×
محافظة المنطقة الشرقية

المنامة يهزم الفتح السعودي ويحقق العلامة الكاملة عن جدارة واستحقاق

صورة الخبر

الشاعر الفرنسي آرثر رامبو، لم تتوقف عبقريته في الشعر لدرجة أنه يعتبر أحد الآباء المؤسسين للسوريالية إضافة إلى بودلير ونرفال لعمق تجربته الشعرية برغم صغر سنه ووفاته في سن السابعة والثلاثين، وإنما لرؤيته الفريدة للشعر كإبداع إنساني يتطور بفعل تجارب الإنسان/ الشاعر ذاته والمرايا التي يخترق مداها على مر حياته. ولعل المرحلة الأكثر جنونا في حياة رامبو، هي تلك المسماة (الملعونة) حيث لم يكن يميّز فيها بين الواقع والهلوسة في قصائده النثرية، نتيجة مرحلة بوهيمية عاشها لا تقل جنونا عن نصوصه. وهو ما جعله لاحقا، يعيد النظر بإنتاجه الشعري، ويتجه للرؤية الكونية كما جاء في رسالته المعنونة بـ (رسالة الرائي) عام 1871، فجاء في مقدمتها عبارة تحمل عمقا في رؤيته (الأنا شخص آخر)، ليرى أن الشاعر: «عليه أن يعرف نفسه معرفةً كلّية، أن يبحث عن نفسه، يتفقدّها، يغويها، يتعلمها. وحالما يعرفها عليه أن يرعاها». ويشترط رامبو الاختلال لكل مفاهيم المرء للحياة من حوله عبر كل الحواس لكل أشكال الحب، الألم، الجنون، من أجل الوصول إلى الجوهر في كل منها، ليكون رائيا فعلا. ولأنه يدرك الغامض في هذه الحياة، ستعتبر الكل متمردا ثائرا، وربما ملعونا. ليعلق رامبو عن ذلك الاكتشاف الذي يصل له الإنسان/ الشاعر بأن: «الإنسانية كلّها في عهدته، حتّى الحيوان. عليه أن يجعل اكتشافاته، تُشم وتُحس وتُسمع. فإذا كان الشيء الذي أتى به من هناك له شكل، أعطى شكلاً، وإذا كان بلا شكل، أعطى اللا شكل». وحول لعنة الشعر في حياة الشاعر، نحيل القارئ الكريم إلى كتاب (قوة الشعر) للشاعر والناقد الانكليزي جيمس فنتن الذي طرح فيه أسئلة كثيرة، لا يمكن اختصار إجابات لها بسطر واحد، لاسيما وأنها من ناقد معروف كفنتن له دراسات موسعة حول الشعراء وشعرهم، طرح نماذج عنهم في كتابه الذي تناول الشعرين الانكليزي والأميركي، ليرصد من خلالهما الأحاسيس التي كانت تتداخل كما يفترضها أو يتوصل إليها وهو يتناول هذه النماذج بالقراءة والتحليل. ولعل من هذه الأحاسيس علاقة الشاعر بالشعر نفسه، حيث يستمد اصالته كشاعر منه وبقدر تماهيه مع الشعر، شريطة الصدق والقلق مع الذات، لا تعاليه عليها. بعد هذا الحديث، وعبر قراءات كثيرة للشعر بمختلف أسماء شعرائه ودواوينه، نتساءل عن هذا العالم المجنون من حولنا بكل صوره المتزاحمة في أحاسيسنا، حيث غلبت المشاعر الزجاجية حدا لا يمكن المخاطرة بأدنى تصرف لا تعرف نتائجه بين علاقات البشر. فباتت الكلمة قذيفة من النوع الثقيل الخطير لا ترتد، قد تنحرف عن مسارها كثيرا فتصيب هدفا غير مقصود بالخطأ، فتخلف دمارا مؤلما بعدما كان عامرا بالحب، وهنا، لايستكين المرء إلا بما يثيره قلق الشعر، الحب، الحياة. نختار من رامبو ما قاله في قصيدة (المركب السكران): في هدير مد البحر وجزره الغاضب أنا الشتاء الآخر الأكثر صمما من عقول الصبيان جريت! ولم تحتمل شبه الجزر المنطلقة اختلاطا وفوضى أكثر انتصارا باركت العاصفة يقظاتي البحرية أخف من سدادة فلين رقصت فوق الموج لينادوا الناقلين الأبديين للضحايا عشر ليال دون تحسر على عين المشاعل الحمقاء! ومذ ذلك الحين وأنا أستحم في قصيد البحر منقوعا بالنجوم، ولبنيا ملتهما اللازوردات السماوية حيث طوف السفينة الشاحب مشرقا بالفرح غريقا متأملا ينحدر أحيانا والعاقبة لمن يعقل ويتدبر. * كاتب وناقد كويتي @bo_salem72