أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان «وجوب تصويب خياراتنا السياسية على أساس إعلان بعبدا، ما يجب أن يؤدي إلى إعادة علاقاتنا الدولية إلى سابق عهدها واستعادة تدفق الاستثمارات والسياح»، مشدداً على ضرورة «وضع حد للفساد والتعطيل الإداري والدستوري، وتجميع عناصر القوة والقدرات الوطنية في استراتيجية وطنية واحدة للدفاع عن لبنان ومنع خروق العدو بكل أشكالها، لا سيما منها أعمال التجسس التي يقوم بها، وعدم توفير الذرائع لتنامي البيئات الحاضنة للإرهاب والتكفير ولا تورط لبنان في لعبة الأمم وصراعاتها». وأكد سليمان خلال ترؤسه حفلة إطلاق «خطة العمل الوطنية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الاطفال في لبنان بحلول عام 2016» في بعبدا أمس في حضور عدد من الوزراء والسفير الالماني كريستيان كالاج الذي تموّل بلاده الخطة، وشخصيات نيابية وديبلوماسية ودينية واجتماعية أن «أولادنا يريدون العيش الهادئ في بيئة تحميهم من ظلمها، وأسرة تحضنهم وتجنبهم عنفها الأسري، ومدرسة تلقنهم مبادئ الأخلاق الحميدة كما يريدون منع القنص على ملاعبهم الضيقة وأسرتهم البالية في شوارع التبانة وجبل محسن، والاقتصاص من الذين زرعوا المتفجرات في طريقهم إلى الضاحية وإلى جامعي التقوى والسلام»، داعياً «المجلس النيابي والوزارات المختصة إلى الإسراع في إقرار المشاريع المتعثرة في الادراج، بينما المواطن ينوء تحت عبء الغلاء والمتطلبات الحياتية». وقال: «لا تفارق مخيلتي المشاهد المؤلمة لباقة من أطفال تلاعبت بمصيرهم أمواج بحر اندونيسيا، ولا تنفك تتدافع في ذاكرتي صور أطفال قضت عليهم يد الإرهاب في شوارع طرابلس والرويس، وعانوا الخوف والإصابات في الصراعات المسلحة، وصور آخرين مشردين في الشوارع يلتمسون إحسان المارة أو يتعاطون أقسى الأعمال وأرذلها وأسوأها الاشتراك في قتال الشوارع». وأضاف: «أطفالنا لا يتطلبون إلا مجتمعاً يديره رؤساء لا يصادرون السلطات ولا يتعسفون في استعمالها، ومؤسسات دستورية مسؤولة تحترم الفصل والتكامل بين السلطات، وقادة يحترمون الدستور وحكم القانون ويضعون في أولوياتهم مصلحة الوطن والمواطنين، وليس مصلحة الآخرين في بلدان أخرى، والرهان على إنتصار هذا المحور أو ذاك في تلك البلدان». وتابع: «أطفالنا يحلمون بوطن يجتمع أبناؤه متعاضدين متكافلين لرفع شأن وطنهم بدل أن يكونوا قطعاناً منقسمين وراء قادتهم حول شعارات سياسية لا تشبع ولا تغني من جوع غير مبالين بما يعانيه الناس من أزمات إجتماعية ومعيشية». وأعلن أن «البرنامج الذي نطلقه اليوم للحد من مخاطر عمل الأطفال هو واحد من سلسلة برامج خططنا لها لمكافحة الآفات التي تغلغلت في السنوات الأخيرة في مجتمعنا الذي يسيطر عليه القلق، وتعيش أكثر أزماته عصية على الحل بعدما تعثر الحوار وبسبب التنكر لما توصل إليه المتحاورون، فعجزت السياسة عن إيجاد الحلول للخروج من حال المراوحة الراهنة»، لافتاً إلى أن الأمر «اشتد سوءاً، بعدما سيطرت الفوضى وعدم الإستقرار في محيطنا العربي، وبعدما اشتد الصراع العالمي بين الشرق والغرب والشمال والجنوب». وأكد أن «مشاكل الأطفال لم تكن يوماً وليدة ذاتها بل كانت