رصدت دراسة حديثة أعدتها غوغل بالتعاون مع مختبر ومضة للأبحاث وصول المحتوى الرقمي العربي على شبكة الإنترنت إلى 3% بنهاية العام الجاري، وتوقعت حصول أكثر من نصف سكان العالم العربي على فرصة الوصول إلى الشبكة العملاقة بحلول 2017 بزيادة 33% عن المسجلة عام 2012. وأشارت الدراسة التي حصلت الخليج على نسخة منها إلى زيادة بنسبة 600% في عدد المستخدمين العرب للإنترنت في الفترة ما بين 2001 وحتى 2013، في الوقت الذي احتلت فيه اللغة العربية المرتبة الرابعة بين اللغات العشر الأكثر استخداماً على الإنترنت. توصلت الدراسة إلى أن نسبة المتحدثين بالعربية على الإنترنت بلغ 36.9%، وفى موازاة ذلك ازداد استخدام منصات التواصل الاجتماعي في المنطقة بشكل ملحوظ، إذ يقدر عدد التغريدات باللغة العربية بنحو 17 مليون تغريدة يومياً، كما كانت اللغة الأسرع نمواً على تويتر خلال عامي 2010، 2011، كما يمتلك نحو 39% من المستخدمين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حسابات على موقع فيس بوك. قدم التقرير في بدايته عدة تعريفات للمقصود بالمحتوى العربي الرقمي وكان أهمها تعريف د. حيدر فريحات مدير التكنولوجيا في قسم التطوير بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا الإسكوا وحدده قائلاً: يشمل المحتوى الرقمي المنشور عبر متصفح الويب، أو منصات الجوال، أو أي شكل من الأشكال الرقمية الأخرى بما في ذلك النصوص، والمواد الصوتية، والرسوم المتحركة، والفيديو، وعرفه أنس العبار من مجموعة الحاوي للتقنية: يشمل المحتوى العربي الرقمي كل أشكال النصوص المكتوبة، والمسموعة والمرئية، وتندرج ضمن فئتين الأولى محتوى يتم إنشاؤه عن طريق المستخدمين من خلال المنتديات، ويعتبر محتوى مؤقتاً ينطوي على عدد قليل من المخططات البيانية من حيث الهيكل، ومن الصعب محاولة معالجة بياناته، والفئة الثانية الأكثر أهمية لأنها تمثل المحتوى الأصلي المتميز الذي يتم إنشاؤه من قبل الناشرين والمحررين المحترفي. ورصد التقرير عدة تحديات تواجه زيادة المحتوى العربي الرقمي على الإنترنت، كان من أهمها: 1 تحقيق الربح: يعتمد أغلب مزودي المحتوى الرقمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الإعلانات للحصول على العائدات، ومن التحديات التي تنطوي عليها هذه الطريقة والتي أشار إليها رواد الأعمال والمستثمرون إن وكالات الإعلان تقوم بشكل تدريجي بنقل منشوراتها غير الرقمية إلى الإنترنت لمواكبة الزيادة الكبيرة لعدد المستهلكين الإلكترونيين. وفى المقابل يواجه مزود المحتوى محدودية الفرص المتاحة لتوليد الدخل من خلال الإعلانات. 2- تحدي الحوكمة: والمقصود به شبه انعدام للقوانين والأنظمة التي تدعم مزودي المحتوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حتى في حال وجود قوانين لحماية حقوق الطبع والنشر في بعض الدول، فان خبراء المحتوى الرقمي العربي يشيرون إلى أن البيروقراطية والتكاليف القانونية المرتبطة بالحصول على الحماية ومكافحة القرصنة مرتفعة للغاية، هذا إلى صعوبة معرفة ماهية المحتوى المسموح به قانوناً على مستوى كل دولة. 3-الموهبة والنوعية: يشير مزودو المحتوى والمستثمرون إلى أن الوصول إلى المواهب المحلية يعد تحدياً مهماً أمام المحتوى العربي الرقمي، وربما يؤدى نقص المواهب (المختصة بإنشاء محتوى جيد، وأصحاب المهارات التقنية) إلى تدني الجودة، ما يعيق مباشرة النمو في هذا المجال، ويمكن لهذه القيود إعاقة استراتيجيات تحقيق الربح والتمويل، والتي تعد مشكلة ليس فقط لمزودي المحتوى، ولكن للمستهلكين أيضاً، فبحسب إحصاءات عام 2012 أشار 48% من الشباب العربي إلى عدم رضاهم عن نوعية المواقع المحلية. وبالرغم من التحديات التي