×
محافظة المنطقة الشرقية

الجيش الحر يحرز تقدماً ويصد العديد من هجمات الجيش الأسدي الائتلاف الوطني السوري يريد دعم مقاتلي المعارضة لمحادثات جنيف

صورة الخبر

نتحدث عن الاقتصاد السعودي بشكل دائم ونحاول أن نتفاءل دائماً بأننا نملك اقتصاداً قوياً وقابلاً للنمو والتطور في المستقبل، ونحن كذلك ويحق لنا أن نتفاءل، فالامكانات موجودة والفرص سانحة ولا يوجد ما يمنع هذا النمو, فالأمر يتطلب عملاً دؤوباً وإخلاصاً ورؤية واضحة. المشكلة من وجهة نظري تكمن دائماً في غياب الرؤية أو تشتتها بالاضافة إلى ضعف المواطنة والإخلاص, الأمر الذي يعيدنا دائماً إلى دوامة الدوران في حلقة مفرغة من تكرار الأخطاء. أذكر قبل سنوات أني حضرت محاضرة لرئيس وزراء ماليزيا السابق "مهاتير محمد" الذي قال إنه قبل عشرين سنة كان الدخل القومي لماليزيا أقل من المملكة وكنا نطلب المساعدات من الآخرين، واليوم يفوق دخلنا دخل المملكة، ونحن لانملك موارد طبيعية بل ركزنا على الانسان وقمنا ببنائه وتطويره لأنه الثروة الاقتصادية المستدامة. عندما نضع خطة فيجب أن تعمل كل قطاعات الدولة على تنفيذها لأنه يفترض أن تكون هذه الخطة مبنية على رؤية واضحة ومحطة نريد أن نصل إليها وليست مجرد «خطة ردود فعل» خلال اليومين الأخيرين كنت مع الصديق المهندس حمد الشقاوي رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين في العاصمة التركية أنقرة للمشاركة في لجنة سعودية تركية مشتركة، وكنت أتحدث معه حول ما يجب علينا عمله من أجل بناء اقتصاد وطني قوي لا يقوم على النفط، فقال لي نحن بحاجة إلى الإخلاص والمواطنة الصادقة وحكى لي حكاية تقول إن الصينيين كانوا يعانون من كثرة الغزاة لبلادهم فقرروا بناء سور الصين العظيم، لكن تم غزو الصين ثلاث مرات خلال مئة عام بعد بناء السور ولم يكن ذلك نتيجة ضعف السور أو سهولة اختراقه بل لأن الغزاة كانوا يرشون الحراس فيفتحون لهم الأبواب. نحن بحاجة إلى بناء الإنسان قبل العمران، وإذا كانت هناك مشاريع متعثرة فلأن بناء الإنسان في بلادنا شبه متعثر. دعونا نتكلم عن التجربة التركية في النمو الاقتصادي، فهذه الدولة قبل سنوات كانت تصدر لنا العمالة وربما مازالت، لكنها حققت نمواً اقتصادياً مذهلاً خلال العشرين سنة الأخيرة فأصبحت في المرتبة السادسة على المستوى الأوروبي والسابعة عشرة على المستوى العالمي من الناحية الاقتصادية، كما أنها تعتبر الدولة الثانية في قطاع المقاولات بعد الصين. لقد بدأت تركيا في تطوير هذا القطاع منذ عام 1972م واليوم هي تجني ثمار هذا التخطيط والعمل الدؤوب. عندما اجتمعنا بالفريق التركي كانوا يتحدثون عن تركيا عام 2023م أي بعد عشر سنوات وهم يهدفون أن يكون الدخل القومي في ذلك الوقت "ترليون" دولار، وجميع خطط التنمية البشرية والعمرانية موجهة لتحقيق هذا الهدف. كل دولة لابد أن تكون متميزة في مجالات محددة حتى تستطيع أن تدخل في التنافس العالمي، والنمو الاقتصادي يعتمد على التصدير، ولكن ليس فقط تصدير المواد الطبيعية الخام وتركيا تعتزم أن تكون صادراتها حوالي 500 مليار دولار خلال السنوات القادمة. المشكلة التي نعاني منها حتى