كانت إجابـة الزعـيم الشيعي العراقي «مقتدى الصدر» على سؤال حول زيـارة رئيس وزراء العراق ــ وأن «المالكي» ذهب إلى واشنطن لاستجداء سلاح من أمريكا، وأن زيـارته كلفت ملايين الدولارات، وأنه ذهب دون إذن من البرلمان ــ الفتيـل الذي فجر الصراع بينه وبين رئيس الوزراء «نوري المالكي»، أو كما يقال بالعامية «كبو العشا». فـرد «المالكي» ببيان غاضب ولا عقلاني، وإن حاول أن يشرح أسباب الزيـارة، وأنها تدخل ضمن مسؤولية رئيس الحكومة، وأنه لا يوجد مانع دستوري لها، وأنها لا تحتاج إلى إذن من أحد. لكن الغضب والتهديد كانا واضحين في البيان، إذ اتهم «ميلشيات مقتدى الصدر» بأنها أشاعت القـتـل والخطف وسرقة الأموال في البصرة وكربـلاء وبغداد وباقي المحافظات. وطالب «المالكي» في بيانـه «الصدر» ألا يستخـف بعقول وذاكرة العراقيـين الذين يعرفون جيدا من قـتـل أبناءهم في ظل ما كان يسمى «بالمحاكم الشرعية» سيئة الصـيت، ومن الذي أخذ الأتـاوات والرشاوى، وشارك في الفتـنة الطائفية، قبل أن يختـم بيانه بـ «إن الـرد سيكون قاسيا على الصدر إن عاد مرة أخرى». من المؤكد أن مثـل هذا الـرد يـروق كثـيرا «للعربي الأصيـل والقديـم الذي لا دخل له في دولة المؤسسات والقانون» ، فالمؤيدون «للمالكي» سيؤكدون أنه «ألقمه حجرا» ، فيما أتباع «الصدر» سيلحون على «زعيـمهـم» ألا يسكت ، فليس من عادات العربي الأصيل ألا يثـأر. المضحك في كل هذا أن العقلانيـين العرب رغـم ندرتهـم ، والعقلاني العراقي تحديدا سيتساءل: هل «نـوري المالكي» لا يعرف أنه رئيس الوزراء، لهذا لـم يأمـر وزيـر الداخلية العراقي بالقبض على «الصدر وميلشياتـه» التي أشاعت القتـل والخطف وسرقة الأموال في البصرة وكربـلاء وبغداد وباقي المحافظات؟ أم هو ــ أي «المالكي» ــ لم يعد يتذكر أنه «رئيس الوزراء»، إذ إنه وبعد انتخابه رئيسا للـوزراء ، تحالف مع «التيار الصدري» لتشكيل الحكومة وقدم «سبع حقائب وزاريـة» لهـم ؟. المحـزن والمضحك والمثـير للحنـق أيضا، أن العقلاني العراقي سيعلق سؤالا على سماء العراق قبل أن يهاجر، مفاده: لماذا حدثت ثورة على «صدام ونظام البعث»، إن كان «قطاع الطرق» مازالوا يحصلون على المكاسب السياسية والحقائـب الوزاريـة، فيما الشعب العراقي يقتـل بالتفجـيرات، أو يموت جوعا إن لم يهـرب للخارج؟