الكاتب الراحل. ويجسّد هذا المسلسل واقع رواية «7»، التي تتحدث عن قصة صحفية تخطط لمحاورة سبعة ضيوف انتقتهم بعناية شديدة بحيث يمثلون سبعة أنماط معروفة للفساد في العالم العربي، مثل أنور مختارجي والفلكي بصراوي علوان بمن فيهم أيضًا الشاعر والفيلسوف والصحفي والطبيب والفلكي ورجل السياسة، وهؤلاء هم أبطال الرواية والذين يصوّرهم هذا العمل الدرامي، حيث يسقط هؤلاء جميعًا في امتحان الرجولة كما سيظهر في الحلقات المقبلة للعمل، وتكون نهايتهم المضحكة المبكية التي رسمها القصيبي لهم في نهاية الرواية: «أوضح تقرير الطبيب الشرعي أن الرجال السبعة ماتوا غرقًا، وقد تبيّن من التحليل أنهم تعاطوا كميات كبيرة من المخدرات والكحول. أما المرأة، التي وجدت على الشاطئ، فلم يتضح للطبيب الشرعي بعد سبب موتها، ولم يعثر في دمها على أي آثار لمخدرات أو كحول ولم تظهر بجسمها أي إصابات». ويشارك في بطولة المسلسل نخبة من نجوم الدراما العربية، يتقدمهم الثنائي السعودي محمد الطويان وراشد الشمراني، إلى جانب فادي إبراهيم وميلاد يوسف وجيني إسبر وتيسير إدريس ومجدي مشموشي وباسم قهّار وغيرهم. وسبق هذه التجربة الدرامية عدد من التجارب، التي اتجهت لروايات القصيبي وتحويلها إلى أعمال تلفزيونية، حيث قدمت روايته «أبو شلاخ البرمائي» كمسلسل تلفزيوني مقتبس من الرواية، عُرضت عام 2006 بشكل يومي في التلفزيون السعودي على القناة الأولى، من بطولة الممثل فايز المالكي وحققت نجاحًا مهمًا بحسب المتابعين لعل من أولهم كاتب العمل، الذي شاهد المسلسل، ولا يدرى هل سيرضى اليوم عن هذا العمل الجديد «7»، أم غير ذلك. ويبقى الجدل مع كل عمل في هذا الإطار، حيث يرى البعض أن تحويل العمل الروائي إلى التلفزيون أو إلى السينما يُضعفه ويخل بالعمل الأصلي على حساب تقنيات العمل الدرامي أو الكوميدي في التلفزيون، إلا أن آخرين يرون ضرورة إنتاج مثل هذه الأعمال، التي تضيف إلى العمل الأصلي وتمنحه صورًا متعددة من حيث الانتشار والمشاهدة والمتابعة، فيلجأ التلفزيون إلى نقل بعض الروايات العربية التي اشتهرت بين القراء، وأصبحت من الممتع مشاهدتها على الشاشة التلفزيونية، لأن رواية ما يمكن قراءتها في ساعتين، ستشاهد في عمل يمتد على ثلاثين حلقة، فحين يتصدّى العمل التلفزيوني لعمل أدبي يمتد على ثلاثمائة صفحة أو أكثر، فنحن لا نعرف بعد ذلك مدى رضا الكاتب نفسه عن السيناريو المكتوب من قبل أن يصور ومن بعد أن يصور، ولطالما شهد مثل هذا التعاون نزاعات إثر تحويل هذه الرواية أو تلك إلى عمل قد يحاكيها على مدى ساعات وحلقات متعددة. وبحسب الكاتب عبدالرحمن الجوهري، فإن الزواج بين الدراما والرواية نافع للطرفين، فالرواية تعطي الدراما أبعادًا فكرية مميزة وتكسوها شرعية إبداعية وتعطيها عمقًا أدبيًا وقد تساعد في تفتيت فكرة أنها من (سقط المتاع) الفكري، والدراما تقرّب الرواية من المشاهدين الذين باتوا في الوقت الراهن أبعد ما يكونون عن القراءة الدائمة والمجدية، ويضيف بأن نقل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي ليس أمرًا طارئًا في هذا المجال وبين عام وآخر نرى رواية حققت حضورًا مميزًا في المشهد الثقافي العربي، وقد أصبحت مسلسلا تلفزيونيًا يتابعه ملايين العرب ولعل رواية «ذاكرة الجسد» للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي إحدى ثمرات هذا التعاون بين الرواية والدراما. ويرى الكاتب عبدالعزيز البرتاوي أن سخرية الراحل غازي القصيبي المعهودة ولغته المتينة تتجسّد من خلال هذا العمل الروائي، الذي قدمه للساحة واستطاع من خلاله أن يرسم لنا صورة ساخرة عن واقعنا المرير، فهو يأخذ القارئ في رحلة وهمية إلى جزيرة «ميدوسا» الأسطورية النائية مع صفوة من أبناء الأمة العربستانية المنتشرين هنا وهناك والمنغمسين في ترهاتهم وتفاهاتهم حتى العظم، مضيفًا أن عربستان في الرواية هي كل دولة عربية ولا تعني أي دولة عربية، ومع هؤلاء الـ»سبعة» يواصل القصيبي مهمته في التحريض على النهوض من الغفوة، ويقودنا كي نتساءل مع أنفسنا إلى أي مدى يمكن أن يفرز الواقع شخصيات مثل شخصيات القصيبي وهم حقيقة ليسوا من نسج الخيال بل هم نحن بكل نزقنا وسطحيتنا.