نتيجة خياراتنا السياسية»، مشدداً على أن هذه الخيارات «يجب الا تورط لبنان في لعبة الامم وصراعاتها بل تحيده عن التداعيات السلبية لصراعات المحاور والدول». وطالب الطبقة السياسية بـ«تخفيف التشنج وتحييد لبنان عن الأزمات والمحاور، رحمة بأطفال بلادي ومستقبلهم». ودعا المجلس النيابي والوزارات المختصة، الى «الإسراع في إقرار المشاريع المتعثرة في الادراج، بينما المواطن ينوء تحت عبء الغلاء والمتطلبات الحياتية»، مطالباً بـ «إقرار سلسلة الرواتب والقانون المتعلق بالعنف الأسري ومشروع القانون المتعلق بإعفاء المعوقين من رسم جوازات السفر الشخصية، وإستخدام العامل في الخدمة المنزلية». ودعا إلى «استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية لضمان الشيخوخة، والعمل على تطبيق قانون الضمان الاختياري بطريقة أكثر فاعلية مع أفضل ملاءة مالية، تمهيداً لتحقيق مشروع التأمين الصحي الشامل، وإقرار قانون التقاعد، والعمل على تعديل قانون الأحداث بما يتلاءم مع أحكام ومبادئ الإتفاقات الدولية». وقال وزير العمل سليم جريصاتي: «لبنان يمر في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة تركت آثاراً سلبية على سلوك الاطفال، سواء اللبنانيين منهم أم غير اللبنانيين بفعل اللجوء والنزوح، ويعيش عشرات الآلاف من الاطفال أوضاعاً قاسية حتى وصل الامر ببعضهم الى استعمال السلاح في أحداث الشغب والعنف». وأعلن عن «تخصيص منبر للأطفال العاملين في الوزارة حيث يأتي الطفل بمفرده وبمبادرة منه أو بصحبة أي متبن للقضية وشاهد على قساوة عمله، للتعبير عن حسرته، فيلقى أذناً سامعة، ويبادر تفتيش العمل الى تقصي الواقع واتخاذ الاجراءات المناسبة حفاظاً على الطفل والحدث من أي استغلال أو إساءة». محاور خطة مكافحة عمالة الاطفال وخطة وزارة العمل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، تتضمن 11محوراً يؤمل بتنفيذها القضاء على أشكال عمل الأطفال نهاية عام 2016 وهي: التشريع وتطبيق القانون، التعليم الالزامي والمجاني، الادماج في نظام التعليم، الفرص الاقتصادية للأهل والشباب في سن العمل، بناء وتنمية القدرات، إعادة التأهيل، الانتشال، الوقاية، المجتمع المحلي والقادة المجتمعون، السلطات المحلية، ومراكز خدمات التنمية». وأكدت المستشارة الوطنية لمشروع مكافحة عمل الأطفال حياة عسيران لـ«الحياة» أن «تنفيذ الخطة رهن تمويل دولي يقدر بأكثر من 23 مليون دولار». زيارة سليمان الى السعودية من جهة اخرى، اوضح الوزير ناظم الخوري في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» ان زيارة الرئيس سليمان الى المملكة العربية السعودية (متوقعة الاثنين المقبل) هي «للتفاهم وليست لطلب تدخل سعودي في شأن داخلي لبناني عبر المساعدة في تشكيل الحكومة الامر الذي ترفضه السعودية ايضاً». وأكد عضو «جبهة النضال الوطني» النيابية نعمة طعمة ان زيارة سليمان المملكة «تقطع الطريق على الذين ذهبوا بعيداً من خلال قراءتهم الخاطئة لمسار العلاقة التاريخية بين لبنان والمملكة في لبنان والمنطقة وتأتي في وقتها نظراً الى دور السعودية ومكانتها اقليمياً ودولياً في دعمها للبنان على مختلف المستويات».