×
محافظة الرياض

الخرج تحتفل ببقاء الشرق في دوري الثانية

صورة الخبر

لعله من المصادفة أنك عندما تقرأ خبرين في أسبوع واحد، وكلا الخبرين ينبعان من منبع واحد، ويعودان إلى مصب واحد، فهو أمر طبيعي، ولكن ما إن تقرأ هذين الخبرين، فإنها ثمة علامة تعجب، حتى تنبع من عقلك لتعبِّر عن استغرابك لما يحدث على ذلك السطح، أو هذا المحيط، وهذا ما حدث معي ـ قبل أيام ـ عندما قرأت خبرين تم نشرهما و تداولهما بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي. الأول: وفقا لما نشرته إحدى الصحف المحلية، فإن إمارة منطقة تبوك، طالبت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بتفعيل مبدأ "الستر على الفتاة" عند ضبطها في حالة خلوة مع أحد الشباب، تحقيقاً للمصلحة العامة. والثاني: وفقا لما نشرته إحدى القنوات العربية، فإن وزارة العدل تدرس مشروعاً يُمكّن المرأة السعودية من التعَرّف على ماضي زوجها قبل عقد القران عند مأذوني الأنكحة من خلال إطلاع الفتيات على قاعدة بيانات لطالب الزواج منهن عبر السجل الأمني والقضائي والصحي، ضمن خطة مشروع تهدف إلى التقليل من معدلات الطلاق بعد الزواج نتيجة تفاجؤ الزوجة بحقائق لم تكن تعرفها وتجهلها عن الزوج سابقاً. أحد التعليقات الخفيفة والظريفة التي جاءتني على "واتس أب" عن الخبرين: "طيب والزوج مو من حقه يعرف عن ماضي زوجته"!!، و تعليق ثان: "طيب الستر بس للفتيات"!. الأسئلة المطروحة: لماذا لا يتم الستر على طرفي العلاقة على حد سواء، بدلا من اختصاص الفتيات بالستر والشباب بالفضيحة؟! لماذا لا يتعرف طالب الزواج، كونه أحد طرفي العلاقة، على السيرة الذاتية للزوجة بدلا من الاكتفاء فقط بتعرف الفتاة على ماضي الزوج؟ هذه الأخبار تؤكد بكل وضوح، أن مجتمعاتنا ما زالت تنظر إلى الرجل على أنه درجة أولى، والمرأة درجة ثانية في التراتبية الاجتماعية، فمكانتها في معظم مجتمعاتنا تأسست على أيدولوجية الفروق الصارخة بين الجنسين، فالرجل "ما يعيبه شيء"، إذا تم فضحه، فهو بالنتيجة رجل، بعكس المرأة، فهي العيب كل العيب وهي الأنثى التي إذا أخطأت فالويل كل الويل لها، لأنها جلبت العار، فلا بد من غسله بالدم على قاعدة "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يراق على جوانبه الدم". والأمر الذي يدعو للغرابة أيضا، أننا لا نسمع مقولة الشرف والستر إلا مرتبطة بالأنثى! ولا أعلم أين الذكر في قصة الشرف هذه؟ أعتقد أنه ليس هناك شيء اسمه شرف العائلة بحيث يُسيء فرد من العائلة إلى شرف العائلة كلها، كل إنسان يتحمل شرفه بنفسه "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، فالشرف فردي والمسؤولية فردية، وتزداد الغرابة عندما تقوم المرأة بفعل حسن يتم وصفها بأنها "أخت الرجال"، ولا أعرف من أين جاءت هذه المقولة! ولكنها تأتي ضمن سياق المجتمع الذكوري، فالأنثى في نظر مجتمعاتنا ضعيفة مسكينة لا حول لها ولا قوة عديمة الأهلية، غير قادرة على تقرير مصير حياتها؛ فالتشريعات الخليجية والعربية لا تزال تعد الطلاق مثلا حقا مطلقا للرجل لا ينازعه فيه أحد، بحيث إن من حق الرجل قانوناً أن يطلق زوجته لأي نزوة عابرة ويرمي بها في الشارع، بل إن بعض التشريعات تجعل طلاق الرجل لزوجته ولو مازحاً أو سهواً أو خطأ طلاقا حقيقيا. لقد طالب المصلحون بتقييد الحق المطلق للرجل في الطلاق بأن يكون أمام القاضي حتى نمنع التعسف ونقي الأسرة التشرد.