تجد الدول المنتجة للنفط نفسها امام خيار صعب سياسيا، لكن تراجع عائداتها بسبب انخفاض اسعار الخام يجعلها مضطرة لتقليص نفقاتها وخصوصا دعم اسعار المحروقات. فقد اعلنت السلطات في الامارات العربية المتحدة احدى اكبر الدول المهمة المنتجة للنفط في العالم الاربعاء رفع الدعم الحكومي عن اسعار الوقود والديزل اعتبارا من اب/اغسطس. وقالت وزارة الطاقة في بيان ان سياسة التسعير الجديدة ستخضع للمراجعة الشهرية، وستحدد على اساس الاسعار الدولية. ويبلغ سعر الوقود في الامارات حاليا 1,83 درهما (50 سنتا) والديزل 2,35 درهما (64 سنتا). وقال الخبير النفطي بيار تيرزيان مدير مجموعة بتروستراتيجيز في منطقة الخليج انه البلد الوحيد الذي يذهب الى هذا الحد (...) وهو استثناء ايضا في منطقة اوبك منظمة الدول المصدرة للنفط. والى جانب الالتزامات المالية، تستعد الامارات بجد لمرحلة ما بعد النفط باهداف طموحة في مجال تطوير الطاقات المتجددة. وقال تيرزيان ان الدول الاربع التي تسجل ادنى اسعار للمحروقات هي اربعة بلدان اعضاء في اوبك: فنزويلا وليبيا وايران والجزائر. وكلها تدعم بشكل ما الاسعار المتدنية للمحروقات. لكن في الاشهر الاخيرة اعادت بعض الدول النظر في هذه السياسة عبر خفض الدعم ان لم يكن الغاؤه بالكامل. وفي كانون الثاني/يناير بدأت الكويت بيع الكيروسين باسعار السوق لكنها ابقت الدعم على اسعار الوقود. واعلنت البحرين وسلطنة عمان ايضا انهما ستخفضان الدعم للمشتقات النفطية. وفي ايران، الغت الحكومة في نهاية ايار/مايو كمية الستين لترا المدعومة لبعض سائقي السيارات وحددت اسعارا موحدة للجميع. ويبلغ سعر لتر الوقود بين 31 و37 سنتا والديزل تسعة سنتات من اليورو. وقبل شهر من ذلك، قررت انغولا خفض دعمها للمحروقات الذي يبلغ اربعة مليارات دولار سنويا. لكن هذا الخيار صعب. فخلافا لدول الخليج حيث القدرة الشرائية مرتفعة، يلعب دعم المحروقات في عدد من الدول المنتجة دورا مهما في حفظ السلام الاجتماعي والقدرة الاقتصادية التنافسية. ففي 2013، ادى قرار السودان رفع الدعم عن المحروقات الى تظاهرات قمعها النظام بعنف. والامر نفسه حدث في نيجيريا في 2012 حيث اضطر الرئيس غودلاك جوناثان لاعادة الدعم لاسعار المحروقات جزئيا. وفي فنزويلا حيث تحتكر الدولة توزيع المحروقات، تبقى اسعار البيع اقل من كلفة الانتاج والتسويق. الا ان الرئيس نيكولاس مادورو كما سلفه هوغو تشافيز، رفض باستمرار زيادة الاسعار مع انه تحدث منذ بداية الازمة الاقتصادية في بلده عن مراجعة ضرورية لاسعار الوقود في اطار حملة في في الصحافة والتلفزيون. لكنه لم يذهب ابعد من ذلك. وفي الجزائر تفكر الحكومة ايضا في الغاء الدعم لمواجهة تراجع العائدات النفطية. وقد ترفع الاسعار او تحدد سقفا للاستهلاك باسعار مدعومة. ويشجع انخفاض الاسعار على التهريب. ففي الجزائر يتم تهريب النفط الى المغرب او تونس حيث يباع باسعار اكبر. وفي نيجيريا البلد المستورد للمحروقات ويقدم دعما ماليا للمستوردين والموزعين من اجل المحافظة على ثبات الاسعار في المحطات، يعتبر هذا النظام مشجعا على الاحتيال اذ ان بعض المستوردين متهمون بتضخيم حجم المحروقات التي يسلمونها. وقال تيرزيان انه يجب ايجاد مستوى للاسعار لا يؤثر على القدرة الشرائية للسكان ولا يعرض القدرة التنافسية للاقتصاد للخطر لكن بدون تشجيع الناس على التبذير. وهو يشير بذلك الى اضرار الاسعار المخفضة جدا التي تدفع الى زيادة الاستهلاك وتقلل امكانيات تصدير النفط والغاز وبالتالي عائدات البلاد.