وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسائل قوية في كلمة ألقاها خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي أمس، مؤكداً أن بلاده «خرجت أقوى من السابق» في مواجهة العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب أزمة أوكرانيا، وأنها لن تتراجع عن مطلب إنشاء علاقات متكافئة مع الغرب تحترم مصالح بلاده. وأكد الرئيس الروسي استمرار تأييد موسكو الرئيس السوري بشار الأسد، واعتبار أن إطاحته بالقوة ستؤدي الى انزلاق البلد الذي تمزقه الحرب إلى مزيد من الفوضى. وقال: «موسكو مستعدة للعمل مع الرئيس الأسد للسير على طريق الإصلاح السياسي، ومنح السوريين فرصة الوصول إلى أدوات السلطة، من أجل إنهاء المواجهة العسكرية. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه عبر تدخل خارجي باستخدام القوة». كما أمل في أن تتوصل إيران والقوى الكبرى قريباً إلى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي لطهران. وطالب الرئيس الروسي الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة، بممارسة ضغوط على كييف للمساعدة في حل أزمة شرق أوكرانيا الانفصالي، في مقابل ممارسة موسكو نفوذها على الانفصاليين لإيجاد تسوية، وضمان التنفيذ الكامل لاتفاق «مينسك 2» للسلام الذي أبرم في شباط (فبراير) الماضي. وقال بوتين أمام حوالى 1600 مشارك في أعمال المنتدى الاقتصادي الذي تصفه موسكو بأنه «دافوس روسي»، نسبة إلى المنتدى الاقتصادي الدولي في سويسرا: «إذا كنا نسلح الانفصاليين نعِد بعدم وجود أسلحة في شرق أوكرانيا بمجرد اتخاذ قرارات سياسية». وفي موقف أكثر ثقة من مواجهة الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على روسيا والتحركات العسكرية الغربية حولها، قال بوتين: «نجحنا في مواجهة العقوبات الغربية بمزيد من الانفتاح والحرية الاقتصادية، وليس بالانغلاق، وأسقطنا التكهنات في شأن تعرضنا إلى أزمة اقتصادية عميقة. والأكيد أن خريطة الاقتصاد العالمي تتغير بسرعة، ولا يجب تجاهل أن ربع الاقتصاد العالمي يتركز حالياً في شرق آسيا والمحيط الهادئ» في إشارة إلى الفضاء الحليف لروسيا ضمن منظمة شنغهاي للتعاون. وأعلن بوتين أن موسكو ستنفق نحو 2.5 بليون روبل (500 مليون دولار) لتحسين النظام المالي، و «الموزانة الروسية مستقرة والنظام المالي والمصرفي تأقلم مع الظروف الجديدة. لم نتخذ أي إجراء لتقييد حركة رؤوس الأموال بروسيا في ظل الأزمة». وشدد الرئيس الروسي على أن موسكو «ستواصل النمو والدخول إلى أسواق جديدة، وستسعى للتعاون مع الجميع على أساس المساواة والاحترام المتبادل، والمهمة المستقبلية هي تأمين نمو مستدام وجذب الاستثمارات». وغداة توقيع مجموعة «غازبروم» الروسية مذكرة تفاهم مع شركات «شل» و «إي-أون» و «أو أم في» لبناء أنبوب جديد للغاز من روسيا تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا بطاقة 55 بليون متر مكعب سنوياً، وقع وزير الطاقة اليوناني بانايوتيس لافازانيس ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك، اتفاق إطار لتأسيس شركة يملكها البلدان مناصفة لبناء خط أنابيب غاز يمر عبر اليونان بتمويل روسي. وقدّر نوفاك إجمالي حجم ضخ الغاز عبر الأنبوب بنحو 47 بليون متر مكعب. وكانت موسكو ردت هذا الأسبوع على إعلان الحلف الأطلسي (ناتو) خططاً لنشر قوات وآليات ثقيلة على الحدود الروسية مع بلدان حوض البلطيق وبعض البلدان في أوروبا الشرقية، بالتلويح بـ «رد حاسم لا سقف له» إذا تعرض أمنها لخطر.