الثقة الزائدة بالنفس يمكن أن تؤدي إلى أخطاء وضياع للفرص، مثل الاستحواذ على شيء ضخم لم يكن من الصواب أن يحدث من الأساس، مثل صفقة هيوليت باكارد التي أدت إلى خسارة 8.8 مليار دولار. ومثل قضاء وقت طويل في إتقان التقنيات القديمة، مع إهمال التقنيات الجديدة، كما حدث في شركة مايكروسوفت تحت إدارة مديرها التنفيذي السابق ستيف بالمر، مما أدى الى فقد عائدات طائلة من وراء أجهزة الهاتف النقال والإعلام الاجتماعي، أثناء التركيز على إصلاح وتطوير نظام التشغيل ويندوز. الثقة بالنفس ليست شيئاً سيئاً بالتأكيد، فهي ضرورية. لكن من الضروري أيضاً المرونة ورحابة الصدر. المبالغة في الثقة بالنفس تعني البدء في إهمال الإشارات التحذيرية التي تخبرك مبكراً بأنك على خطأ. أنت لا تلقي بالاً لهذه الإشارات لأنها ببساطة غير موجودة بالنسبة لك. وأنت ترفض أن تضع احتمال أن تكون على خطأ. الثقة بالنفس تحمل نتائج أفضل عندما يتم توجيهها إلى قضايا أو جوانب تكون فيها خبيراً بالفعل. النتيجة الطبيعية لذلك في غاية الأهمية: رحابة الصدر والمرونة مهمتان جداً عندما تلعب دورا غير مألوف بالنسبة لك. لسوء الحظ، هذه الفروق الدقيقة لا يلاحظها الذين يعتبرون أنفسهم ستيف بالمر في هذا العالم. عامل الألفة لقد لاحظت من خلال عملي مع الشركات أنه بينما لا تنتقل الخبرة في مجال معين إلى مجال آخر، يعتقد الناس في العادة أن الخبير في مجال معين هو خبير بالضرورة في مجالات أخرى. وهكذا، ترى المديرة التنفيذية نفسها خبيرة في التكنولوجيا، ويعتقد الأستاذ الجامعي أنه يمكن أن يدير الجامعة أفضل من الإداريين فيها، ويستخدم نجم الرياضة تأثيره ليجبر المسؤولين على أن يضموا للفريق لاعبين يراهم الأفضل من وجهة نظره. وخشية أن تعتقد أن الثقة بالنفس هي المسؤول الوحيد، فكر بالعكس: أي فكر في التواضع. فالقادة المتواضعون ولكن الأكفاء في نفس الوقت يتوقعون من الناس أن يساهموا بأفكارهم، ويقوموا بدور المدرب والمعلم للفريق، ويتحينون الفرص لتقديم الاهتمام والرعاية للآخرين. التواضع لا يتيح فقط الفرصة لبروز نجوم آخرين، لكنه يقود إلى اتخاذ قرارات مدروسة مبنية على المعرفة التي يحملها الآخرون. لكن التواضع المبالغ فيه ليس أمراً محموداً أيضا. فهو تماماً كالثقة الزائدة بالنفس، يؤدي إلى نتائج سلبية. في دروب الحياة المختلفة، لا يوجد بديل لغريزة القتل. فالمنافسة تعني الصراع من أجل الفوز، ووجود لمسة من الاعتداد بالنفس ليست شيئاً سيئاً. ففي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً عن نجم دوري كرة القدم الأمريكي ستيفن كاري، وصفه مدربه بأنه متواضع ومتعجرف بنفس القدر. يمكنك أن تكون كلاهما، وعلى سبيل الجدل، أنت بحاجة إلى الصفتين معا أيضا. المهارة هي أن تجد الوقت الصحيح لإظهار التواضع، أو لإظهار الثقة بالنفس. مساعدة اللاعبين الآخرين في الفريق على تسجيل أهداف أمر جيد، وأمر جيد كذلك أن تقود اللعبة وأن تكون الأكثر تسجيلاً للأهداف. في عالم الرياضة، كما في عالم المال والأعمال، من الحماقة أن تظهر مهراً وسط الخيول الكبيرة. ماذا نستخلص من كل ذلك؟ إذا كنت مديراً أو مسؤولا، فلا تقع في الخديعة التي تتلخص في: كلما كان أكثر كان أفضل. كون التواضع والثقة بالنفس أمران محمودان، فلا يعني ذلك أن تبحث عن الذين يظهرون كفاءة في القيام بالشيء ذاته باستمرار وتكافئهم. إن كنت مبتدئاً في مجال عملك، وتحاول أن تتلمس طريقك، فعليك الحذر من النصيحة القائلة: ركز على نقاط القوة لديك. فهذه النصيحة لها معنى إلى حد معين فقط، وهذا الحد هو الذي يفصل الإدارة عن القيادة. ركز جهدك على أن تعرف حدود مهاراتك القيادية. وتأكد من أن التواضع يجعلك تكسب ود واحترام زملائك في العمل. لكن إذا أصبح التواضع صفة ملازمة لك فمن الصعب أن ترتقي في وظيفتك إلى مراتب أعلى. القادة الكبار يحملون تلك المفارقة، ويجمعون بين التواضع والاعتداد بالنفس. وكلما أدرك الطامحون إلى القيادة ذلك بسرعة يكون ذلك أفضل لهم. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.