نوقشت في الدراسة المختصرة، إلا أن هناك العديد من الفرص المتاحة لإثراء المحتوى الرقمي العربي في قطاعات جديدة مثل الصحة واللياقة البدنية والتغذية، فهي قطاعات لم تكتشف بصورة شاملة حتى اليوم، إضافة إلى المحتوى الأكاديمي المصمم لطلبة المدارس الثانوية والجامعات، إلى جانب منصات الكتابين الإلكتروني والصوتي وهي مجالات لم تطور بشكل كاف، ومن الممكن إتاحة فرص جديدة مهمة عن طريقها لإثراء المحتوى الرقمي العربي. دروسي صفوف إلكترونية لطلبة الابتدائية أشارت جويس باز، مديرة قسم الاتصال في غوغل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى عدة مبادرات لدعم المحتوى العربي الرقمي ،ومن أهمها برنامج سفراء غوغل في الجامعات العربية التي تختار 100 طالب كل عام من مختلف الجامعات بالوطن العربي، وتوفر لهم فرص التدريب على التسويق الإلكتروني، والتقنية الحديثة وإنشاء المواقع، وكيفية إثراء المحتوى العربي الجاد، وكثير منهم ينضم إلى غوغل بعد التخرج. وأشارت إلى اهتمام الشركة بالمبادرات الخاصة في كل دولة بما يراعي خصوصياتها، ومنها مبادرتها الحديثة بعنواندروسي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، والتي وفرت صفوفاً إلكترونية مبتكرة لطلبة المرحلة الابتدائية. أما عن أحدث مبادراتغوغل لدعم المحتوى الرقمي العربي، فأشارت باز إلى مبادرتين أولاهما برنامج أطلق أخيراً لمشاركة الصور وأتيح باللغة العربية يوم إطلاقه بالإنجليزية. إضافة إلى محطةأفلام على يوتيوب، وهي محطة خاصة مهمتها حفظ التراث السينمائي الكلاسيكي المصري بعد الحصول على حقوق شرائه. وتعرض القناة أكثر من 1500 فيلم بدرجة عالية الجودة. مسؤولية الشركات والأفراد والمؤسسات حول طبيعة ونوعية هذا المحتوى العربي الرقمي قال د.فايق عويس: إن "غوغل" معنى بالدرجة الأولى بتقديم منصة داعمة للغة العربية للأدوات والتطبيقات التي تساعد المستخدم العربي في النفاذ إلى المحتوى المكتوب الذي لا تتدخل في تحريره أو إنشاؤه، مشيراً إلى أنها مسؤولية الشركات والأفراد والمؤسسات المختلفة، وأن اختلاف مساهمة كل دولة في المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت يعود إلى عدة أسباب أهمها عدد السكان، ومستوى التعليم، وإمكانية الوصول إلى الإنترنت وغيرها. وضرب عويس مثلاً بالتطور الكبير الذي حققه موقع "ويكيبيديا" في نسخته العربية التي ارتفع عدد المقالات المنشورة عليه من 125 ألف مقال عام 2010 إلى 260 ألفاً عام 2013، وبالمثل ارتفعت المشاهدات الشهرية للصفحة من 85 مليوناً إلى 135 مليوناً خلال العامين 2011 و2012، وبالرغم من الزيادة الملحوظة إلا أن هذه الأرقام لا تزال ضعيفة مقارنة باستخدام الموقع في نسخته الإنجليزية والتي سجلت 18 مليار مشاهدة في الشهر خلال 2013. وبمقارنة محتوى "ويكيبيديا" العربي مع اللغات العالمية، فإنها تحتل المرتبة 13 بين 140 لغة. جهود الإمارات ثمن د. فايق عويس، مسؤول الترجمة والتعريب في "غوغل الشرق الأوسط "، الاهتمام الخاص الذي توليه الدولة لحماية اللغة العربية، بخاصة مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي للغة العربية. وعبر عن سعادته الغامرة بعد فوز فريق غوغل الشرق الأوسط بجائزة المبادرة عن محور التكنولوجيا، وأكد الاستعداد للمشاركة والتعاون مع كل المبادرات الحكومية، والخاصة، وحتى التي يطلقها أفراد مهتمون باللغة العربية لزيادة المحتوى العربي الرقمي على الإنترنت. وفى هذا الإطار، أشار إلى مشروع أرشيف تأسيس الإمارات الذي ينفذه معهد غوغل الثقافي، والمشروعات المهمة لتوفير خدمة التجوال الافتراضي ثلاثية الأبعاد لعدد من أهم المعالم السياحية بالوطن العربي خاصة برج خليفة، وأهرامات الجيزة.