الدمام أسامة المصري قادة التنظيم يمتهنون تهريب النفط والبضائع. سرقوا متحف المدينة وأحرقوا كنائسها. النظام يشتري النفط من القاعدة ويتجاهل قصف مقراتها. التنظيم يحاول اختراق العشائر بتنصيب زعماء جدد ويؤجر الحواجز لحلفائه. يسيطر تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية «داعش» على مدينة الرقة السورية منذ ما يقارب الستة أشهر، حيث عمت الفوضى وانتشر السلاح والقتل وباتت محكومة بشريعة الغاب بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وأوضح ناشط من المدينة لـ «الشرق» أن هذا التنظيم الذي أحكم قبضته على المدينة بشكل مطلق استقطب كل أصحاب السوابق من السوريين ومن أبناء المدينة وجعل منهم أمراء يتحكمون برقاب السكان ويسلبونهم ملكياتهم، دون أي وجه حق عبر وسيلة أطلق عليها «التكبير»، وذلك بقولهم «الله أكبر» أمام أي منزل أو محل تجاري أو حتى قطعة من الأرض لتصبح ملكا لهؤلاء الأمراء وتابعيهم، مشيرا إلى انتشار عبودية من نوع جديد تتلخص بعمل أصحاب هذه المحلات المصادرة مقابل قوت يومهم فيما يأخذ الأرباح هؤلاء الحكام الجدد، وأضاف أن هذا التنظيم بدأ يتبع طريقة تأجير الطرق والحواجز لفصائل وأبناء عشائر من المنطقة لفرض الخاوات والإتاوات على السيارات والمارة والسكان. الصمت أو الموت وحول الأوضاع الأمنية في المدينة أكد الناشط أنها في غاية الخطورة في ظل انتشار السلاح على نطاق واسع وسهولة الحصول عليه من المحلات التي تتكاثر، ويمكن لأي شخص أن يشتري حزاما ناسفا أو بندقية رشاش أو قنابل وما شابه ذلك، منوها أن جميع حقوق الناس باتت مهدورة بما فيها حق الحياة فالإعدامات والقتل العشوائي والانتقامات باتت أمرا عاديا في هذه المدينة. مضيفا أنه لم يعد أمام سكان الرقة سوى خيارين أحلاهما مر، إما الصمت والامتثال لرغبات التنظيم، أو الخروج عن الطاعة والموت بطريقة ما. التجارة والتهريب وذكر الناشط أن قادة هذا التنظيم وغالبيتهم من العرب والأجانب يجنون أموالا طائلة من النفط بعد أن نهبوا أموال المصرف المركزي، إضافة إلى التجارة والتهريب من وإلى تركيا، وأشار إلى أن زعماء هذا التنظيم يبيعون كل شيء يقع تحت أيديهم حتى أسيجة الحدائق وحاويات القمامة قد بيعت، كما نهبوا كل أبنية ومؤسسات الدولة وباعوا محتوياتها، وسرقوا محتويات المتحف الوطني في المدينة ونهبوا وأحرقوا جميع الكنائس فيها. النفط مقابل المال ونقل الناشط عن أحد الأمراء السابقين من السوريين الذي انفصل عن تنظيم «داعش» ويعيش حاليا في تركيا أن عديدا من زعامات هذا التنظيم قدموا من العراق وبعضهم من السجناء الذين أطلقهم نوري المالكي ليتوجهوا إلى سوريا بالاتفاق مع نظام الأسد، وأكد أن النظام يقدم لهم الأموال بالعملة المحلية مقابل ضمان استمرار تدفق النفط له، كما يزود النظام «داعش» بأسماء ناشطين ويقوم التنيظم باعتقالهم وتصفيتهم، ويؤكد الأمير السابق أن بعضا من الناشطين سلموا إلى مخابرات الأسد وتمت تصفيتهم في سجونه. عملية مسرحية وأوضح الناشط أن النظام سلم المدينة لـ «داعش» بعملية مسرحية ليس أكثر، مؤكدا أن النظام لا يستهدف أيّا من مقرات التنظيم المعروفة لقوات الأسد كمبنى المحافظة ومنزل المحافظ وقصر الضيافة وجميعها ترفرف فوقها أعلام القاعدة وفوق ساريات عالية وواضحة للعيان، لكن طيلة هذه الشهور لم تطلق قذيفة واحدة على مقرات هذا التنظيم، بينما تستهدف طائرات الأسد بشكل شبه يومي أحياء المدينة. مدينة استراتيجية وحول سبب اختيار النظام لهذه المدينة وتسليمها لـ «داعش» عزا الناشط ذلك إلى أن هذه المدينة الصغيرة لها أهمية عسكرية استراتيجية في عزل الشرق السوري عن محافظة حلب التي يسيطر عليها الثوار، كما أنها قريبة من الحدود مع تركيا، إضافة إلى أن هذه المدينة بقيت هادئة ولم تشارك في الثورة ما جعلها ملاذا آمنا لمعظم النازحين من مناطق أخرى وخاصة مدينة حمص ذات الخصوصية بالنسبة للنظام، وبعد احتلال الرقة من قبل «داعش» غادرها معظم النازحين من أبناء حمص وغيرهم والذين يبلغون حوالي نصف مليون إلى خارج البلاد في نزوح آخر. قوانين جديدة وأشار الناشط أن التنظيم يريد إفراغ المدينة من سكانها عبر فرض قوانين جديدة تحكم حياة السكان تتعلق بالملبس والمظهر والتعليم وفرض قوانين جديدة، إضافة إلى حرمان المرأة من جميع الحقوق وهذا ما لم يعتد عليه السوريون طيلة حياتهم، كما أنهم يضيّقون على السكان بفرض بعض أنواع الضرائب والمخالفات التي تدفع في الحال لرجال «داعش» كالمخالفات المرورية التي تفرض على المواطنين دون قوانين وحتى دون الإعلان عنها، وانما تفرض بمزاجية رجالهم، وأشار إلى أن «داعش» تهدد الأطباء وتعتقلهم وعديد منهم تعرضوا للتهجير والقتل لإفراغ المدنية من الكادر الطبي. وأكد أن الوضع الصحي بات كارثيا في المدينة مع تناقص عدد الأطباء والمشافي حيث لا يوجد سوى المشفى الوطني يعمل بطاقة محدودة. اختراق العشائر واختتم الناشط أن التنظيم يقوم الآن باختراق العشائر العربية المحيطة في مدينة الرقة عبر تنصيب زعامات جديدة لها معظمهم من الأشخاص الهامشيين وأصحاب السوابق، ويجري تسليحهم ومدهم بالرجال لفرض واقع جديد على هذه العشائر وضمان موالاتها لـ «داعش» في محاولة لبناء حاضن شعبي لها واعتبر أنها حققت بعض النجاحات في هذا المجال.