اليوم هي ماذا نريد أن نحقق خلال العشر سنوات القادمة، ماهي رؤيتنا عام 2030 أي بعد 17 سنة، قد يقول البعض أن لدينا الخطط الخمسية، ونحن أول من فكر في التخطيط في المنطقة وقد بدأنا منذ العام 1970 بوضع خطط للدولة، وهذا صحيح، لكن لم يكن هناك التزام بهذه الخطط، كما أن الخطط نفسها لم تكن تؤدي إلى تعزيز "التخصصية الاقتصادية" ولم تركز على الطاقات البشرية الهائلة التي نملكها. عندما نضع خطة فيجب أن تعمل كل قطاعات الدولة على تنفيذها لأنه يفترض أن تكون هذه الخطة مبنية على رؤية واضحة ومحطة نريد أن نصل إليها وليست مجرد "خطة ردود فعل"، كما يجب أن يكون هناك "قياس" يحدد مدى نجاحنا في تنفيذ الخطة. لقد حاولت على المستوى الشخصي أن أتبين ماذا كانت تريد أن تحقق الخطط الخمسية وأي صورة كانت تريد أن تكون عليها المملكة فلم أستطع تبين هذه الصورة. وما يزيد الطين بلة أن الخطط تحدد بعض التوجهات وتؤكد على إمكانية بروز مشاكل مستقبلية إذا لم نتخذ خطوات تصحيحية، ومع ذلك لم نقم بعمل شيء، مشكلة البطالة ومشكلة نقص المقاعد في الجامعات والنقص في عدد الأطباء والمهندسين وغيرها من القضايا التي ترتبط بالتنمية البشرية، والتي أشارت لها خطط التنمية بشكل أو بآخر ولم نتوقف عندها أبداً إلا بعد أن تفاقمت. أذكر قبل عشر سنوات كان هناك حديث ساخن حول التعليم، وكان محور الحديث هو ماذا نريد من جامعاتنا وماذا نريد أن تكون عليه المملكة خلال العشر سنوات القادمة، وطبعاً مرت العشر سنوات ولم نستطع الإجابة على هذا السؤال حتى الآن. وكنت مؤمناً وما زلت أن التعليم هو الذي يصنع الشخصية الاقتصادية والثقافية لأي بلد، وكنت أفكر في لماذا لا نوجه التعليم العالي لدينا لخدمة المحركات الأساسية لاقتصادنا، فلا يعقل مثلا أن لنا حوالي 80 عاماً في صناعة النفط ومازلنا نستورد تقنيات الحفر والأنابيب من دول ليس لديها نفط مثل الهند والأرجنتين. ولا يعقل أن يكون لدينا كل هذه الصحراء ولم نستطع حتى الآن تطوير صناعة للزجاج. ارتباط التعليم بالصناعة يعني "تصديراً" ويعني نمواً اقتصادياً يرتكز على الإنسان لا الموارد الطبيعية. الذي تغير خلال العشر سنوات الأخيرة هو ظهور ما يسمى بالمتنزهات العلمية في بعض الجامعات مثل وادي الرياض للتقنية في جامعة الملك سعود ووادي الظهران للتقنية في جامعة الملك فهد، ولكن للأسف هذه الأودية التقنية لم تصل ولن تصل إلى مستوى وادي السيلكون في مومباي في الهند لأن تطوير التعليم يجب أن يكون مرتبطاً برؤية واضحة للتطوير الاقتصادي وبالهوية الصناعية والاقتصادية التي نريدها للمملكة وهذا غير متوفر في الوقت الحالي. مازلت مؤمناً بأن مستقبلنا سيكون أفضل، ومازلت أرى أن لدينا مقومات التصحيح والاستفادة من الإمكانات الهائلة التي أنعم الله بها علينا. ما زلت مؤمناً بأبناء هذه البلاد المخلصين الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه الأجيال القادمة التي يجب أن تعيش في رفاهية على أرض هذه البلاد. وما زلت أرى أننا نستطيع أن نحقق نجاحات اقتصادية هائلة، فقط نريد أن نضع لنا هدفاً للعشر سنوات القادمة نعمل جميعنا على تحقيقه بأمانة وإخلاص.