×
محافظة المدينة المنورة

انطلاق فعاليات الاندية الموسمية بطيبة

صورة الخبر

شكل الفعل الأدبي الإماراتي خلال عقود نهوضه الثلاثة الماضية حالة تفاعل مع مختلف التجارب الأدبية الرائدة من مختلف بلدان العالم العربي والعالمي، وانفتحت الساحة الإماراتية أمام أسماء أدبية عربية لها تاريخها الطويل في الحراك الثقافي العربي، إضافة إلى مشاريع الترجمة التي راحت تتسابق لتقديم متغيرات الحالة العالمية للمثقف الإماراتي والعربي. يمكن القول إن الحركة الأدبية الإماراتية ظلت مشغولة طول تلك الفترة في تحقيق التجانس والتماهي الفاعل بينها وبين مختلف مراكز الفعل الأدبي في العالم العربي والغربي، والعمل بجهد لافت لمواكبة ما يجري من خلال شهية الأدباء الإماراتيين لقراءة جديد الإصدارات العربية من رواية، وقصة، وشعر، وفكر، وهذا تبدى بالرجوع إلى مختلف الملاحق الثقافية للصحف المحلية، والمجلات المتخصصة، حيث بدت منهمكة في تقديم التجارب العربية والعالمية إلى المشهد الإماراتي. السؤال الذي ينبغي طرحه اليوم بعد مختلف التغيرات التي مر بها الحراك الثقافي الإماراتي، هل أثمرت تلك الحالة النشطة في تشكيل هوية إبداعية وأدبية إماراتية قادرة على الاعلان عن نفسها بوصفها منتجا له خصوصية إبداعية واضحة المعالم؟ وهل شكل نهوض المنتج الأدبي الإماراتي جودة نصية وإبداعية تدفع القارئ العربي والأجنبي لقراءة ومتابعة ما ينتج محلياً؟ وإن كان ذلك تحقق هل ظهرت بوادر تيارات ترجمة عكسية للأدب والشعر الإماراتي؟ وهل بات القارئ بالإنجليزية أو الفرنسية قادرا على قراءة الأدب الإماراتي ورسم صورة خاصة له؟ أسئلة كثيرة تفرضها متغيرات الحالة الراهنة للثقافة الإماراتية، خصوصاً مع حالة التغير الاجتماعي التي شهدتها الدولة ضمن حالة تفاعل كامل، شكلت الثقافة فيه عماده وأساسه، وانعكس ذلك على النص الإماراتي رواية كانت أو قصيدة، أو قصة، أو غيرها من الأجناس الإبداعية، انعكس في محاور عديدة منها على صعيد الموضوع، والبنية، والتقنية، وحتى على صعيد اللغة. لذلك يجد المتابع للأدب الإماراتي وما ينتج محلياً أن الحالة العامة تسير في فضاء متجدد بصورة متلاحقة تخرج من إطار المضامين الجاهزة والرؤى التقليدية إلى الموضوعات الراهنة والجريئة، فتغوص عميقاً في قضايا المجتمع الإماراتي الذي يشكل نسيجه هوية منفردة محكومة بالتراث واللغة والدين والعادات والمكتسبات المتوارثة. كل ذلك رسم هوية خاصة للأدب الإماراتي وجعل منه كتلة واضحة المعالم تشغل حيزاً ملموساً في ساحة الأدب العربي الواسعة، فبات يحمل المقومات كاملة لنقله إلى الثقافات الأخرى وترجمته إلى اللغات الحية، وبالتالي دفع الكاتب الإماراتي وتشجيعه للوقوف في مساحة الأدب العالمي كما فعل قلة من الكتاب والأدباء العرب. يمكن التساؤل في هذا الراهن ما الذي قدمته الساحة الأدبية من ترجمات للغات لعالم الحية؟ ومنذ متى بدأ الالتفات إلى ضرورة تصدير المنتج الأدبي للعالم لفرض وجود جغرافي أدبي عالميا؟ وهل إن كانت هناك جهود بذلت في هذا السياق حققت هدفها؟ يكشف تاريخ ترجمة الأدب الإماراتي عن سلسلة من الجهود بعضها يدور في الإطار الفردي والأهلي والآخر يأتي بشكل رسمي ومؤسسي، حيث بدأت الجهود الفردية بشكل أبكر مما بدأت في المؤسسات الثقافية، فكان من ذلك الترجمات المبكرة التي قدمها الدكتور شهاب غانم مثل أصداف ولآلئ، قصائد لشعراء من الإمارات مترجمة إلى الإنجليزية مطبعة ديرة، دبي،1996، ليلحق ذلك الجهد الفعل المؤسسي والمبادرات الثقافية، التي كان من نتاجها ما جاء تحت عنوان لآلئ وتمرات، قصائد من الإمارات مترجمة إلى الإنجليزية والسلوفاكية، وهو من إصدار المجمع الثقافي في أبوظبي،2003 ومع الحبارى والبجعات الذي تضمن قصائد لشاعرات إماراتيات مترجمة إلى الإنجليزية، وأصدره اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات 2005، وقصائد من الإمارات، وهي ترجمة إنجليزية أصدرتها وزارة الإعلام والثقافة في عام 2006،. وكان من الجهود اللافتة في مجال ترجمة الأدب الإماراتي كتاب أنطولوجيا الشعر الإماراتي باللغة الفرنسية، وهو سجل انتقائي لنماذج لاثنين وثلاثين كاتباً معاصراً صدر 2008 بالتعاون بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع واتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وأنجز الترجمة رجاء ملاح وشاكر نوري بتكليف من الاتحاد، وأصدرته دار لا مارتينه في باريس. والكتاب هم: صالحة غابش، ناصر جبران، جعفر الجمري، كريم معتوق، إبراهيم محمد إبراهيم، إبراهيم الهاشمي، منى مطر، جمعة فيروز، حارب الظاهري، ظبية خميس، ثاني السويدي، سعد جمعة، أسماء المزروعي، خلود المعلا، شهاب غانم، الهنوف محمد، عبد العزيز جاسم، ميسون صقر، حبيب الصايغ، خالد الراشد، عادل خزام، عبد الله محمد السبب، هاشم المعلم، خالد البدور، إبراهيم الملا، محمد المزروعي، أحمد محمد عبيد، نجوم الغانم، علي العندل، أحمد راشد ثاني، عارف الخاجة، وظاعن شاهين. هذه الجهود التي ما زالت تحتاج إلى تكثيف ودعم أكبر تخلو من ترجمات روائية للكتابة الإماراتية إلى لغات عالمية، لذلك يمكن القول إن الأدب الإماراتي لم يلق حقه من الترجمة للغات العالم الأخرى؟ وما زال يكتفي بترجمات شحيحة تكتفي بالنصوص القصيرة والقصائد التي تصدر ضمن مؤلفات تجمع عشرات الكتاب من مختلف الأطياف والتيارات الأدبية.