في إطار مسعاها «الاستراتيجي» لرفع الدعم عن السلع والخدمات أو تقليصه بالاستناد إلى دراسات شاملة قبل مضيها في زيادة أسعار الكهرباء والماء والبنزين، لجأت وزارة المالية إلى شركة «إرنست أند يونغ» لتقديم دراسة بهذا الخصوص. وقدمت «إرنست أند يونغ» تصوراً (حصلت «الراي» على نسخة) حول الإصلاحات الممكنة لنظام الدعم للجنة تقنين الدعم الحكومية للسلع الرئيسية المشكلة برئاسة وكيل وزارة المالية خليفة حمادة، باعتبار الشركة المستشار المعيّن من قبل وزارة المالية لدراسة أسعار السلع والخدمات الحكومية. وبذلك بات أمام اللجنة 3 عروض للمفاضلة من بينها: البنك الدولي، معهد الأبحاث، «إرنست أند يونغ». إصلاح نظام الدعم أوضحت دراسة «إرنست أند يونغ» ان تحقيق الكويت فائضاً مالياً تاريخياً يعود إلى ارتفاع أسعار النفط (107 دولارات للبرميل) وصادرات البلاد من مصادر الطاقة (113 مليار دولار). وعلى الرغم من ان الوضع المالي قد بدأ بالتراجع بعد هبوط أسعار النفط، إلا ان النفط ليس العامل الوحيد الذي ساهم في هذا التراجع. فقد تراجعت الميزانية المالية الكويتية بحلول 2009، ومن المتوقع ان تشهد مزيداً من التراجع ما بين 2009-2015 حتى في حال محافظة أسعار النفط على أعلى مستوى وصلت إليه في 2014، وذلك بسبب زيادة نفقات الميزانية وارتفاع مستويات الدعم في البلاد. كما تساهم تقلبات أسعار النفط في بقاء الاقتصاد الكويتي هشاً نظراً لاعتماده الكبير على الإيرادات النفطية. ولفتت إلى ان الدعم الكويتي يحقق ارتفاعاً بمعدل نمو سنوي مجمع عند 2 في المئة، تشكل دعومات الطاقة نحو 15 في المئة من إنفاق الميزانية الإجمالي. وخلال فترة (2011 /2012) - (2013 /2014) شكل دعم الطاقة أكثر من 70 في المئة من إنفاق الدعم الإجمالي، مدفوعاً بشكل أساسي بدعم الوقود لأهداف توليد الكهرباء، التي تشكل أكثر من 50 في المئة من دعومات الطاقة. وشددت «إرنست ويونغ» على ان الدعومات المخصصة للطاقة والمأكولات غالباً ما تشكل الفئتين الأبرز في أنظمة الدعم المتبعة في معظم الدول، مشيرة إلى وجود عدد من الأدوات التي يمكن استخدامها لتحسين كلفة الدعم، وبالتالي تخفيض الأعباء التي تتكبدها الحكومات. الطاقة أما في ما يتعلق بدعم الطاقة فقد اقترح التقرير عدداً من الوسائل من بينها: - إلغاء التعرفة الموحدة وتصميم سياسة تسعير تعتمد على الاستهلاك حصراً. - تحديد الأهداف المستفيدة (على غرار الأفراد والشركات والحكومات) وتصميم آلية تسعير لمختلف الفئات. - تحفيز المستهلكين وتشجيعهم على استخدام مصادر الطاقة الخضراء على غرار الطاقة الشمسية. - تصميم آلية تعويض وقنوات تسليم على غرار التحويلات المالية للعائلات دون مستوات معينة. أما في ما يتعلق بدعم المأكولات، فاقترح التقرير ما يلي: - تجزئة المستهلكين المستهدفين بالاعتماد على مجموعات الدخل وتعريف حجم الدعم الذي سيتم تقديمه على سبيل المثال تقديم دعم بنسبة 100 في المئة على السلع الأساسية بالاعتماد على قيمتها المستحقة لفئات الدخل المنخفض. - مراجعة المأكولات المدعومة وتحديد حجم الدعم الذي يتم توفيره على غرار رفع الدعم عن حليب البودرة. - تحديد حجم الدعم لكل فئة مستهدفة على غرار توفير 5 كلغ من السكر الدعوم لفئة الدخل المنخفض شهرياً، على ان يدفع المستهلك سعر السوق لكل كيلو فوق هذه الكمية. مفتاح للتغيير وتابع التقرير أنه «على الرغم من ان الكويت تمتلك رابع أعلى نصيب للفرد من استهلاك الطاقة في العالم، فإنها تمتلك أحد أدنى سعر للتر الطاقة عالمياً، ما يؤدي إلى تعزيز مبدأ التبذير بين المستهلكين وينعكس سلباً على البيئة. ويقدر دعم الطاقة في الكويت نحو 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، متخطياً المعدل العالمي الذي يقدر بنحو 0.7 في المئة. وفي ما يتعدى الفوائد المالية الواضحة لإعادة النظر في دعومات الطاقة، فإن إجراء أي إصلاح سيعزز أمن الموارد من خلال تشجيع المستهلكين على اعتماد سلوك أكثر عقلانية تجاه موارد الكاربون التي باتت أقل ندرة. وبالتالي من خلال تشجيع التحول نحو استهلاك طاقة أكثر كفاءة، فإن هذا يمكن ان يؤدي إلى زيادة استثمارات القطاع