قال لـ "الاقتصادية" مختصون نفطيون، "إن إنتاج النفط الصخري مرشح للتراجع بشكل أكبر في العام المقبل على الرغم من أن عودة ارتفاع الأسعار إلى الاتجاه التصاعدي قد تكون محفزا لبعض المنتجين"، مشيرين في ذات الوقت إلى أن إنتاج النفط الصخري ما زال مرتفعا رغم توقف قرابة 58 في المائة من الحفارات النفطية في الولايات المتحدة. وأوضح لـ "الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، أن هبوط المخزونات النفطية الأمريكية بشكل حاد مثل دعما كبيرا للأسعار وعكس تناميا واضحا ومتسارعا في الطلب العالمي وعلى الرغم من ارتفاع مستوى الدولار إلا أنه لم ينجح في عرقلة مسيرة نمو وتحسن أسعار النفط الخام في الأسواق. وتوقع جرلاخ أن يتراجع إنتاج النفط الصخري بشكل أكبر في العام المقبل، لكنه ما زال مرتفعاً على الرغم من توقف قرابة 58 في المائة من الحفارات النفطية في الولايات المتحدة، إلا أن ارتفاع الأسعار قد يكون حافزا لبعض منتجي النفط الصخري على استئناف نشاطهم. ويرى جرلاخ أن السعودية تتبنى استراتيجية نفطية متميزة مكنتها من تحقيق عديد من الإنجازات الجيدة في السوق وحافظت من خلال دورها المؤثر في "أوبك" على توازن السوق ونموها، مشيراً إلى تمكن السعودية من زيادة إنتاجها من النفط الخام لتلبية الطلب على نفطها وحفاظا على أسواقها التي حققت فيها نجاحات متواصلة، ولذا ليس غريبا أن يتجاوز إنتاج السعودية 10.33 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي. من جانبه، قال لـ "الاقتصادية"، مارتين جورجييف المختص في قطاع الطاقة البلغاري، "إن ارتفاع الأسعار هو المسار الطبيعي والمتوقع في الأسواق خلال الفترة المقبلة، وهو يؤكد صدق قراءة تطورات السوق من قبل عديد من المؤسسات المالية الدولية التي رفعت توقعاتها لسعر النفط وأيضا من قبل منظمة أوبك التي أكدت في مؤتمرها أخيرا ثقتها باستعادة السوق مستويات سعرية جيدة خلال فترة وجيزة". وأشار جورجييف إلى أن الانخفاض الحاد للمخزونات هو نتاج طبيعي ودلالة قوية على ارتفاع مستويات الطلب العالمي على النفط خاصة من الدول الأكثر استهلاكا للنفط في العالم وهي في معظمها من الدول النامية التي تتسارع فيها حاليا معدلات التنمية وتحتاج إلى استهلاك مزيد من الطاقة التقليدية وهي الطاقة التي أصبحت خلال العام الأخير أقل كثيرا في تكلفتها. وأكد جورجييف أن تخمة المعروض في طريقها إلى التقلص السريع بحسب تقارير "أوبك" الأخيرة، وعلى الرغم من ذلك وصلت صادرات "أوبك" إلى مستويات قياسية ومرشحة للزيادة وهو ما يعني أن احتياجات الطلب تستوعب تلك الزيادة وأن الفجوة بين العرض والطلب في طريقها إلى الزوال تدريجيا. ويقول إيجور ياكوفلف المختص الروسي في الشؤون النفطية، "إن عودة ارتفاع الدولار الأمريكي هذه المرة لم تؤثر في إضعاف أسعار النفط الخام لأنها تزامنت مع تراجع حاد في المخزونات ومؤشرات قوية عن نشاط الطلب خاصة في الصين التي اتخذت عديدا من الإجراءات الفعالة لتحفيز اقتصادها".وأوضح ياكوفلف أن وصول المخزونات إلى أدنى مستوى لها منذ نيسان (أبريل) الماضي يؤكد أنها مرشحة إلى مزيد من الانخفاضات بفعل زيادة الطلب وأن السوق ربما تشهد طفرات سعرية في الأيام المقبلة نتيجة لهذه العوامل. وأشار ياكوفلف إلى وجود تفاهمات قوية حاليا بين روسيا و"أوبك" خاصة مع مشاركة ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي في الندوة الدولية لـ "أوبك" الأسبوع الماضي والمشاركة المتوقعة للمنظمة في ندوة مماثلة للطاقة في موسكو الشهر المقبل. ورأى ياكوفلف أن الاقتصاد الروسي ما زال قويا ويتفاعل بشكل جيد مع متغيرات السوق وينوع الاستثمارات ويعتمد على موارد متعددة للطاقة كما يهتم كثيرا بتطوير الصناعات المرتبطة بالنفط خاصة البتروكيماويات. إلى ذلك، واصل النفط الخام قفزاته السعرية في الأسواق الدولية لليوم الثالث مدعوما بتراجع حاد في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية وتسارع جهود تحفيز الاقتصاد الصيني وهو أحد مصادر الطلب الرئيسية في العالم. وحقق خام برنت قفزات سعرية وسارت على نفس النحو سلة خام أوبك وسط توقعات بمواصلة نمو الأسعار وهو ما راهنت عليه منظمة أوبك وعديد من المختصين والمتابعين للسوق خاصة مع قرب بداية النصف الثاني من العام الجاري. واستقرت أمس أسعار النفط الخام بعدما وازن تقرير متفائل لوكالة الطاقة الدولية توقعات متشائمة للبنك الدولي الذي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي. وبحسب "رويترز"، فقد استقر سعر خام برنت في عقود تموز (يوليو) دون تغيير عند 65.70 دولار للبرميل بينما هبط الخام الأمريكي 20 سنتا إلى 61.23 دولار للبرميل. وذكر متعاملون أن تقارير الأمس قدمت بعض المفاجآت، وقال هاري تشيلين جوريان كبير مختصي استراتيجية أسواق السلع والنفط في بنك "بي إن بي باريبا "، "إن هذا يتماشى مع الرأي القائل إن الاقتصاد العالمي آخذ في التحسن وبحلول نهاية العام ستكون هذه التوقعات أقوى على الأرجح، إذ إن الآثار الإيجابية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط تترجم إلى توقعات اقتصادية أفضل وزيادة في الطلب على النفط". ولامس سعر مزيج برنت 67.77 دولار للبرميل الأسبوع الماضي وهو أعلى مستوى له في 2015 بعدما قررت "أوبك" الإبقاء على سقف إنتاجها الحالي دون تغيير للأشهر الستة المقبلة.