الخاص في مجالي التكنولوجيا والإبداع». وأكد التقرير على ارتباط السلوك الاستهلاكي للفرد بشكل مباشر بالأسعار، مشيراً إلى دبي كمثال. فقد عمدت هيئة كهرباء ومياه دبي إلى زيادة أسعار المياه والكهرباء في 2011، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط والغاز عالمياً، ما أدى إلى تحقيق عدد من الفوائد خلال 3 سنوات ومنها تخفيض 4 في المئة في استهلاك الكهرباء و9 في المئة في استهلاك المياه، أي تخفيض نحو 500 ميغاواط من الطاقة ما يساوي عدم الحاجة إلى محطة عادية لتوليد الغاز لمدة ستة أشهر، وتخفيض 940 ألف طن سنوياً من انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون أي ما يساوي التخلص من 165 ألف سيارة تسير على الطرقات سنوياً، وتوفير نحو 216 مليون درهم سنوياً من الإنفاق الحكومي جرّاء تخفيض الدعومات. نظرة اقتصادية رأى التقرير أن الممارسات المتبعة حالياً في قطاع الطاقة ليست مستدامة، خصوصاً أنه لم يتم اتخاذ أي خطوة لتعافي كلفة إنتاج الكهرباء والمياه، معتبراً أنه «في حال نجحت الكويت في تخفيض استهلاك الطاقة إلى مستويات دبي نفسها، ستتمكن الحكومة الكويتية من توفير نحو 241 مليون دولار سنوياً». وبالاستناد إلى تجربة دبي، فإن إحدى طرق تخفيض الاستهلاك هي عن طريق اعتماد نظام تسعير يعتمد على الاستهلاك، ما قد يؤدي إلى إنتاج إيرادات إضافية يمكن استخدامها للاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة. وذكر التقرير انه بحلول عام 2012، فإن نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في الكويت كان يفوق نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في دبي بنحو 5 في المئة، في حين يتعدى استهلاك المياه في الكويت معدلات استهلاك المياه في دبي بنحو 18 في المئة في الفترة نفسها. 4 مراحل مختلفة اقترحت «إرنست أند يونغ» مقاربة هيكلية لإصلاح نظام الدعم، آخذة بعين الاعتبار العوامل الحاسمة التي ساهمت بنجاح العملية الإصلاحية بحسب بعض التجارب العالمية، مشيرة إلى ان هذه المقاربة تقوم على أربع مراحل مختلفة وهي: 1 - فهم أهداف السياسة وتحليل فئات الدعم، وفهم طريقة تجزئة المستفيدين وآليات الدعم. 2 - فهم كلفة الدعم لمختلف المواد المدعومة بالنسبة للحكومة. 3 - تحديد القيمة السوقية العادلة لكل مادة (حيث يمكن) من أجل تحديد السقف الأساسي. 4 - إجراء مقارنة مرجعية تعتمد على الكمية حول معايير الدعومات الأساسية من أجل فهم المضمون الكويتي مقابل اللاعبين الإقليميين والعالميين. 5 - إجراء دراسات حالة لفهم أبعاد الإصلاح ومن ضمنها الحجم والوقت وآليات التعويض. 6 - جمع ممارسات قابلة للتطبيق في الكويت والدروس المستفادة من الإصلاحات العالمية الناجحة وغير الناجحة. آلية التنفيذ 1 - تحديد آلية حوكمة إصلاحية (على غرار الهيكلة المطلوبة، والأفراد، والأعضاء، ومرحلة التقييم). 2 - وضع خارطة طريق للتطبيق من خلال الدعومات، وجدول المستفيدين، وتحديد مراحل نظام إصلاح الدعومات الإجمالي بالاعتماد على السيناريوات المختلفة. 3 - تحديد آلية تحفيزية عبر وضع إطار تواصل يتضمن قنوات التواصل والجمهور المستهدف والتردد. تصميم إطار إصلاحي 1 - تأسيس رؤية إصلاحية 2 - التأكيد على الأهداف السياسية الجديدة للدعومات 3 - التأكيد على فئات إصلاح الدعم 4 - التأكيد على الفئات المستهدفة المختلفة 5 - تحديد الإطار الإصلاحي 6 - وضع نظام استحقاق يعتمد على فئات الدعم التي تتضمن البضائع المستحقة، والبضائع المستحقة المحايدة 7 - تصنيف البضائع المدعومة بالاعتماد على قيمة الاستحقاق 8 - تحديد حجم الدعم، أي قريب أو أدنى من سعر السوق العالمي9 - تحديد أفضل البدائل لسياسة الدعم 10 - تحديد الأهداف المستفيدة وشروطها 11 - الأخذ بعين الاعتبار برامج شبكات الأمان وفترات السماح للقطاعات الأساسية ما يوفر الوقت للتحول 12 - تصميم آلية تعويض وقنوات تسليم لكل فئة دعم 13 - احتساب التأثير الاقتصادي والمالي والاجتماعي لإطار الدعومات الجديدة من خلال سيناريو تحليلي يبين تأثيره على الحكومة 14 - احتساب ما يمكن أن توفره الحكومة الكويتية من خلال تبني أفضل سيناريو ممكن